بعد أكثر من أربع وخمسين ساعة من النقاش والعمل الجماعي الشاق والدؤوب، أسدل الستار على النسخة الأولى من "ستارت اَب ويك أند نواكشوط" ،حيث تنافس ستون شابا من رواد الأعمال والمطورين الموريتانيين، انخرطوا في عشرة مشاريع طموحة وكان يتعين عليهم اقناع لجنة التحكيم باختيار مشاريعهم حتى تحظى بالجوائز والتمويل. وتتكون اللجنة من رجال أعمال وخبراء في إدارة المشاريع وأكاديميين ومدربين. أسفر التنافس عن حصول مشروع "ريم للخدمات البيئية" على المركز الأول وجائزة قدرها مليوني أوقية (الدولار 292 أوقية). ويهدف المشروع إلى إعادة تدوير البلاستيك وتسويقه محليا ودوليا. وحل ثانيا مشروع "صحراء ستور"، وهو عبارة عن منصة إلكترونية لبيع المقتنيات الموريتانية التقليدية، وقد حظي هو والمشروع الأول على التمويل الشامل للفكرة. وحل ثالثا مشروع يهدف إلى تحسين منتوج النخيل في موريتانيا ومضاعفة إنتاجه.. وتنوعت بقية المشاريع لتشمل الزراعة والطاقة المتجددة والنقل والتجارة والتسوق والألعاب الالكترونية وتطبيقات الهواتف والترفيه.
لماذا ومن؟
يقول محمد عالي ولد بديوه أحد الشباب المنظمين للفعالية "إن الفكرة جاءت من أجل حث المواطنين على المقاولة ودخول عالم الأعمال وتشجيع الأفكار التجارية الطموحة، ولخلق جو أعمال مثمر، حتى يبدأ الشباب في خلق مشاريعهم وفرص العمل بأنفسهم دون انتظار وظيفة الدولة، وأن ينزع المواطنين إلى الاستثمار في أفكارهم الإبداعية. والفعالية موجهة لكل المواطنين الموريتانيين بدون استثناء". ويضيف "الفريق المنظِّم هو مجموعة من الأصدقاء، أغلبهم يدرس أو يعمل خارج موريتانيا لكنهم مؤمنون بضرورة العمل كرجل واحد من أجل المساهمة في تطوير قدرات الشباب الموريتاني، وقد فاجأنا كمّ الأفكار والحماس لدى المشاركين في النشاط، والتفاعل الجيد من قبل رجال الأعمال". وسبق أن قامت المجموعة المشرفة على فعالية "ستارت اَب ويك أند نواكشوط" بتنظيم فعالية Nouakchott Tedx التي أقيمت لأول مرة في موريتانيا في صيف 2013. تجدر الإشارة إلى أن فكرة المبادرة الجديدة انطلقت من الولايات المتحدة الأميركية سنة 2007، لأجل خلق جو من التلاقي بين أصحاب الأفكار ورواد الأعمال ومن يستطيع مساعدتهم من رجال الأعمال والمطورين، حتى يحققوا النجاح في أفكارهم ومشاريعهم. ويقع المقر الرئيسي للمنظمة غير الربحية في سياتل، لكن الفكرة عمت أرجاء الكرة الأرضية، عبر منظمين متطوعين في أكثر من 200 مدينة حول العالم. وقد نظمت الفعالية هذا العام بشكل متزامن في مدينتي نواكشوط و بغداد، وستشهدها مدينة الخرطوم لأول مرة في 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، وكانت عمان ودمشق قد نظم فيهما هذا النشاط نفسه مع بداية السنة الجارية.
عن ضرورة الريادة الاجتماعية
معدلات البطالة في موريتانيا مرتفعة (31 في المئة حسب إحصاءات مستقلة)، وكذلك معدلات الفقر المدقع (وهي تبلغ في العاصمة نسبة 46 في المئة وتصل في المدن الداخلية الى 70 في المئة) وهي واقعة في قائمة أفقر 25 دولة على المستوى العالمي، رغم ما تتوفر عليه من موارد طبيعية وثروات، وهي تحتل المرتبة 146 من بين 178 دولة على مؤشر الشفافية الدولية، ونسبة كبيرة من الشباب (70 في المئة من السكان).. وشهدت في السنوات الأخيرة احتجاجات عديدة من قبل الشباب الغاضبين من البطالة وظهرت فيها تنظيمات وتكتلات شبابية لذات الغرض، ما يفتح النقاش حول الريادة الاجتماعية وضرورتها للشباب الموريتاني وحاجته لاتباع الأساليب الإبداعية المبتكرة لتنمية المشروعات والمؤسسات الهادفة إلى الربح، ويهدف الى ترك أثر اجتماعي في الوقت نفسه،حيث يحاول هؤلاء الشباب بأفكارهم الخلاقة أن ينتشلوا انفسهم من براثن الضياع والبطالة والفقر وأن يساعدوا سواهم من المواطنين، بحيث تكون هناك مشروعات مدرة للدخل قابلة للتطبيق، خاصة أن القطاع العام الحكومي في موريتانيا لا يستوعب سوى 3 في المئة من قوة العمل البشري، ولا توجد خطط وبرامج واضحة للحد من البطالة، كما أن القطاع الخاص ضعيف هو الآخر ولا يلبي الطموحات، ولا يساعد بشكل كبير في امتصاص البطالة. هناك اذا حاجة للمبادرة باستقلالية عن مفاهيم الاتكالية، وهذا حيوي في اوضاع موريتانيا.