حالات التحرّش تستعر في أيّام العيد.
جديد هذا العام: فيديو خرج من أحد منتزهات جدّة في السعودية، والذي يُصوّر حالة تحرش جماعية بفتاتين بعد نزولهما للتجوّل في ثاني أيام عيد الفطر. ما يُظهره الفيديو هو حشد من الشباب والرجال تجمهروا خلف الفتاتين محاولين حصرهما في دائرة، مُسقطين عليهما كمّاً من المضايقات اللفظية (لا تُسمع كلّها بوضوح في الفيديو)، يصرخون ويصفّرون، وإحداهنّ تصرخ بهم، ليعلوا صوتها ويدها معاً لحظة وضع أحدهم يده على مكان ما من جسمها (لم يكن واضحاً أين).
هاشتاغ #تحرش_بفتاتين_بجده انطلق بقوة على تويتر. سعوديون وغير سعوديين وزعوا مواقفهم بالاستنكار وطلب التحرك القضائي لمحاسبة الفاعلين الذين تظهر وجوههم واضحة في الفيديو.
ولكن هؤلاء ليسوا وحدهم. توجّهاً إلى المواقع الالكترونية التي نشرت الخبر، رشّة من تعليقات القرّاء تكون كافية وافية. هنا عيّنات من موقع cnn بالعربية:
- "شايف العباي واللثمة والتمايل على البنات الجدّاويات قدّام الشباب.. ارجع للفيديو تجد البنت الكبيرة مطلعة صدرها وفاتحة العباية من عند الصدر، قبل لا تحكم شُف من تحرّش أول بالشباب، حتى عند اقتراب الشباب ما غطّت، يعني متعمدة".
- "اللى تعرض نفسها الله لا يردها".
- "بصوا... يا جماعة، عشان بس تعرفوا قيمة ودور رجال الهيئة - حماهم الله - اللي انتو يا نساء السعودية بتحاربوا رجال الهيئة وتتهموهم بالتضييق عليكم؟!!".
- "تلومون الشباب وتنسون أن البنت الكبيرة مطلعة صدرها بالفيديو قدام الشباب، ولم تغطيه حتى بعد اقتراب الشباب، يعني متعمدة الإغراء. ولم أرى احد استهجن فعلها، صدق أصبحنا نجيز العهرنة علني".
أمّا باقي التعليقات فصبّت في المحور السني ـ الشيعي، والمصري ـ العراقي ـ السعودي. سنّة أولاد كلب/ ليس الشيعة أفضل، أولاد متعة/ لا يحدث هذا في العراق، فقط ببلاد آل سعود/ أنا سعودي، وهذا لا يحدث في الرياض، هذه بدعة وصلتنا من مصر/ هؤلاء ليسوا سعوديين، في الرياض لا يحدث هذا....
هياج التعليقات كان مرعباً. ولكن؟ في العودة إلى الفيديو، لا بدّ من ملاحظة وجود ما يتجاوز عملية تحرش عادية وفق المُتعارف عليه. صحيح أن الأصوات غير واضحة ولا ردّ النساء حتى، ولكن ما يبدو مؤكداً هو ذاك الالتفاف لحشد من الذكور حول امرأتين منقبتين وبعباءات فضفاضة. التفاف في مكان عامّ، لا شيء يُبرره إلاّ رغبة ذكوريّة صارخة (وضّاحة) أنه من غير المسموح لامرأة أن تتواجد في فضاء عام، ووحيدة بلا ذكر (محْرم)؟
وهذا ينسحب على كلّ القوانين في السعودية التي تخصّ المرأة. الشيء بالشيء يُساويه. ولكن ما كان أكثر بشاعةً في الفيديو هو أن أغلبية أبطاله حملوا هواتفهم لتصوير الحدث. يوثّقون بالصور حتّى تتعلم البقيّة الباقية في البلاد!
#تحرش_بفتاتين_بجده نتيجة طبيعية لقنوات إعلامية تتحرش بعقول الشباب بأفلامها وبرامجها ..أوقفوا تحرش القنوات أولا
— أبو لجين إبراهيم (@abulojain1) July 22, 2015
