شهدت مدينة الإسكندرية الساحلية الأسبوع الماضي (28 - 30 نيسان/إبريل ) نقاشات لمجموعة من الصحافيين والمدونين ورواد الأعمال على الشبكة العنكبوتية، يمثلون ثلاث عشرة دولة عربية، وذلك ضمن فعاليات "منتدى الإسكندرية للإعلام المجتمعي" المنظم من طرف "ألكس أجندة" و"المعهد السويدي" بالإسكندرية.
ناقش المشاركون في المنتدى قضايا الإعلام المجتمعي وإدارة المؤسسات والمشروعات، والمحتوى والتحقق منه، والأمان الرقمي وقوانين الإعلام للتغطية الصحافية في مناطق النزاعات، والعلاقة بين الإعلام والمجتمع المدني، واقتصاديات الإعلام المحلي. وتضمن المنتدى كذلك مجموعة من ورش التدريب على فنون الصحافة بكل وسائطها، قدمها وأشرف عليها 25 خبيراً إعلامياً.
وكان نقاش تغطية النزاعات المسلحة حاضراً بشكل لافت في المنتدى، بسبب الأوضاع المحتقنة في الوطن العربي والأحداث المتلاحقة فيه، فكثر الحديث عن الأخطاء التي يقع فيها بعض الصحافيين ومدى حضور الاستقطاب في التغطيات الصحافية الحربية، والتخبط الذي قد يجعل الفرد في المجتمع غير واثق مما يقدم له من أخبار وقصص على وسائل الإعلام.
وكذلك ما يتعرض له الصحافيون العرب من إرهاب وتهديد وقتل أثناء تغطيتهم للأحداث اليومية، وضرورة وجود آلية أكثر فعالية لحمايتهم من الأخطار، وإلحاح الحاجة لنشر ثقافة التدريب على التغطية في الأماكن الخطرة والملتهبة، حتى يتمكن الصحافي من حماية نفسه ومادته من أي اعتداء يحدث في التغطيات الميدانية. وحضر أيضاً نقاش موضوع أخلاقيات التغطية أثناء النزاعات والأولويات فيها، ومتى تتغلب إنسانية الصحافي على ممارسته لعمله، ومتى يتخطى كونه ناقلاً للأخبار لا أكثر، والتأثيرات العاطفية التي تواجه الصحافيين أثناء تغطياتهم للنزاعات المسلحة ومدى حضورها في مستقبلهم النفسي.
كما حضر نقاش المحتوى الصحافى وكيفية التحقق من الأخبار والقصص المنشورة، والاستسهال الذي يحدث من قبل بعض الصحافيين حيال فبركة الأخبار وعدم اهتمامهم بالتحقق منها وخطورته، وكذلك الحد الفاصل بين صحافة المواطن والصحافة التقليدية، والتكامل والتنافر بينهما، حيث تباينت الآراء بين من يجد أن الوسائط تكمل بعضها، ومن يرى أن الإعلام الجديد يضرب الصحافة التقليدية ويقزّم دورها، ومن يظن أن الإعلام الجديد ووسائطه كارثة على الحقيقة والمهنية، ولا يضيف شيئاً للعمل الصحافي بل هو خطر عليه.
وكان للمشاركين في المنتدى وقفة مع قوانين الإعلام في الوطن العربي، والتقييد على الحريات وغياب أبجديات الديموقراطية وحرية التعبير، وسيطرة الحكومات على المعلومات واحتكارها لها، وعدم وجود إرادة سياسية لتحرير المعلومات وجعلها ملكاً للجميع، وعدم تناسب بعض القوانين في الدول العربية مع الاتفاقيات والعهود الدولية التي توقع عليها.
ولم يغب نقاش دور وسائل الإعلام العربية في المساءلة المجتمعية ونشر ثقافة الشفافية، حيث كشفت نقاشات المشاركين عن تدنى مشاركتها في تلك العملية وضرورة تفعيل دورها، وأن تبدأ بنفسها وهيئاتها التحريرية والإدارية. وتضمنت نقاشات المنتدى كيفية بناء وسائل إعلامية لديها مردودية اقتصادية وقابلة للاستمرار من دون المساس بالمهنية والإذعان لسطوة رأس المال.
