اقتلوا "جنينة" أو اطرحوه أرضاً!

طغت الأخبار المتعلقة بالجدال الدائر بين الدولة ممثلة بمؤسسة الرئاسة من جانب وبين المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من جانب آخر، على كثير من الأخبار والتحليلات في مصر خلال الفترة الماضية، بسبب تصريحات "جنينة" عن أن حجم الفساد في مصر يقارب 600 مليار جنيه، وما تبع تلك التصريحات من سخط شعبي ومن قرار رئاسي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص تلك الأرقام. <br
2016-02-17

أحمد عبد العليم

كاتب وباحث سياسي من مصر


شارك
ضياء العزّاوي - العراق

طغت الأخبار المتعلقة بالجدال الدائر بين الدولة ممثلة بمؤسسة الرئاسة من جانب وبين المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات من جانب آخر، على كثير من الأخبار والتحليلات في مصر خلال الفترة الماضية، بسبب تصريحات "جنينة" عن أن حجم الفساد في مصر يقارب 600 مليار جنيه، وما تبع تلك التصريحات من سخط شعبي ومن قرار رئاسي بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق بخصوص تلك الأرقام.

جنينة الذي عيَّنه مرسي

تم تعيين المستشار هشام جنينة في أيلول /سبتمبر 2012، أي أنه تم تعيينه في عهد الرئيس الأسبق محمد مرسي، وتلك الخلفية تنطلق منها الكثير من الاتهامات للرجل بأنه إخواني أو متأخون، وأن جهوده تتم لمساعدة الإخوان، ولم يشفع للرجل أنه عقد مؤتمراً صحافياً سابقاً أعلن فيه عن الفساد في عهد الرئيس مرسي، ولم يحاول مَن اتهمه التفكير قليلًا في أن مرسي هو أيضاً من جاء بالسيسي وزيراً للدفاع في عهده.
تحول منصب "جنينة" المُحصَّن إلى غير مُحصَّن في ظل إصدار الرئيس السيسي قانوناً يجيز عزل رؤساء الأجهزة الرقابية، حيث أصدر قرار بقانون رقم (89) لسنة 2015 بشأن إعفاء رؤساء وأعضاء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية من مناصبهم، وذلك في حالات منها وجود دلائل جدية بشأنه على ما يمس أمن الدولة وسلامتها، وإذا فقد الثقة والاعتبار أو أخلّ بواجبات وظيفته بما من شأنه الإضرار بالمصالح العليا للبلاد.. وهذا الشرط الأخير هو ما يحاول الكثيرون توظيفه من أجل إسقاط جنينة من منصبه.

الصدام الذي لا بد منه

تشير سياقات الأحداث أن الصدام مع "جنينة" كان لا بد له أن يقع في كل الأحوال، وأنه كان مسألة وقت لا أكثر، وقد كانت ساعة الصفر حين أعلن جنينة عن تكلفة الفساد تلك وهو ما تم فهمه كإساءة لسمعة الرئيس حتى بعد أن نفى الجهاز المركزي للمحاسبات المغالطات الإعلامية وأكد على أن هذا الرقم هو تكلفة فساد أربع سنوات وليس عام واحد.
وتمَّ تشكيل لجنة تقصي الحقائق من قِبل الرئاسة من أجل بحث الأمر، وبعد أيام قليلة أصدرت بياناً متلفزاً تم فيه اتهام جنينة بالتضليل والتضخيم والإغفال المتعمد وإساءة استخدام لفظ الفساد، وأن دراسة المركزي للمحاسبات "لم تحدد مدىً زمنياً لها وإنها اعتمدت على جمع مفتعل لوقائع حدثت منذ عشرات السنوات وإثبات استمرارها دون تصويب كذريعة لإدراجها ضمن عام 2015"، ويبدو من التوجُّه نحو إعلان نتائج اللجنة في التلفاز أن ثمة محاولات للوقيعة بالرجل في شرك قانون رقم 89. جنينة أكّد بأنه سوف يرسل الرد على كل نقطة ذكرت بالتقرير إلى البرلمان، وإلى كل الجهات المعنية، مشدداً على أنه أحرص ما يكون على الدولة وأموالها.
وكانت حكومة رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب قد أطلقت في أواخر عام 2014 "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" وقد حددت تعريف الفساد وأسبابه وآليات مواجهته خلال الفترة من عام 2014 حتى عام 2018، وشهد عام 2015 القبض متلبساً لأول مرة على وزير بسبب قضايا فساد، وهو وزير الزراعة المصري، وكان جنينة قد أعلن عن فساد خلال العام الماضي في وزارة الداخلية، وبالتحديد في جهاز مباحث أمن الدولة (الأمن الوطني حالياً)، وربما هذا ما يفسر الحملة الشرسة على الرجل من أجهزة الدولة.

وخلال الأيام القليلة الماضية، فجر المستشار محمد عبد الرحمن قاضى التحقيق في القضية رقم 1441 لسنة 2013 (والمعروفة إعلامياً بـ"استيلاء حبيب العادلى ومسؤولين بالداخلية على مليار جنيه من الوزارة") مفاجأة خلال التحقيقات فيها، حيث كشفت أوراقها عن حصول ثلاثة مندوبين لجهات تابعة لوزارة الداخلية على مبالغ مالية في صورة حافز شهري، وصلت إلى37 مليون جنيه. ومن المفارقات، أن أحد المتهمين في تلك القضية هو اللواء محسن الفحام من مؤسسي حزب "حماة الوطن" صاحب 17 مقعد بالبرلمان الأخير، وأمين التثقيف بالحزب، حيث أنه وفقاً لعدة مصادر قد قام برد مبلغ 37 مليون جنيه للتصالح من أجل استبعاده من قائمة المتهمين في قضية الكسب غير المشروع. وهذا المبلغ كان قد أخذه الفحام كحافز خلال آخر سنوات عمله، وهو لفرد واحد، ما يوضح حجم الفساد في مصر خلال الأعوام القليلة الماضية، ما حدا بوائل غنيم أن يكتب على صفحته على "فيسبوك" أن "الحافز ده لوحده كان بيدر على سيادة اللواء مبلغ أكبر من الراتب السنوي للرئيس الأمريكي باراك أوباما".
وختاماً، يظلّ الفساد معضلة كبرى في مصر، في ظل عدم وجود آليات واضحة ومحددة لمواجهته بعيداً عن الاستراتيجيات المنمقة والعبارات الفضفاضة في ظل سلطة ترى أن الحرب على "جنينة" أهم من الحرب على الفساد الذي أشار إليه الرجل.

مقالات من مصر

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

للكاتب نفسه

المرأة المصرية واعظة بالمسجد

قررت وزارة الأوقاف تعيين 144 امرأة واعظات في المساجد كجزء من "تجديد الخطاب الديني" الذي دعا اليه الرئيس السيسي. المبادرة تبدو شكلية بالنظر للاشتراطات المصاحبة لها ولوجود  110 آلاف مسجد...