أجريت انتخابات الاتحادات الطلابية فى مختلف الجامعات المصرية بعد تعطل دام ثلاث سنوات متتالية، حتى أن رئيس أتحاد طلاب مصر والذى تم التمديد له أكثر من مرة تخرج من الجامعة، ويرأس الآن حزبا سياسيا، بل هو فاز بالمركز الثاني في الانتخابات البرلمانية الأخيرة! وكانت أخر انتخابات جرت في الجامعات عقب ثورة 25 يناير وفاز بها الطلاب المستقلون والتيارات السياسية فى مواجهة الاخوان المسلمين، على الرغم من سيطرتهم وقتها على مراكز صنع القرار فى تلك الفترة.
الإعلام هو المسؤول
المفاجأة حدثت حين قررت وزارة التعليم العالي المشرفة على الانتخابات والتي يفترض أن تجري سنويا، إلغاء نتيجة المرحلة الثانية منها الخاصة بمناصب رئيس الإتحاد العام ونائبه. والمبرر، كما جاء فى البيان الرسمي للوزارة، إن ذلك ما أوصت به اللجنة المشرفة على الانتخابات لاكتشافها وجود أخطاء إجرائية وقانونية فى إنتخابات هذه المرحلة تستوجب الإلغاء وإعادتها مرة أخرى. ليس هذا فقط، بل تمت إحالة الملف الانتخابي بأكمله إلى القضاء حيث طلب الرأي القانوني من قسم الفتوى والتشريع بمجلس الدولة (وهو أعلى جهة في القضاء الإداري بالدولة). هكذا صرح وزير التعليم العالي .وحول ما هو الرأي تحديدا الذي يطلب الفتوى فيه قال: "الملف بأكمله، خاصة أن هناك مسلكا مريبا في تعمد استباق إعلان نتيجة الانتخابات قبل اعتمادها رسميا، وهو ما يذكر بما حدث فى الانتخابات الرئاسية بين مرسي وشفيق وتعمد إلاعلان المسبق للنتائج". بل وأضاف الوزير اتهامات للإعلام تحديدا بأنه سبب الأزمة وتقصد تصعيدها حتى تشكل عنصر ضغط عليه، وهو لن يرضخ لأي ضغوط خاصة من الإعلام!
أما الخطأ تحديداً الذي يستند إليه الوزير فى عدم اعتماد النتائج، فهو تصويت نائب رئيس اتحاد جامعة واحدة (وهي جامعة الزقازيق) لأنه حضر كبديل لرئيس الاتحاد المستقيل (والذى أعلن أنه أستقال بسبب ضغوط عليه). وكانت الجامعة قد قبلت انتخابه بالتزكية حيث لم يترشح غيره، وهو "ما لا يجوز" (طبقا لرأي الوزير)لأنه كما يقول أجرى الانتخابات وفق اللائحة المعتمدة من الرئيس الأسبق حسني مبارك، وهى اللائحة التى وضعها سلفه السادات فى إطار خلافه مع إتحاد طلاب مصر الذي كان يرأسه حمدين صباحي المرشح الرئاسى السابق، ويرى الوزير أنها أقوى قانونا من التعديل الوزاري الذى إجريت بناء عليه الانتخابات لأنه قرار جمهوري وقراره مجرد قرار وزاري بالتعديل.
لا للإعادة
اللجنة الوزارية المشرفة على الانتخابات كانت هي نفسها التى قبلت تصويت جامعة الزقازيق (سبب المشكلة)، بعد أن أجرت أتصالات بالجامعة للتأكد من موقف الطالب البديل، بل وأقرت صحة حضوره فى المرتين اللتين إجريت فيهما الانتخابات نظرا لتعادل الطرفين المتنافسين. وفى المرة الاخيرة أعلن فوز الطلاب المستقلين بوجود اللجنة الوزارية والإعلام والمتابعين.
وعلى الناحية الأخرى، رفض إتحاد طلاب مصر بأغلبية تشكيله نتائج وقرار اللجنة الوزارية بإعادة الانتخابات مرة أخرى بعد قبولها الطعن من الفريق الخاسر للإنتخابات، خاصة أن قرار اللجنة جاء بعد أكثر من أسبوعين على إجراء الإنتخابات التى شهدها الجميع وأقر بنزاهتها، والدليل هو إجراء الإعادة مرتين. ووقع عدد ما يقرب من 17 جامعة من إجمالي 23 جامعة على البيان الذى ذيل بلهجة إستغراب ويأس من قواعد العمل الديمقراطي وإمكانية المشاركة والتغيير من داخل المنظومة القانونية للدولة. بل إن عدد من هؤلاء بدأ يكشف لوسائل الإعلام عن الضغوط والإتصالات التى مورست عليهم، وتهديدهم إذا لم يصوتوا لصالح أسماء محددة تحمل إسم قائمة "صوت طلاب مصر"، التي يتهمها الطلاب بأنها تمثل الإدارة، وأن الوزارة هي التي شكلتها ودعمت نجاحها فى المرحلة الأولى من الإنتخابات، وذلك من خلال منصب وزاري استحدثته خصيصا منذ فترة لإدارة الشأن الطلابي، وهو ما يرفضه الطلاب، والدليل نتائج الانتخابات الاخيرة وفوز الطلاب من خارج القائمة المدعومة.
خارج الصندوق
يصر الطلاب الفائزين، وهم رئيس الإتحاد ونائبه، على نفي الاتهامات المتكررة يوميا لهم منذ إعلان فوزهم، بأنهم مدعومين من التيارات المعارضة. وقد وصلت الاتهامات إلى حد القول بأنهم خلايا نائمة للإخوان. ودليلهم أن وزارة التعليم العالي أصدرت تعديلاً قبيل الانتخابات الأخيرة بقليل تمنع فيه أصحاب الاتجاهات السياسية المحظورة أو الطلاب الذين ليس لهم نشاط طلابي متميز من الترشح، وهو ما حرم عدد من الطلاب من الالتحاق بالانتخابات بعد رفض أسمائهم بحجة عدم وجود "نشاط طلابي متميز" كما تنص اللوائح، وبالتالي فهم أبرياء من كل تلك الاتهامات وترشحوا بعلم وموافقة الوزارة والجامعات، وأن الخلاف كله وقع لأنهم جاءوا من خارج الصندوق ولديهم آراء مستقلة مثل أغلب الشباب والطلاب، وهم يدافعون عن استقلالية العمل الطلابي بدون تدخل أو هيمنة من الإدارة والوزارة.