أثار قانون مكافحة الإرهاب في مصر جدلاً كبيراً، خاصةً بما يتعلق بزيادة وتيرة التضييق على الحريات بشكل عام وعلى الصحافيين بشكل خاص. كان من المفترض والممكن ترك إقراره لمجلس النواب القادم باعتباره قانوناً هاماً ويحتاج إلى نقاش مجتمعي واسع، وليس من حالات الضرورة التي تُجيز لرئيس الجمهورية استخدام حقه التشريعي. انتقدت القانون منظمات دولية كمنظمة العفو الدولية، التي اعتبرته يتضمن تعريفاً فضفاضاً للجرائم الإرهابية، ومن شأنه أن يصبح بمثابة أداة لخنق الاحتجاج السلمي، وأنه ""شديد القسوة ويعمل على توسيع القبضة الحديدية للسلطات المصرية على الحريات الأساسية". كذلك أدانته 17منظمة حقوقية مصرية وتضامنت مع موقف "نقابة الصحافيين" منه، وهم أشاروا في بيانٍ لهم أن القانون يتعارض مع الدستور المصري في مادته الـ(71) التي تنص في جزء منها على أنه "لا توقع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية".
وحيث أن القانون شمل في المادة (6) أنه "يعاقب على التحريض على ارتكاب أية جريمة إرهابية بالعقوبة ذاتها المقررة للجريمة التامة، وذلك سواء كان هذا التحريض موجها لشخص محدد أو جماعة معينة أو كان تحريضاً عاماً علنياً أو غير علني، وأيا كانت الوسيلة المستخدمة فيه، ولو لم يترتب على هذا التحريض أثر"، أيّ أن القانون ساوى بين المُحرّض والفاعل، وسواء وقعت الجريمة أم لم تقع، وهو ما يتناقض مع موقف المحكمة الدستورية العليا التي كانت قد حكمت بعدم دستورية المادة (48) من قانون العقوبات المصري لأنها تعاقب على النوايا، وخاصة بالاتفاق الجنائي على ارتكاب الجنايات أو الجنح والتجهيز والتسهيل لارتكابها أو التحريض والتدخل في إدارة الجريمة، وهي فلسفة المواد (6)، (30)، و(34) نفسها من القانون الجديد لمكافحة الإرهاب.
ومن جانبٍ آخر، يبيح القانون استخدام القوة دون وجود أي مسؤولية جنائية سواء على الشرطة أو الجيش أو مأمور الضبط القضائي، حيث أن المادة (8) من القانون تنص على أنه "لا يُسأل جنائياً القائمون على تنفيذ أحكام هذا القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم، أو لحماية أنفسهم من خطر محدق يوشك أن يقع على النفس أو الأموال، وذلك كله متى كان استخدامهم لهذا الحق ضرورياً وبالقدر الكافي لدفع الخطر"!
وفي السياق ذاته تأتي المادة (28) من القانون والتي تنص على أنه "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنين كل من روج أو أعد للترويج بطريق مباشر أو غير مباشر لارتكاب أية جريمة إرهابية سواء بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى"، حيث قد يدخل ضمن الترويج أو الإعداد للترويج الصحافة والإعلام من خلال طرح أفكار لمجرد الاختلاف مع النظام أو الحكومة. وهذا ترهيب للصحافيين، تؤكده المادة (35)، التي تنص على أن " يعاقب بغرامة لا تقل عن مائتي ألف جنيه ولا تتجاوز خمسمائة ألف جنيه كل من تعمد بأي وسيلة كانت نشر أو إذاعة أو عرض أو ترويج أخبار أو بيانات غير حقيقية عن أعمال إرهابية وقعت داخل البلاد أو عن العمليات المرتبطة بمكافحتها بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن وزارة الدفاع، وذلك كله دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة".
في القانون العديد من المواد الفضفاضة، ويمكن أن تؤدي إلى إيجاد التطرُّف والإرهاب وليس إلى محاربته ومكافحته، وذلك من خلال خلق المظالم، وهو ما يستدعي تساؤلاً هاماً متعلقاً بجدوى وجود مواد قانونية أغلبها موجود بالفعل في قانون العقوبات المصري. إن وجود القوانين لا يعني بالضرورة وجود فاعلية في مواجهة ومكافحة الإرهاب، ولذا فإنّ هناك عدداً كبيراً من دول العالم اتجهت إلى إستراتيجية شاملة في مواجهة الإرهاب تشمل، علاوة على الإطار القانوني المنضبط غير المندفع أو الفضفاض أو المتعسِّف، إطاراً آخر، اجتماعيا، يحاول أن يتعامل مع جذور الإرهاب والعوامل المؤثرة فيه وليس فقط محاولة القضاء عليه بالقوة.
إن فلسفة مواجهة التطرُّف والإرهاب لا بد أن تكون أكثر شمولية من مجرد طرح قوانين قوية، وهذا القانون الذي أصبح نافذا سيخضع، ولا شك لنقاش في مجلس النواب القادم ــ خلال الخمسة عشر يوماً الأولى من انعقاده وفق الدستور ــ ضمن حزمة قرارات بقوانين صدرت عن الرئيس خلال عدم وجود برلمان وعددها فاق الثلاثمائة، ولعله يتم تمريره، ولكن الرجاء هو أن يتم تعديل بعض مواده، فالإرهاب ظاهرة تشمل جوانب متعددة وليست خطراً أمنياً فقط يُهدِّد البلاد، والاقتصار على التعامل الأمني مع الإرهاب قاصر.. ولن يقضي عليه.