منذ بداية عام 2017 وحتى نهاية يناير/كانون الثاني 2021، رصدت مؤسسةُ "أوتشا" التابعة للأمم المتحدة ما يقارب ثلاثة آلاف اعتداءٍ نفّذها مستوطنون في أراضي الضفة الغربيّة بحقّ الفلسطينيين، وممتلكاتهم، ومزروعاتهم. ينطلق جزءٌ كبير من هذه الاعتداءات من المستوطنات والبؤر الاستيطانية التي تُعدُّ معقلاً لشبيبة التلال، مثل مستوطنة يتسهار. في هذا المقال، نحاولُ الإضاءة على هذه المجموعات وتاريخ نشأتها ونشاطها الاستيطانيّ.
البحثُ عن "خلاص" اليهود
يُطلق تعبير "شبيبة التلال" على مجموعاتٍ شبابيّةٍ من المستوطنين يصلُ تعدادها إلى المئات مع آلاف المتعاطفين معهم، ينتظمون على شكل خلايا صغيرة، ولا تتجاوز أعمارهم في الغالب الـ25 عاماً. يشتركُ أفراد هذه المجموعات في جذورهم الأيديولوجية التي تعودُ إلى تيار الصهيونيّة الدينيّة، ويجمعهم إيمانٌ بالسيادة المطلقة لليهود على فلسطين، والحلم بإقامة "مملكة داوود" عليها، وهو ما لن يتم باعتقادهم دون تعزيز وجودهم على الأرض وفرضهم لأمرٍ واقعٍ من خلال الاستيطان ومصادرة الأراضي والعنف حتى "يتسنّى للرب مساعدتهم في الخلاص"، حسب تعبيرهم.
لحظة الممكن في فلسطين
11-05-2021
القدس: مجتمع يتمرّد على الكارثة
24-04-2021
يقضي هؤلاء جلَّ وقتهم في دراسة التوراة والمقرَّرات الدينية اليهوديّة، وفي العمل بالأرض من خلال البؤر الاستيطانية التي يقيمونها. وينتمون إلى تياراتٍ وحركات شعبيّة عنصرية ومتطرفة مختلفة، مثل حركة "أرض إسرائيل" بزعامة الحاخام أفراهام ساغرون وحركة "درب الحياة" بقيادة الحاخام إسحق غينزبورغ وحركة "نواة المدينة العبرية" برئاسة مائير بارتلر.
وتعد مدرسة "عود يوسف خي"، وهي مدرسةٌ يهودية دينية تخرّج طلاب شريعة يهودية تقع في مستوطنة يتسهار تحت رعاية الحاخام يتسحاق غينزبيرغ، الحاضنةَ الأيديولوجية الرئيسية لشبيبة التلال في الضفّة الغربيّة، فيما يعدُّ كتاب "تورات هميلخ" للرابي يوسف شبيرا من ذات المدرسة من أبرز الكتب الموجّهة لسلوكهم الاستيطانيّ.
"ما لا تقعُ يدكَ عليه.. يأخذهُ عدوك"
لا يمكن تحديد توقيت نشأة "شبيبة التلال" بدقّة، لكنْ تحيلنا جذورها إلى أواخر التسعينيات وأوائل الألفية الثالثة، إذ يمكن قراءة ظهورهم ونشاطهم بالعلاقة مع اتفاقية أوسلو. بعد الاتفاقية امتنعت "إسرائيل" إلى حدٍّ ما عن بناء مستوطناتٍ جديدةٍ في الضفة الغربيّة، فركّزت على التوسع داخل المستوطنات القائمة وإقامة "أحياء" جديدة داخلها تحت ذريعة النمو الطبيعيّ للمستوطنات.
في المقابل، أثارَ ذلك حفيظةَ التيارات الصهيونية الدينيّة التي خشيت من احتمالية الانسحاب الإسرائيليّ من الضفة الغربيّة يوماً ما. وفّرت هذه الأجواء بيئةً خصبةً لتصاعد النشاط الاستيطاني بمبادرة من الجيل الشاب من المستوطنين، فخرج هؤلاء الفتية لإقامة بؤرٍ جديدة باعتبارها أبرز استراتيجياتهم لفرض الأمر الواقع وتثبيت الاستيطان. ولأنّ هؤلاء كانوا يتجهونَ عادةً لتلال الضفة الغربية -بما فيها مدينة القدس- فقد أطلق الإعلام الإسرائيلي عليهم "شبيبة التلال".
مَن ينقذ حي الشيخ جرّاح من "منطق إسرائيل"؟
06-05-2021
تقول مستوطِنة من الشبيبة في مقابلة مع نيويورك تايمز عام 2003: "هذا هو الشيء الوحيد الذي يفهمه العرب.. الشيء الوحيد الذي سيوقف العرب هو نصب نجمةٍ يهودية على كلّ تلة [تقصد بؤرة استيطانية]". ووجد هذا التوجه تعبيراً له عام 1998 على لسان وزير خارجية الاحتلال آنذاك آرئيل شارون، فقد حثّ المستوطنين على "احتلال التلال" [الضفة الغربية] بهدف إحباط أيِّ إمكانية للانسحاب من خلال فرض الأمر الواقع، قائلاً: "يتوجب على كلِّ فرد التحرك والإسراع للاستيلاء على أكبر قدرٍ ممكن من التلال من أجل توسيع المستوطنات. كلُّ ما نستولي عليه سيكون في أيدينا، وكلُّ ما لا ننتزعه سيكون لهم. [يقصد: الفلسطينيين]."
بقية النص على موقع "متراس".