"الإسلام وأصول الحكم" لعلي عبد الرازق، "جمال الدين الأفغاني" لعثمان أمين، "منهج الإصلاح الإسلامي" لشيخ الأزهر الأسبق العالم الدكتور عبد الحليم محمود ، "أصول الحكم في الإسلام"، للفقيه القانوني عبد الرزاق السنهوري، واضع دساتير سبع دول عربية على الأقل، "أضواء على أهمية الصلاة في الإسلام" وغيرها.. كتب أحرقتها وزارة التعليم في احتفال مهيب بالجيزة رافقته الأعلام الوطنية ونشيد يصدح في الخلفية "يا أحلى اسم في الوجود يا مصر".. طبقا لما جاء في البيان الرسمي الذي أرسلته وكيلة الوزارة هناك.
تخبط
جاء في البيان الرسمي لـ "سيدة الجيزة" (وهو اللقب الذي يطلق عليها)، بأن واقعة الحرق جاءت للكتب الداعمة للإرهاب التي "اكتشفت" في إحدى مدارس الإخوان المسلمين الموضوعة تحت الإشراف المالي والإداري للوزارة بناء على حكم القضاء المصري بمصادرة أموال الإخوان (أطلق على المدارس المصادَرة وعددها 87 مدرسة اسم "مدارس 30 يونيو")، وأن اللجوء للحرق جاء بناء على التعليمات الأمنية التي تقضي بإعدام الكتب الخارجة عن المألوف (وليس فرمها)، وقد أحرقت الكتب السابقة بعد التأكد من مخالفة مضمونها لمبادئ الإسلام المعتدل، لتكون عبرة.
ومنذ معرفة الخبر، ونشر صور الحرق التي أرسلتها الوزارة رسميا مع الخبر، قامت الدنيا. فسارع وزير التربية والتعليم، الذي لم يمر على توليه منصبه أسابيع قليلة، بإصدار بيان ينفي فيه معرفة الوزارة بحرق الكتب، وأن مرؤوسته لم تحصل على الموافقات، بينما هي قالت إنها حصلت على موافقة الأجهزة الأمنية. قرر الوزير إحالة سيدة الجيزة وجميع المسؤولين عن العملية للتحقيق، مؤكدا أن محاربة الفكر المتطرف لا تكون بحرق الكتب وإنما باتباع الاساليب التربوية التي تستهدف إبعاد الطلاب عن العنف.
لم تقف تداعيات واقعة الحرق عند وزارة التعليم، بل أصدرت وزارة الثقافة بيانا تدين فيه الحرق.. ما لبثت أن سحبته في اليوم التالي وأصدرت بيانا أخر لا تدين فيه واقعة الحرق بشكل مباشر، مع إقالة المتحدث الرسمي لوزارة الثقافة الذي قيل إنه اصدر بيان الإدانة منفردا. وهو ما أثار اللغط مجددا حول وزير الثقافة الجديد ذو الخلفية الأزهرية والذي كثرت الأقاويل حوله بعد تأنيبه لرئيسة "متحف محمود سعيد" لأنها بدينة على حد قوله!
مجلس الوزارء
ثم دخل مجلس الوزراء المصري على خط الموضوع بعدما تسرب أن الاجتماع شهد توبيخا لوزيري التعليم والثقافة على خلفية واقعة الحرق وتعاملهما معها كجزر منعزلة يدين واحدها الآخر. ولكن لم يخرج بيان رسمى حول الحرق نفسه، ويبدو أن هذا الموقف والصمت الرسمي من رئاسة الحكومة شجع عدد من المعلمين في الجيزة على القيام بتظاهرة أمام وزارة التعليم لتأييد حرق الكتب و "الموقف السليم لمسؤولة التعليم بالجيزة"... بينما أشار الأمين العام لنقابة المعلمين بأن حرق الكتب داخل المدرسة صحيح، قائلا "لن نجعل الإرهاب ينتصر علينا!".
وعند هذه النقطة ثار المثقفون على الوزارة، لأن معارضة الحرق جاءت من المثقفين أعداء الإخوان، حيث أوضح الكاتب يوسف القعيد، وهو عضو اللجنة الوزارية للمكتبات المدرسية، بأن الحرق مدان ومرفوض، وبالأخص إتباعه بمظاهرة تأييد للحرق، لأنه يؤسس ليس فقط للفكر المتطرف وإنما للفكر الإرهابي، وقال إن جزءاً كبيراً من القائمة التي أعلن عن حرقها عائدة لأعلام الثقافة العربية الذين حاربوا التطرف والطغيان باسم الدين...
جاءت مشاهد حفلة الحرق ليس فقط لتذكر الجميع بمشاهد حرق الكتب في القرون الوسطى، وأشهرها كتب الفيلسوف العربي ابن رشد، أو بالرواية العالمية " فهرنهيت 451" التي أنتجت فيلما سينمائيا ذائعاً.. ولكن لتضع واقع ما يحدث في التعليم المصري تحت المجهر. فمثلا تم اكتشاف أن المناهج الجديدة المطورة والتي تم توزيعها حديثا في المراحل الابتدائية تحتوي على قصص تدعو إلى حرق المختلفين مع الأغلبية (كما جاء في قصة "العصافير والنسور" التي انتهت بانتصار العصافير على النسور وحبسهم وحرقهم). كما تكشف أيضا عن قضية هامة وهي معيار اختيار المعلمين أو القيادات التعليمية، والتي لا بد أن تحتل مركزاً متقدماً في ملف الإصلاح التعليمي بجانب الملفات الأخرى، وهي كثيرة ومتعددة... حينما يبدأ الإصلاح، الذي يبدو أنه مؤجل الآن.