وسط دهشة العرب: المجاعة تهدد الموريتانيين

اندهش ممثلو هيئات عربية ودولية أثناء جولة لهم في موريتانيا منذ أيام، من واقع المجاعة الذي يعاني منه الناس في مناطق زراعية رعوية ما زال سكانها يعيشون على وسائل بدائية ويعتمدون في شرابهم على مياه الآبار التي يتم جلبها على عربات الحمير. ودعت منظمات دولية بينها من يتبع للأمم المتحدة، إلى توفير دعم عاجل لإنقاذ أكثر من مليون موريتاني في جنوب شرقي البلاد مهددين بالمجاعة في غضون الأسابيع القادمة
2014-03-05

المختار ولد محمد

صحافي من موريتانيا


شارك
| en
(من الانترنت)

اندهش ممثلو هيئات عربية ودولية أثناء جولة لهم في موريتانيا منذ أيام، من واقع المجاعة الذي يعاني منه الناس في مناطق زراعية رعوية ما زال سكانها يعيشون على وسائل بدائية ويعتمدون في شرابهم على مياه الآبار التي يتم جلبها على عربات الحمير. ودعت منظمات دولية بينها من يتبع للأمم المتحدة، إلى توفير دعم عاجل لإنقاذ أكثر من مليون موريتاني في جنوب شرقي البلاد مهددين بالمجاعة في غضون الأسابيع القادمة بسبب موجة جفاف قاسية.
وسارعت منظمات أهلية موريتانية ومحطات تلفزيونية لإطلاق حملات تبرع لسكان المناطق التي يطلق عليها "مثلث الأمل". ويشارك في الحملة مفكرون ورجال دين ورياضيون وفنانون.
وقد اصطحب رشيد خاليكوف مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في جنيف، مسؤولين من الجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي وممثلين من مجلس التعاون الخليجي، في جولته في موريتانيا.
واعتبر أن مهمة البعثة كانت مزدوجة، وتمثلت في السعي "لإسعاف الفئات الأكثر هشاشة، وفي بناء القدرة على التكيف لدى السكان الذين يواجهون خطر التعرض للأزمات من جديد".
إلى ذلك حذرت ممثلة الأمم المتحدة في موريتانيا كومبا مار غاديو من خطورة تردي الأوضاع المعيشية في جنوب شرق موريتانيا مؤكدة الحاجة الفورية إلى مئة وثمانية ملايين دولار لتمويل مشاريع وبرامج لسد الفجوة الغذائية، لاسيما في المناطق المتضررة من آثار الجفاف.

ما خفي أعظم

النداء الدولي يسلط الأضواء على ثلاث محافظات، لكنه يتناسى موريتانيين آخرين لأن جل موريتانيا، التي لا تزال تعتمد في سياستها الزراعية والرعوية على مياه الأمطار، هي اليوم في وضع مأساوي. وهناك ثماني محافظات زراعية رعوية يعيش فيها الفرد على أقل من دولار يوميا. وتتوالى معاناة هؤلاء للعام الرابع حتى أن بعضهم لجأ إلى مخيمات النازحين الماليين شرقي البلاد ليسجل أسرته كنازحة، بعد أن ضاقت به كل السبل، فقيل عنهم "نازحون في بلادهم".
تعززت الأزمة الغذائية بسبب الجفاف بتبعات الوضع في جمهورية مالي المجاورة التي استقبلت موريتانيا ربع مليون من لاجئيها بسبب الحرب، وما زال نحو ستون ألفا منهم يرفضون العودة لبلادهم. ولا يعلق الموريتانيون آمالا كبيرة على المجتمع الدولي، ويقول محمد محمود وهو شيخ سبعيني أتى الجفاف على نصف قطيعه من الماعز، إن الله سيحفظ ما تبقى، فهذه الأزمة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، و"قبل أربعة عقود كنا هنا نعاني، ولكن ذلك لم يمنعنا من إرسال مساعدات من الأسماك لأشقائنا المصريين أثناء حرب أكتوبر، وفيما كان العرب يدرسون توزيع المساعدات بيننا نحن والسودان، أنزل الله الغيث وتنازل رئيسنا المختار ولد داداه عن المساعدات التي كانت مخصصة لنا!".
ولكن، وعلى الرغم من الكلام المطمئن للرجل، وتخوفا من الأسابيع القادمة وموجة الحر التي ينتظرها الريف الموريتاني مطلع آذار/مارس القادم، يسارع موريتانيون إلى بيع بعض قطعانهم، ما أدى إلى تراجع أسعار الأبقار من تسعمئة دولار للرأس إلى سبعمئة.

جاور الماء عطِش

من المفارقات أن المحافظات الموريتانية الثلاث التي يعاني أبناؤها من المجاعة لا يبعد بعضها أكثر من خمس كيلومترات عن النهر، وتقع على ضفافه أراض خصبة. ولكن السلطات تقول إنه ليس لديها إمكانيات، وإن الأشقاء العرب لم يوفوا لحد الساعة بتعهداتهم.
المسؤولون العرب ضمن الوفد الأممي اندهشوا من واقع الريف الموريتاني، وأكدت فائقة الصالح مساعدة الأمين العام للجامعة العربية، وعطاء المنان بخيت، الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ضرورة الإسراع بتقديم الدعم للمتضررين. كما رأى ممثلون لدول عربية مثل السعودية وقطر، دعتهم الأمم المتحدة إلى الجولة، الظروف القاسية التي يعاني منها الموريتانيون في هذه المناطق.
ويرجع محللون في نواكشوط غياب الدعم العربي لموريتانيا إلى أسباب سياسية. وكانت القيادة القَطرية التي تحتضن على أراضيها رئيس موريتانيا الأسبق ومهندس علاقاتها مع إسرائيل معاوية ولد الطايع، قد ماطلت في الأعوام الماضية في تمويل مشاريع سبق ووعدت بهم الموريتانيين، بينما بات من شبه المؤكد منحها ربع مليار دولار لدولة مالي المجاورة.
 

مقالات من موريتانيا

للكاتب نفسه