في عددها الصادر في 22 مايو الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرارين رئاسيين رقم 233 و238 لسنة 2020 بتعيين 335 مندوبًا مساعدًا جديدًا في مجلس الدولة من خريجي دفعتي 2014 و2015 بكلية الحقوق، ولم يشمل أي من القرارين إناث ضمن المعينين.
اقتصر القراران على الطلاب الذكور فقط، وبالتالي لم يشملا ندى جاد الله (26 سنة)، خريجة حقوق جامعة عين شمس قسم اللغة الإنجليزية، دفعة 2015، رغم حصولها على تقدير جيد جدًا مع مرتبة الشرف في سنوات دراستها، وحصولها على درجة الماجستير في الحقوق من نفس الجامعة في 2017، بالإضافة إلى عملها في المحاماة منذ تخرجها. تقول ندى لـ«مدى مصر»: «في فبراير 2016 لما نزل الإعلان لدفعتي رحت عشان أقدم ورقي في مجلس الدولة، مارضيوش يدوني ملفي، ومارضيوش يخلوني أعمل تظلم، وقالوا التعليمات كدة. صممت وعملت تظلم لرئيس مجلس الدولة، ورحت عملت محضر إثبات حالة». لم يسمح لندى بالتقديم.
ندى تحب القانون الإداري، المختص به مجلس الدولة، ويضم نزاعات خاصة بالاستثمار والشؤون الإدارية، واستراتيجيًا رأت ندى أن معركة الانضمام لمجلس الدولة قد تكون مقنعة أكثر للمجتمع الذي قد يجد صعوبة في تقبل تولي امرأة التحقيق في جرائم قتل أو في وجودها على منصة المحكمة، رغم أنه حقها أيضًا، كانت من البداية تضع عينها على الجهات القضائية التي لا تسمح للنساء بالانضمام لها، لأن الأمر كان مستفزًا لها، لأن المساواة تعد حقًا دستوريًا.
وبحسب المادة 11 من الدستور، فإن على الدولة أن تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وذلك اتساقًا مع المادة 53 من الدستور التي تنص على أن «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر».
ينص الدستور أيضًا في مادته 14 على أن «الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة»، وفي مادته التاسعة على التزام «الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز».
في ديسمبر 2017 جددت ندى مطلبها، وقدمت تظلمات لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء ووزير العدل ورئيس مجلس الدولة، ولكن لتستطيع ندى رفع دعوى عليها تقديم التظلم أمام لجنة التوفيق في مجلس الدولة، وهو ما قدمته في 11 ديسمبر 2018 ورفض في 25 ديسمبر من نفس الشهر، وبعد رفضه قدمت تظلمات أخرى للجهات المذكورة سابقًا. تضيف «أنا كنت مستنية القرار الإيجابي اللي هو قرار التعيين لدفعتي ومافيهوش بنات اللي صدر في مايو عشان أضمه على القرار السلبي بالامتناع عن تسليمي ملفي، وقدمت تظلم في مجلس الدولة نفسه يوم 19 يوليو على القرار الإداري، وهرفع دعوى قضائية خلال 60 يومًا من تقديم التظلم أمام مجلس الدولة نفسه، رغم إشكالية ده الدستورية أنه الخصم والحكم».
في 22 مايو الماضي أيضًا، نشرت الجريدة الرسمية قرارًا رئاسيًا آخر برقم 235 لسنة 2020، بتعيين 417 وكيلًا للنيابة العامة من بين خريجي الحقوق دفعة 2016، ولم يشمل القرار أيضًا تعيين خريجات القانون أسوة بزملائهم الذكور.
النساء المغربيات يدخلن مهنة "العدول"
08-02-2018
في ديسمبر 2019، فتحت النيابة العامة باب التقديم لدفعة نفس العام للتقدم لوظائف وكلاء النيابة، وسافرت غرام بسيوني (23 سنة)، خريجة حقوق جامعة الزقازيق من الشرقية إلى القاهرة يوم 9 يناير الماضي، تحديدًا إلى دار القضاء العالي للتقدم للوظيفة، بعد أن شجعتها أسرتها على ذلك، تقول لـ«مدى مصر»: «مكانش فيه ولا بنت في الصف، غير بنات بيقدموا لأخواتهم الولاد، وقفت في الصف لقيت الموظف ندهلي، قالي هتقدمي لمين، قلتله هاقدم لنفسي، فراح مزعق وقالي ممنوع البنات، طلبت منه جواب رفض، فرفض وزعق. المفروض إني أقدم بإني أدفع فلوس وياخد اسمي ويديني الملف بتاعي، ومعاه استمارة تقديم وفيش وتشبيه عشان أقدم. وداني لموظف تاني فقالي روحي للنائب العام، رحت مكتب النائب العام، فقالولي مش موجود وقالولي ممنوع يقولوا هيوصل امتى. رحت للشؤون القضائية، فالموظف حاول يقنعني أنه ممنوع وابتدى يكلمني في الدستور والقانون والشرع والعاطفة اللي بيمنعوا تعيين الستات في القضاء، رغم أن فيه دول إسلامية كتير بتعين قاضيات ستات. موظف الشؤون القضائية رفض يديلي جواب بالمنع، عشان مفيش قرار رسمي مكتوب بيمنع البنات يقدموا. 3 ساعات بلف على موظفين، في الآخر وكلت محامي يعمل تظلمات للنائب العام ووزير العدل ورئيس الجمهورية، وقدمناها كذا مرة لغاية ماتقبلت بعد ما المحامي عمل محاضر بعدم الاستلام. وفي يناير رفعت دعوى في القضاء الإداري عشان يقبلوا ملفي بس ويسمحولي أقدم، مش حتى عشان يعينوني أو لأ».
بالنسبة لغرام، النيابة العامة هي تجسيد للحق، والبحث عن أسباب الجرائم، كما أنها طوال حياتها تهتم بالتفاصيل والتحقيق والتدقيق والنظر للأمور من كل جوانبها وعبر كل أطرافها، تقول «دايمًا كان جوايا مفتش صغير في حل المشاكل والحوادث»، كما أنها لطالما تمنت أن تكون سببًا في نصرة المظلومين وتحقيق العدالة بانضمامها للنيابة. بدأ أساتذتها في الثانوية العامة مع ذلك السخرية من رغبتها في الانضمام للنيابة، تقول «كان فيه أستاذ بيقولي هتحققي إزاي يعني مع متهمين وأنتي بطنك قدامك، رغم إني يعني لو بطني قدامي فيه حاجة أسمها أجازة وضع زيها زي أي شغلانة». تمنت غرام أثناء دراستها للحقوق أن يتغير الوضع بما يسمح لها بالانضمام، لتحقيق حلمها، وبتشجيع أسرتها بالفعل تقدمت، حتى لا تندم على عدم المحاولة، خاصة أنها ترى أن «ربنا عدل بين كل الناس وبعضها»، ولديها الحق بالتالي في شغل الوظيفة.
التقرير الكامل على موقع "مدى مصر".