"دبلوماسية اللقاحات": المغرب يتولى تصدير لقاح كورونا إلى إفريقيا

يخطط المغرب لأن يكون من أوائل الدول حول العالم التي ستقوم بتطعيم مواطنيها ضد الوباء. كما يهمه أيضاً أن يتسلم مهمة توزيع اللقاح إقليمياً وقارياً قبل نهاية السنة الجارية.
2020-11-28

خولة اجعيفري

صحافية من المغرب


شارك
لقاحات متنافسة.

في ظل السباق المحموم مع الزمن الذي تخوضه حكومات الدول في سعيها لكي تكون السباقة في تأمين حصتها من لقاحات فيروس كورونا المستجد، وقطع الطريق على الجائحة التي غيرت معالم الحياة، وشلّت اقتصاد العالم لما يقارب السنة، دخل المغرب مضمار التنافس من خلال إعلانه الاستعداد لإطلاق حملة تلقيح "مكثفة" في الأسابيع المقبلة. وهذه ثمرة معركة دبلوماسية متعددة الأطراف، خاضها البلد طيلة الأشهر الماضية لتوفير اللقاح، متسلحاً بأدوات السياسة الخارجية والمتابعة العلمية. والهدف أن يكون من أوائل الدول حول العالم التي ستقوم بتطعيم مواطنيها ضد الوباء. وسيتسلم المغرب أيضاً مهمة توزيع اللقاح إقليمياً وقارياً قبل نهاية السنة الجارية.

وأما بشرى قرب الخلاص من الجائحة، فقد عبّر عنها بلاغ للديوان الملكي صدر قبل أسبوع، عقب ترأس الملك محمد السادس جلسة عمل، خصصت لاستراتيجيّة التلقيح ضد فيروس كوفيد-19 التي يرتقب أن تنطلق، خلال الأسابيع المقبلة: من أجل "تأمين تغطية للسكان باللقاح كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس، والتحكم في انتشاره"، مستنداً في ذلك على "نتائج الدراسات السريرية المنجزة، أو التي توجد قيد الإنجاز''، والتي أثبتت "سلامة وفعالية ومناعة اللقاح".

من المنتظر أن تشمل العملية في مرحلتها الأولى المواطنين الذين تزيد أعمارهم عن 18 سنة، حسب جدول لقاحي في حقنتين بفارق زمني يقدر بـ 21 يوماً. في حين ستعطى الأولوية على الخصوص للعاملين في الخطوط الأمامية، خصوصاً العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقوات الأمن، والعاملين في قطاع التربية الوطنية، وكذا الأشخاص المسنين، والفئات الهشة. أي ما يقرب من 5 ملايين مغربي، قبل تعميمه ليشمل 35 مليون مواطن في البلاد خلال أربعة الأشهر الأولى من سنة 2021.

هوية اللقاح المغربي "المختار" غامضة

في وقت لم يحدد بلاغ الديوان الملكي، أو الحكومة المغربية هوية اللقاح المعتمد رسمياً، ونوعيته أو مصدره، يبقى الغموض سيد الموقف، خاصة وأن المغرب نوّع مصادر التزويد، وضاعف حظوظه في الحصول على اللقاح، وهو المنتظر بأن يحظى على ترخيص، وموافقة من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية "FDA"، نظير "فعاليته" ضد وباء فيروس كورونا المستجد من خلال عقد شراكات متعددة الأطراف مع جل اللقاحات التي وصلت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وتضم من بينها اللقاح الصيني الخاص بمختبر "سينوفارم"، ولقاح "سبوتنيك" الروسي، إلى جانب لقاح أوكسفورد.

تذهب التخمينات والمؤشرات الحالية إلى أن اللقاح الأقرب إلى المغرب هو اللقاح الصيني لمختبر "سينوفارم"، والذي كان موضوع اتفاقيتي تعاون مشترك بين الجمهورية الصينية والمغرب في 20 آب /أغسطس الماضي، تم بموجبهما إشراك المغرب في التجارب السريرية للقاح المضاد لفيروس كوفيد 19، التي خضع لها 600 متطوع مغربي، وكانت "ناجعة جداً، ولم تشهد أي اختلالات" بحسب وزير الصحة المغربي، قبل أن يتجه البلد إلى إنتاجه وتوزيعه إفريقيّاً في إطار تبادل الخبرة بين الرباط وبكين.

