يوم السبت الماضي، أتمّ الشاب المصري محمد سلطان يومه الـ300 في إضرابه المتواصل عن الطعام الذي فقد خلاله 70 كيلوغراماً من وزنه. وما بين الرقمين، حطّ عيد ميلاده الـ27 الأسبوع الماضي أيضاً، وهو في مكانه: السجن، وهذا عيد ميلاده الثاني وهو هناك.
قصّة محمد باتت معروفة، لا جديد فيها سوى أنّ الشاب يوماً بعد آخر يقترب أكثر وأكثر من الموت. تضمحلّ مساحته في الصور التي تخرج في تواريخ مختلفة، ولم يكن آخرها صورته وهو ممدّد على سرير المستشفى ويده مكبّلة بسلاسل حديديّة. وربما سبب تكبيله خوفٌ من هربه. أرسل محمد رسالةً من سجنه، في ذكرى مولده، قال فيها: "هذا الكابوس الكئيب المظلم الذي حلّ بي فجأة ولا أعلم كيف، ولا كم سيدوم، ولا متى أو كيف سينتهي؟". تجاهله من قبل السلطات إذلال مقصود. وجوابه على هذه المعاملة أنه يملك "جثته"، فيتصرف بما يملك. والمضحك (هل هو مضحك فعلا؟) أن السلطات تروج عن طريق مطبّليها في الإعلام أن هؤلاء ينتحرون لإحراجها، أي كبروبغندا ضدها! هل كان هناك من يتوقع مثل هذا الإسفاف العصابي؟
قبل يوم واحد من دخول إضراب محمد اليوم الـ300، أقدم المواطن المصري أشرف صابر صليب على شنق نفسه من شباك بيته. تدلّت جثته من شباك مبنى في الطابق الأوّل من مدينة العاشر من رمضان في محافظة الشرقية، بعد أن علّق رقبته بحبل برتقاليّ اللون، وقفز من النافذة ليتحوّل مادة لكاميرات أهالي الحيّ ومن حضر للمشاهدة، إلى أن تبرّع أحدهم بتغطية الجثة بشرشف أبيض.
تعدّدت الروايات حول سبب إقدام الرجل على الانتحار، لكن الجامع بينها هو وضع مادي صعب وعمل بأجر زهيد في شركة للأجهزة الكهربائية وعائلة وأولاد.
هذه همومٌ يوميّة يُصادفها كثيرون، لا سيّما في مصر، وهذا يُحيلنا سريعاً إلى شهر أيلول/سبتمبر الماضي الذي كان الأعلى مصريّاً في معدلات الانتحار: 18! وسجلت محافظة المنيا في صعيد مصر 6 حالات لوحدها.
.. وتحضر جثة فرج رزق. تفرض نفسها بمجرّد الحديث عن انتحار وجثة متدليّة، فالرجل أقدم على شنق نفسه على أعلى لوحة إعلانية بعد أن أوقف سيارته على طريق رزق الإسماعيلية وشنق نفسه على الملأ.
ضجّت مصر بالخبر، ليعود ويُطوى كحال كلّ شيء.
"جثّة" محمد سلطان، المعتقل السياسي، التي تصغر تباعاً تحت أعين القاضي، تتماهى مع جثة أشرف وفرج. أوجه شبه كثيرة تجمع بين الجثث الثلاث. ومن المهمّ التأكيد على أنّ جثة محمد تُمثّل (ولو رمزيّاً) جثث 156 معتقلاً سياسياً آخرين مضربين عن الطعام تحت عنوان: "الموت لنحيا" و"الحرية للجدعان".
المنتحرون يعلنون التوقّف عن محاولة العيش، بينما محمد ورفاقه ما زالوا يُحاولون، يضعون "جثثهم" على خطّ الموت لعلّهم يكسبون الحرية ليحاولوا بدورهم العيش. محمد ورفاقه ميّتون مع وقف التنفيذ إلى حين. أشرف وفرج أُنهكا وهما يحاولان فانتهيا معلّقَين فوق المدينة.
أشياء تحتضر، وأشياء عُلّقت في العلن، وأشياء على الدرب سائرة.
فكرة
جثة في سجن..أو من شباك
يوم السبت الماضي، أتمّ الشاب المصري محمد سلطان يومه الـ300 في إضرابه المتواصل عن الطعام الذي فقد خلاله 70 كيلوغراماً من وزنه. وما بين الرقمين، حطّ عيد ميلاده الـ27 الأسبوع الماضي أيضاً، وهو في مكانه: السجن، وهذا عيد ميلاده الثاني وهو هناك.
قصّة محمد باتت معروفة، لا جديد فيها سوى أنّ الشاب يوماً بعد آخر يقترب أكثر وأكثر من الموت. تضمحلّ مساحته في الصور التي تخرج في تواريخ مختلفة، ولم يكن
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...