تمّ الأسبوع الماضي إحالة كلّ من المواطنتين السعوديتين لجين الهذلولي وميساء العامودي إلى "محكمة الإرهاب" (!) بسبب قيادة السيارة من الإمارات إلى حدود المملكة.
ويتمّ هذا الأسبوع قلب الدنيا رأساً على عقب في السعودية ردّاً على إعلان (غير معروف المصدر) عن "عزم 300 ملحد إقامة ملتقى الملحدين الأول في مكة" في الفترة الممتدة ما بين 25- 28 كانون الأول/ديسمبر.. محاطاً بسريّة تامة بالطبع! وبالطبع من دون أن ننسى اعتقال المواطنة سعاد الشمري بتهمة "الترويج للإلحاد" وذلك بعد مطالبتها بإلغاء الشرطة الدينية في البلاد.
وكما في السعودية كذلك في مصر، وبالعكس! ففي الأسابيع الماضية، ثار جدل لا ينتهي على اثر إغلاق "مقهى الفلكي" الذي وُصف بأنه "مقهى الملحدين". وصرّح حينها رئيس حي عابدين أنّ سكان المنطقة تقدّموا بعدة شكاوى ضد المقهى، واصفاً روّاده بأنهم من عبدة الشيطان والملحدين.
"مرصد الفتاوى التكفيرية" التابع لدار الإفتاء المصرية أعدّ تقريراً يُحصي فيه عدد الملحدين في مصر (كيف فعل بربكم؟!) معتبراً أن هناك تزايد لظاهرة الإلحاد بين الشباب في الدول الإسلامية.. وكانت النتيجة 866 شخصاً!
أمّا السعودية، وبعد دراسة لمعهد غالوب الذي يتخذ من زيوريخ مقرّاً له (كله بالعلم والاحصاء!)، فأفادت بأن نسبة الملحدين في المملكة تتراوح ما بين 5 و 9 في المئة من السكان. وأعلن رئيس الجمعية العلمية السعودية لعلوم العقيدة والأديان في الجامعة الإسلامية، عن إنشاء مركز "يقين" لمكافحة الإلحاد.
خبر إقامة "ملتقى الملحدين الأول في مكة"، مرفقا بهاشتاغ على مواقع التواصل الاجتماعية، مكّن القوم من رمي كدسات مآسيهم ومشاكلهم من أيديهم، ومن هجرة القعر الذي كانوا فيه إلى آخر أكثر عمقاً للردّ والردّ المضاد على قضية.. الإلحاد. وهذا لا تسمية له إلاّ الإلهاء المتعمّد والتشتيت عن كثير من الأشياء المهمة.. واختلاق طوارئ غير الطوارئ الفعلية.. ماذا يعني نقاش الإلحاد في الوقت الذي تخترق البلاد والمنطقة هموم ومشكلات لا تجد لها حلولا ولا حتى في الخيال؟ في الوقت الذي يتكدّس فيه الشباب في السجون من دون أسباب منطقيّة، ما يولد يأساً خطيراً واغتيالا للطاقات الحيوية بغاية الإخضاع. في الوقت الذي.. تطول اللائحة في الوقت الذي عُقد فيه ملتقى للملحدين، وأين؟ في مكة!
