عمّال في الشمس

تقرير من موقع "حبر" عن الظروف الصعبة التي يعيشها عمال يشتغلون تحت أشعة الشمس بشكل مباشر في الأردن الذي يشهد موجة حر شديد. وزيادة على المشقة والتعب تتهدد الأمراض، وحتى الموت، هؤلاء العمال.
2020-09-10

شارك
الصورة من موقع "حبر". عاملان يفرغان حاوية قمامة في سيارة تابعة لبلدية إربد. تصوير عمّار الشقيري

دخلت المملكة يوم السبت 29 آب الماضي موجة حارة ومرهقة وطويلة، تراوحت درجة الحرارة في بعض أيّامها بين 40 و48 درجة مئوية، في مستويات قياسيّة لم تصلها من قبل. في هذه الأيّام كان الكثير من العمّال يواصلون العمل طوال النهار وفي أوقات الذروة دون استراحات.

يوم الجمعة 4 أيلول، توفي عامل وافد يعمل في القطاع الزراعي في الأغوار الشماليّة، بعدما ظهرت عليه أعراض ضربة شمس، فأصدرت وزارة العمل، إرشادات وقائيّة لأصحاب العمل لتوفير أسباب السلامة والصحة المهنية للعمّال.

بعد مضي 24 ساعة على الوفاة الأولى؛ أي يوم السبت 5 أيلول، تناقلت وسائل إعلام محلية وعربية خبر وفاة عامل أردني بسبب ضربة شمس، لكن ذويه نفوا لحبر أن تكون ضربة شمس سببًا للوفاة، وهو ما يؤكّده كذلك مصدرٌ طبيٌّ مختصّ لحبر.

يوم السبت أيضًا، أصدرت مديرية الصحة والسلامة المهنية في وزارة العمل، لأصحاب العمل مجموعة من الإرشادات الوقائيّة خلال موجة الحر، دعت فيها إلى «توفير أسباب السلامة والصحة المهنية، خاصة للعمال الذين يعملون تحت أشعة الشمس المباشرة، (..) وعدم تعريض العمّال لأشعة الشمس المباشرة، خاصةً وقت الذروة، والتي تمتد ما بين الساعة 11 صباحًا وحتى الساعة الخامسة عصرًا». وفي اليوم التالي، أصدرت وزارة العمل تعميمًا ملزمًا لاصحاب العمل بـ«عدم تشغيل العاملين في أيّ من الأعمال في مواقع العمل المكشوفة والمعرضة لأشعة الشمس وبشكل مباشر خلال فترة الذروة»، التي حُددت في التعميم بين الساعة الثانية عشرة ظهرًا إلى الساعة الثالثة عصرًا.

لكن مع صدور إرشادات وزارة العمل وتعميمها الملزم، ظلَّ عمالٌ أردنيون وغير أردنيين يعملون تحت أشعة الشمس وفي أوقات الذروة، منهم من يعمل في جمع النفايات ويتبع مؤسسات حكوميّة، ومنهم من يعمل في قطاع الإنشاءات ويتبع القطاع الخاص.

تطول قائمة المهن التي يضطر العمّال فيها للعمل طوال اليوم تحت أشعة الشمس بشكل مباشر؛ من عمال الزراعة إلى عمال الإنشاءات والباعة الجوالين، وغيرها. ومع نهاية يوم العمل في هذه الأيّام، يعود هؤلاء العمّال إلى بيوتهم ليناموا باكرًا جدًا بمعية المسكّنات، ففي اليوم التالي سيخرجون إلى العمل بغض النظر عن درجة الحرارة.

وفاة أثناء تسميد الأرض

في السابعة من مساء الخميس، وفي إحدى مزارع بلدة الكريمة، التابعة للواء الأغوار الشمالية، شعر العامل المصري أشرف رمضان (40 سنة) بتعب عامٍ في جسده بعد ساعات من العمل في المزرعة، حيث كان يفرد السماد. طلب له العمّال الآخرون سيّارة الإسعاف لنقله إلى مستشفى أبو عبيدة القريب، وهناك دخل في غيبوبة لمدة 24 ساعة وتوفي بعدها، بسبب أعراض ضربة شمس كما يقول مدير مستشفى أبو عبيدة، الدكتور مؤيد الشكور.

يقول مدير مركز الطبّ الشرعي بمدينة إربد الدكتور علي شوتر إنَّ الجثّة ظهرت عليها أعراض ضربة الشمس بالفعل، لكن دون تأكيد فيما إذا كانت ضربة الشمس هي المتسببة بالوفاة بشكل مباشر. ويصف شوتر حال الجثة بأنَّه شوهد على القلب بقع نزفيّ، بالإضافة إلى وجود التهاب جرثوميّ بكتيريّ، وقد ساهمت درجات الحرارة المرتفعة في أن يسبب الالتهاب تسممًا في الدمّ.

كان رمضان قد ترك خلفه زوجته وطفليه قبل سنة وقدم إلى الأردن ليعمل في الزراعة، المهنة التي عمل بها في بلدته بالشرقيّة بمصر، حسبما يروي نسيبه سيّد.*

خلال ساعات ذروة الحرّ هذا الأسبوعين، ظلَّ عمالٌ أردنيون وغير أردنيين يعملون تحت أشعة الشمس؛ في جمع النفايات وفي قطاع الإنشاءات وغيرها

في هذه الفترة من السنة تتوقف أعمال الزراعة، إذ ينتهي الموسم في وادي الأردنّ، ويبدأ التجهيز للموسم الجديد مثل حراثة الأرض، ومدّ أنابيب ريّ المحاصيل، وتجهيز البنى التحتيّة للمزارع.

يبدأ العمل مبكّرًا منذ الساعة الخامسة فجرًا وحتى الـ11 أو 12 ظهرًا، ثم يأخذ العامل بالعادة استراحةً ويعود إلى العمل مع العصر، لكن بعض المزارعين لا يسمحون للعمّال بهذه الاستراحات. «كأنه ملك الموت ماسكك»، يقول سيّد، الذي يعمل هو الآخر في نفس البلدة بالزراعة، واصفًا مشقة العمل في هذا الوقت من السنة.

بقية التقرير على موقع "حبر".

مقالات من العالم العربي

ميلادٌ آخر بلا عيدٍ

2024-12-26

وجّه الأب "منذر إسحق" رسالة الميلاد من بيت لحم إلى العالم، قائلاً: "احتفالات الميلاد ملغاة. لا وجود لشجرة ميلاد، للأضواء، للاحتفالات في الشارع... من الصعب تصديق أننا نعيش ميلاداً آخر...