بحسب الخطة الموضوعة، فستشمل المرحلة الاولى من عملية التلقيح ما يقرب من 5 ملايين مغربي، قبل تعميمها لتشمل 35 مليون مواطن في البلاد خلال أربعة الأشهر الأولى من سنة 2021.

وبحسب ما أكدته مصادر من وزارة الصحة المغربية، فإن نسبة نجاعة لقاح "سينوفارم" الصيني على المتطوعين المغاربة "بلغت 97 في المئة، كما أن مضادات الأجسام تكونت لديهم في ظرف أربعة أسابيع. ومن المرتقب أن تبقى في الجسم حتى 3 سنوات، في حين أن آثاره الجانبية كانت خفيفة، ولا تتعدى ارتفاعاً بسيطاً في الحرارة لساعات، أو احمراراً في موضع حقن الجرعة".

اهتمام ملكي!

ومن جهة أخرى، يبدو أن المغرب يسعى إلى إنجاح المرحلة المقبلة من خلال توجيهات يشرف عليها الملك شخصياً، ضماناً لتوقيع اتفاقيات متعددة الأطراف. وعلى هذا الأساس بلغت مفاوضات المسؤولين المغاربة مع حكومات الدول المصنّعة للقاحات المنتظرة مراحلَ متقدمة من أجل تصنيع اللقاح محلياً بالمغرب، إما بمنح ترخيص لأحد المختبرات الوطنية المتخصصة في الصناعة الدوائية، أو ببناء وحدات صناعية تابعة لهذه المختبرات بالمنطقة الصناعية الحرة بمدينة طنجة، قبل أن يتم تسويقه على دول القارة الإفريقية.

وقد أعلنت روسيا بدورها اختيارها المغرب كمنصة لدخول اللقاح الروسي "سبوتنيك V" إلى إفريقيا، بحسب ما جاء على لسان الممثل التجاري الروسي في البلد، وأوضح المندوب التجاري الروسي أن "وزارة الصحة المغربية تعمل على تسجيل اللقاح الروسي سبوتنيك V المضاد لكوفيد – 19. إذ إن الحجم المفترض لإمدادات اللقاحات الروسية في المرحلة الأولية، يمكن أن يسمح بتلقيح أكثر من 20 في المئة من السكان المغاربة".

تذهب المؤشرات الحالية إلى أن اللقاح الأقرب إلى المغرب هو اللقاح الصيني لمختبر "سينوفارم"، والذي كان موضوع اتفاقيتي تعاون مشترك بين الجمهورية الصينية والمغرب في 20 آب /أغسطس الماضي، تم بموجبهما إشراك المغرب في التجارب السريرية للقاح المضاد لفيروس كوفيد 19.

واعتبر المسؤول الدبلوماسي، أن روسيا كانت بحاجة إلى شريك محلي للترويج للقاح الروسي في السوق، وهو الأمر الذي تولته شركة الأدوية المغربية "جالينيكا"، التي وقعت في أيلول/سبتمبر 2020 اتفاقية تعاون مع صندوق الاستثمار المباشر الروسي لتزويد المغرب بلقاح سبوتنيك V. علماً أن جالينيكا، المختبر الصيدلاني المغربي، هو الوحيد في إفريقيا الذي حصل على شهادة GMP الروسية في عام 2018 (تؤكد التزام الشركة المصنعة للأدوية بمتطلبات ممارسات التصنيع الجيدة، وتتوافق عملية الإنتاج في المؤسسة مع جميع متطلبات المعيار الدولي)، ما جعل روسيا تعتبر بأن "مؤسسة جالينيكا مستعدةٌ مستقبلاً للحصول على التقنيات، وتنظيم إنتاج اللقاحات الروسية في المغرب".

