مدارس للقطاع الخاص في مصر بشراكة حكومية

انتهت وزارة التربية والتعليم المصرية من إعداد مشروع جديد لبناء المدارس، من المنتظر أن تضمه الحكومة إلى برنامجها الرسمي الذي ستتقدم به إلى جلسة مجلس النواب خلال شهر شباط/ فبراير الحالي، في إطار عرض خطة الحكومة لنيل الثقة عليها. وافقت اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء على المشروع الذي يتضمن السماح لأول مرة بالشراكة مع القطاع الخاص لبناء المدارس في خطة تمتد حتى عام 2018. تعهدت الحكومة بتوفير 4 آلاف
2016-02-11

إيمان رسلان

صحافية من مصر مختصة بالتعليم


شارك
رياض نعمة-العراق

انتهت وزارة التربية والتعليم المصرية من إعداد مشروع جديد لبناء المدارس، من المنتظر أن تضمه الحكومة إلى برنامجها الرسمي الذي ستتقدم به إلى جلسة مجلس النواب خلال شهر شباط/ فبراير الحالي، في إطار عرض خطة الحكومة لنيل الثقة عليها. وافقت اللجنة الاقتصادية بمجلس الوزراء على المشروع الذي يتضمن السماح لأول مرة بالشراكة مع القطاع الخاص لبناء المدارس في خطة تمتد حتى عام 2018. تعهدت الحكومة بتوفير 4 آلاف قطعة أرض على أن تكون البداية بألف مدرسة خلال العام الحالي. وقال وزير التربية والتعليم «إن مصر تحتاج إلى بناء 150 ألف فصل جديد خلال العامين القادمين حتى نقلل الكثافة لتصل إلى ما يقرب من 45 طالباً في الفصل، حيث أن نسبة 42 في المئة من الفصول الحالية تتخطى المعدلات العالمية، بجانب أن نسبة 18 في المئة تعمل فترتين في اليوم». وأضاف « الوزارة وضعت عدة بدائل لتطبيق هذه الشراكة مع القطاع الخاص وتسهيل عمله، فإذا تبرع المستثمر بالأرض سوف نساعده فى الحصول على رخصة البناء، وإذا تبرع بتكلفة البناء فسوف نساعده في توفير الأرض، وسنعقد ورشة عمل سيشارك بها المستثمرون ورجال الأعمال لمناقشة ضوابط وقواعد هذه الشراكة».

وشرح الوزير أن تطبيق الشراكة على أرض الواقع سيكون من خلال قبول نسبة وعدد من الطلاب بالمجان، ما يعني أن هذه المدارس لن تكون حكومية بالمجان، وإنما مدارس بمصروفات تخدم الطبقة المتوسطة. وأضاف أن «صندوق تمويل التعليم» التابع لمجلس الوزراء هو من سيدفع مصروفات الطلاب في هذه المدارس.

سبق لهذا الطرح أن طرح في أواخر سنوات مبارك تحت اسم «يبني ويستثمر ويؤجر»، ولكن تم رفضه ووضع في الأدراج. والتعديل الوحيد هو أن الوزارة ستدفع مصروفات بعض الطلاب المختارين. وهكذا بدأ الهجوم الشديد على المشروع الذي يتفوق على سابقه بفتح الباب واسعاً للفساد وتداخل المال العام مع الخاص. فالمشروع القديم لم تكن به شراكة مالية مباشرة وإنما فقط إشراف على الإدارة، ثم تؤول المدرسة نهائيا للحكومة بعد عدة سنوات يكون المستثمر قد استعاد فيها أمواله مع الفوائد. أما المشروع الجديد فيسمح لأول مرة بأن تمول الخزانة العامة القطاع الخاص، فـ «صندوق تمويل التعليم» هو صندوق حكومي تخصص له الإيرادات من الموازنة العامة للدولة. كما يثير المشروع الشبهات والاتهامات لجهة توفير مصاريف التشغيل مسبقاً من المال العام ودفعه مباشرة لأصحاب المدارس الخاصة، تحت زعم تخفيض الكثافة والتكدس الطلابي بالمدارس. كما يثير المشروع العديد من الاعتراضات القانونية: فمن هي الجهة التي ستراقبه، وعلى أي أساس سيتم اختيار الطلاب الذين سيلتحقون بهذه المدارس، هل عليهم أن يثبتوا أنهم لا يستطيعون دفع المصروفات التي سيحددها المستثمر، ولمن ستؤول الأرباح كل عام.. لأنه من المعروف أن المشروعات التعليمية، لاسيما المدارس الخاصة، من أعلى المشروعات ربحية في الاقتصاد المصري.

