شاشات التلفاز في مصر انقسمت بين جانب يمارس إعلام الشعوذة والسحر والجنس، وجانب آخر ينتقد ذلك بشدة.. وبين هذا وذاك وطن تعصف به قضايا مصيرية وهامة ومواطنون يعانون بشدة. في الوقت الذي يُغيَّب فيه عدد كبير من الإعلاميين المعروفين بمواقفهم المؤيدة لثورة 25 يناير، وعلى رأسهم باسم يوسف، ويسري فودة، وريم ماجد.
ريهام سعيد: المذيعة "المثيرة للجدل"
من حين لآخر، تخرج علينا ريهام سعيد بحلقة من حلقات برنامجها على فضائية "النهار" المصرية، لتناقش مسائل الجن والسحر والشعوذة. وفي الحلقة الأخيرة ناقشت حالة خمس فتيات أخوات "يعانين من حالات مسّ" منذ خمسة شهور.. وحققت الحلقة نسبة مشاهدة كبيرة، بينما وصلت مشاهدتها على "يوتيوب" الى أكثر من مليون مشاهدة في الساعات الأربع والعشرين الأولى من بثها..
والآن، بعد حوالي أسبوعين، وصل عدد مشاهدي الحلقة إلى ما يقرب من 6 ملايين مشاهدة، وهو ما جعل "ريهام" تقول بأنها "رقم واحد في مصر"!
اصطحبت ريهام معها عضوا في مجلس الشعب المصري يدّعي أنه يعالج حالات المسّ، وأخذ هذا الرجل يردد طوال الحلقة ما مفاده أنه لم يأتِ إلا لوجه الله، وهو المعنى ذاته الذي تردده ريهام في الحلقتَين الخاصَّتَين بالفتيات الممسوسات... ما لم يمنع من كشف وقد جرى كشف وجوه تلك الفتيات وأجسادهن الهزيلة أمام عيون الكاميرا! أمضى النائب في مجلس الشعب حلقة امتدت 4 ساعات "يعالج" الفتيات live وتجني ريهام وقناتها الملايين من المشاهدات والجنيهات. انبرى الإعلام المصري لمهاجمة المذيعة، وكذلك فعل عدد كبير من المقالات الصحافية، مما جعل مَن لم يكن يشاهد أو يتابع البرنامج يهرول لمشاهدته ومتابعته! وتحولت مواقع التواصل الاجتماعي، إلى السخرية من ريهام سعيد وبرنامجها. في حين كان هناك مَن يؤيد ما فعلته ويشكرها على نجاحها في علاج الفتيات الخمس، بينما آخرون يشككون ويظنون أن الفتيات ممثلات او يدّعين المرض بالاتفاق مع البرنامج، من أجل بعض المال بالنظر الى حالتهن المادية والاجتماعية.
.. وظاهرة "العنتيل"
وقبل ذلك، وفي الأشهر الأخيرة، طفت على السطح ظاهرة "العنتيل". وهذا في قاموس لسان العرب يقال لبظر المرأة، وقال أبو صفوان الأسدي إنه يقال لفَرج المرأة، وبالتالي فإن وصف الرجل بهذه الكلمة هو من قبيل الذم. وفي مصر ظهر مؤخرا أكثر من "عنتيل"، وتتلخص الظاهرة بأن تتسابق الصحف المصرية في نشر خبر متعلق ببث فيديوهات لرجل قام بتصوير نفسه في أوضاع جنسية مع أكثر من سيدة، حتى أن محافظة واحدة في مصر خرج منها في وقت قليل حوالي أربعة عناتيل!
وبدأت أخبار "العنتيل" في الصحافة المصرية تحقق أعلى نسبة قراءة على أيّ موقع توجد فيه، وتتسابق المواقع المختلفة بفضح هؤلاء العناتيل بنشر الفيديوهات "حصريا"، حتى باتت أخبارها تُنحي الصحف المصرية قليلا عن متابعة تعرّي كيم كاردشيان، ومؤخرتها، وفساتينها، وتحركاتها اليومية!
وفي ظل ذلك "الزخم"، كانت الدولة المصرية غائبة أو مغيبة عن المشهد تماماً، كأن ما يحدث يحلو لها، وكان هناك تمرير لقانون تقسيم الدوائر الخاص بالبرلمان القادم من خلال مجلس الوزراء، وهو القانون الذي قوبل بهجوم شديد من أحزاب وقوى مدنية ارتأوا فيه عودة لأصحاب رؤوس الأموال وفلول نظام مبارك، في حين يراه البعض اغتيالًا للأحزاب السياسية. وقد مرر هذا القانون دون منح الوقت الكافي للقوى السياسية للحوار بشأنه مع السلطة. بينما يتسابق الإعلام على تناقل أخبار العناتيل والممسوسين والمشعوذين، وتحتل الراقصة "صافيناز" الرقم 1 لأكثر الشخصيات بحثاً على موقع غوغل من قِبل المصريين خلال عام 2014 !