وأوضح المندوب التجاري الروسي أن "المغرب لديه اتفاقيات بشأن مناطق التجارة الحرة مع دول الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة الأمريكية، وتركيا، وعدد من الدول العربية والإفريقية، ويمكن أن يصبح موقع الإنتاج المغربي مركزاً لإمدادات اللقاح إلى دول أخرى في المنطقة، علاوةً على أن سوق الأدوية المغربية، تعد واحدة من أكبر الأسواق، وأكثرها ديناميكية في القارة الإفريقية".

المغرب ينوع مصادر اللقاح... و"فايزر" مستبعد

وكانت الحكومة المغربية قد وقّعت أيضاً اتفاقيات شراكة مع كل من مختبر "أسترا زينيكا" (السويدي ـ البريطاني)، الذي يطور لقاحه مع جامعة أوكسفورد، وستحصل بموجبها على على 17 مليون جرعة من هذا اللقاح الذي سيكون متاحاً في النصف الأول من عام 2021، وسيتم توزيعه بين الدول بناءً على طلب الحكومات، فضلاً عن اتفاق آخر مع شركة "آر- فارم" الروسية.

أما فيما يتعلق باللقاح الأمريكي لشركة "فايزر"، والذي كان موضوعاً دسماً، وعنواناً كبيراً للصحافة العالمية، جعل أسهم فايزر ترتفع في أسواق المال العالمية بشكل صاروخي، فهو على ما يبدو لم يغرِ السلطات الصحية المغربية، واللجنة العلمية التي استثنته من توصياتها، بالرغم من كون نسبة نجاعته فاقت 95 في المئة.

أعلنت روسيا كذلك اختيارها المغرب كمنصة لدخول اللقاح الروسي "سبوتنيك V" إلى إفريقيا، كما وقعت الحكومة المغربية اتفاقيات شراكة مع مختبر "أسترا زينيكا" (السويدي ـ البريطاني)، الذي يطور لقاحه مع جامعة أوكسفورد.

وبحسب ما أكدته مصادر من وزارة الصحة المغربية فإن "نجاعة لقاح "فايزر" الأمريكي لا تفوق تلك الخاصة باللقاح الصيني "سينوفارم". وتقول المصادر إن "التقنية المعتمدة في هذا اللقاح جديدة ومستحدثة، تحتاج وقتاً أطول لتثبت نجاعتها وآثارها الجانبية، على عكس تقنية اللقاح الصيني أو لقاح أوكسفورد والتي تستخدم الفيروس المعطل، أي تقنية معتمدة لما يفوق 100 سنة. فضلاً عن ذلك فإن لقاح "فايزر" مكلف الثمن مقارنة مع باقي اللقاحات، في حين أن النتيجة واحدة. وهذا اللقاح لا يمكن توزيعه على كافة ربوع المملكة أو إفريقيا، نظراً لظروف التخزين التي يتطلبها، إذ يحتاج حفظه إلى درجة حرارة تقل عن 70 درجة تحت الصفر للإبقاء على فعاليته، أي شروط لوجيستية مكلفة جداً".

مقالات من المغرب

المغرب... مَن أثقلَ جيوب العيد؟

يبدو المشهد مثاليّاً، ولا شيء ينغصّه. فالملابس جديدة، والوجوه هانئة، كأن الحياة بهية والجو بديع. بل تتلوّن الجلابيب أكثر كل سنة، وتبدو أغلى تكلفة وأرفع جودة. فهل صار المغاربة أغنى،...

للكاتب نفسه

انفلات التضخم والغلاء في المغرب..

أجمعت المسيرات الاحتجاجية على أن الحكومة الحالية التي يرأسها رجل الأعمال الأغنى بالبلاد بعد الملك، تغض الطرف عن لوبيات الاحتكار، وتتلكأ في معالجة ارتفاع أسعار المحروقات، خاصة وأن حلول شهر...

"لالة زينة وزادها نور الحمام"

حرمان المغاربة من الحمامات الشعبية التي أُغلقت خلال جائحة كورونا، أخرجهم إلى الاحتجاج في عز حالة الطوارئ! ما سر هذا الارتباط الروحاني بين المغاربة والحمام التقليدي؟