يكتب الصحافي مقالات. ينجز تحقيقات معمقة، تنتقد، تُعري، أو على الأقل تَعْرض أعطاب سياسات الدولة وخروقاتها. ثم بعد سنوات، يتم اعتقاله بسبب تهم هي، في الغالب، ذات طابع تلفيقي وانتقامي.
هذا ما حصل للصحافي المغربي سليمان الريسوني (عم الصحافية هاجر الريسوني التي لفقت لها تهمة جنسية كذلك، ثم "عفا" عنها الملك!). وهو دخل في إضراب طويل عن الطعام ، يمتد لأكثر من 70 يوماً (وما زال مستمراً حتى كتابة هذه الأسطر، ما يهدد حياته بشكل جدي)، احتجاجاً على اعتقاله بشكل "تعسفي" منذ أيار/مايو 2020، دون أن تتاح له فرصة ممارسة حقه القانوني في المتابعة القضائية مطلق السراح بشكل مؤقت ليحضر دفاعه.
يلاحق الريسوني بتهمة "هتك العرض بالعنف والاحتجاز" في حق شاب مغربي مثْلي. وهي تهمة يقول دفاع الريسوني بأنها "مفتعلة" و"ملفقة"، وجاءت كفعل انتقامي من السلطة السياسية تجاه كتاباته المعارضة والفاضحة لفساد الدولة وأجهزتها، في جريدة "أخبار اليوم" الورقية التي كان يرأس تحريرها، والتي تعرضت للتوقف التام في شهر آذار/مارس 2021 لأسباب اقتصادية، وأخرى يقول مؤسسوها بأنها كانت نتيجة "التضييق الأمني" المستمر على صحافييها.
الريسوني ليس لوحده من لوحق بهذا الشكل. هناك أيضا زميله الصحافي الشاب عمر الراضي الذي تم اعتقاله بطريقة لا تحترم القواعد القضائية القانونية. والتهمة طبعاً جنسية : "اغتصاب وهتك العرض"، لعلاقة أكد الراضي بأنها كانت رضائية مع صديقته الصحافية. وأدين أيضاً بتهم فضفاضة من قبيل "تلقي أموال اجنبية والاعتداء على الأمن الداخلي للدولة".
ويشوب هذه الدعاوى الكثير من علامات الاستفهام التي تتعلق بتوقيت الاعتقال وحيثياته. فالراضي يشتغل على ملفات حساسة كملف "خدّام الدولة" (وهو تعبير استخدمه بيان لوزارتي الداخلية والاقتصاد في دفاعهما عن والي الرباط، وعن تقديمات عقارية - من خارج القانون وبلا عقود - لشخصيات سياسية وعامة، ما اثار عند انكشافه ضجة كبيرة)، وكذلك على حراك الريف... وعلى غيرهما من المسكوت عنه سياسياً واقتصادياً...