وعلى هامش المنتدى، تم تنظيم معرض شاركت فيه ثلاثون مبادرة إعلامية مجتمعية عربية، مثل مؤسسة حرية الفكر والتعبير المصرية، وموقع حبر الأردني، ومبادرة جسور المغربية، ومبادرة باشكاتب المصرية، وبوابة المندرة من مصر. وقد استعرض المشاركون في المعرض تجاربهم ودورهم في تنمية الإعلام المحلي وتطوير المحتوى وبناء القدرات الإعلامية لدى المواطنين، كجمهور أو كعاملين في المجال الإعلامي. وكانت فرصة للنقاش حول التجارب المعروضة وإمكانية تطويرها وخلق تجارب مشابهة لها في بقية البلدان العربية من أجل تطوير الإعلام المجتمعي.
ويأتى تنظيم منتدى الإسكندرية للإعلام المجتمعي في ظل استقطاب سياسي حاد في مصر، ووسط انتقادات شديدة لوسائل الإعلام المصرية وأطقمها تصل إلى حد وصفها بالتحريضية والدعائية، وكذلك في وقت تعتبر مصر ثالث أخطر دولة على الصحافيين في العالم، حيث يتعرض الصحافيون فيها للقتل والسجن والقمع والتخوين وشتى أصناف الإرهاب النفسي، مما يظهر نوعاً من الفزع في الأوساط الصحافية والحقوقية.
مواضيع
الإسكندرية: الصحافة بوجه الأزمات
مقالات من الإسكندرية
القاهرة: الخوف من الثورات يدفع خطط "التطوير" في "وسط البلد"
تهدف التغيرات الكبيرة التي تحدث في تلك البقعة من القاهرة، وبشكل تدريجي ومن دون تراجع، إلى محو ذلك الحنين إلى الميدان، ومنع إمكانية تكرار المظاهر الاحتجاجية في منطقة "وسط البلد"،...
الصحافيون الإلكترونيون في مصر.. أزمة قيد وملاحقة
في أيار/ مايو الماضي، استهجن عدد من الصحافيين الإلكترونيين في مصر، عبر مجموعة إلكترونية على فيسبوك تسمى "عضوية النقابة حق للصحافيين الإلكترونيين"، تهميش مجلس نقابة الصحافيين لمطالبهم المستمرة منذ سنوات،...
العدوان الثلاثي على مصر: ما أشبه اليوم بالبارحة!
اختلفت الآراء حول قرار عبد الناصر تأميم "شركة قناة السويس البحرية". وفيما ذهب البعض إلى نعته بالرعونة والتسرع، وإلى الإشارة إلى "ثمنه"، إذ اضطرت مصر إلى تأدية تعويضات للأجانب من...
للكاتب نفسه
هل تحقق موريتانيا الاكتفاء الذاتي؟
على الرغم من أن هناك ملامحاً بدأت تتشكل لواقع زراعي مغاير بعض الشيء، وتحسّناً في جودة بعض المنتجات الزراعية المحلية، وتوافرها بشكل أكبر، إلا أن الفساد يظل مُنغِّصاً حقيقياً لطموحات...
موريتانيا هل يضطر الأطباء المقيمون إلى الهجرة؟
وفقاً لمعطيات وزارة الصحة الموريتانية، يبلغ عدد الأطباء في موريتانيا 1317 طبيباً، بينهم 473 طبيباً اختصاصياً، و702 طبيباً عاماً، و142 طبيب أسنان. وهو عدد ضئيل مقارنة بعدد السكان، الذي يناهز...
الانتخابات الرئاسية في موريتانيا .. هل أحلام الشباب واقعية؟
عبّر الرئيس المنهية ولايته عن أسفه لكون مدينة بحجم "نواذيبو"، وهي العاصمة الاقتصادية للبلاد، لا تزال تعاني حتى الآن من نقص في المياه والكهرباء، مؤكداً أنه من الغريب أن تطغى...