وإذا كان القطاع الخاص المصري يملك القدرة على إنشاء المدارس، فليقم بإنشائها وبنائها مستقلاً وكمشروعات متكاملة، بمفرده بعيداً عن الشراكة مع الدولة، لأن إنشاء القطاع الخاص للمدارس بمصروفات لا يخاطب أبداً التلاميذ الفقراء ومحدودي الدخل، بل يبني المدارس في مناطق الأثرياء والطبقة المتوسطة، وهو ما تؤكده الدراسات والإحصائيات الرسمية للدولة التي تشير إلى أن القطاع الخاص لا يتوجه إلى المناطق التي تعاني من كثافات مرتفعة، مثل محافظة الجيزة حيث الكثافة أكثر من مئة طالب في الفصل، وكذلك محافظات الصعيد حيث يزيد الطلب على المدارس الحكومية المجانية ويندر الطلب على المدارس ذات المصروفات الدراسية.

ولم يكن الخبراء وحدهم من تحفظ على المشروع الجديد، بل المستثمرون الكبار كذلك، حيث شكك «سميح سايورس» بإمكانية تطبيقه، وكانت عائلته تقدمت بطلب منذ أكثر من ثلاث سنوات وعقب الثورة، لبناء ألف مدرسة وذلك من خلال التمويل بفائدة ميسرة ممنوحة من قبل عدد من المؤسسات الدولية. ولكن، وكما قال، «تعثر المشروع لعدم توفر أراض للبناء، وهو الجزء الخاص بوزارة التعليم منه، وبعد العديد من السنوات وعشرات الاجتماعات مع الوزارة، لم تستطع حتى توفير نصف العدد المطلوب». وتساءل كيف إذا سنوفر أربعة آلاف مدرسة في عامين؟ بجانب تحفّظه على فكرة الشراكة المالية المباشرة بين المال الحكومي والخاص لأنه يفتح أبواباً لا يفضّل القطاع الخاص الدخول فيها.

من جانبه أشار اللواء رئيس هيئة الأبنية التعليمية «أن مصر تحتاج إلى 35 ألف فصل لتغطية المناطق المحرومة من إجمالي 140 ألف فصل في المرحلة القادمة، وذلك بتكلفة تصل إلى حوالي 40 مليار جنيه (5 مليارات دولار)، في حين أن الميزانية الحالية لهذا العام لبناء المدارس وأعمال الصيانة تقترب من حوالي 2 مليار جنيه فقط، وأن وزارة التعليم تقدمت بطلب لمجلس الوزراء بزيادة هذه الاعتمادات لتصل إلى 5 مليار جنيه (ما يوازي 700 مليون دولار). وليس معروفاً حتى الآن إن كان الرقم الجديد يتضمن بنودا لتمويل المشروع المقترح «للشراكة» كما تسميه وزارة التعليم، بينما يطلق عليه خبراء التعليم «مشروع دعم وتمويل القطاع الخاص بالأموال الحكومية».

 

مقالات من مصر

العاصمة المصرية في مفترق طرق..

رباب عزام 2024-11-21

على الرغم من الأهمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالنسبة إلى المواطنين، للمنشآت والمباني المقامة حالياً على أراضي "طرح النهر"، خاصة في العاصمة القاهرة، إذ يشمل أغلبها كثيراً من الأندية الاجتماعية التابعة...

للكاتب نفسه

مصر: المندوب السامي التعليمي؟

مدراء مشروع "المعلمون أولاً" الذي ترعاه وزارة التربية ويهدف الى تطوير وتدريب مليون ونصف معلم مصري.. كلهم أجانب: لم يُعرَف للمشروعات  التعليمية بمصر مدير أجنبي إلاّ فى عهد الاحتلال الانجليزي.

المعلمون في مصر: الحرامية الشرفاء

وزير التعليم وصف المعلمين بالحرامية، ما أثار ضجة كبيرة غطى عليها ارتفاع رسوم التسجيل في المدارس الرسمية بنسبة 50 في المئة وقلق المعلمين على وظائفهم بعدما اعتبرهم الوزير فائضون عن...

فقراؤك يا وطن

قصة مريم وعبد الراضي، الشابان الآتيان من عائلات موغلة في الفقر، واللذان حصلا على مجموع تام في شهادة البكالوريا هذا العام، وسؤال مصيرهما لولا وجود مجانية التعليم التي يُسعى لإلغائها...