العصف المأكول

- اقتحام حاجز قلنديا الإسرائيلي شمال القدس المحتلة، وتمّ رصد أكثر من إصابة في صفوف جنود الاحتلال بفضل الزجاجات الحارقة أو الحجارة.
- إضرام النار في البرج العسكري الإسرائيلي المقام عند مدخل قلنديا، بعد مفاجأة جنود الحاجز.
- حرق غرفة الحراسة عند مدخل معسكر عوفر غرب رام الله في الضفة الغربية، خلال المواجهات العنيفة التي اندلعت أمام المعسكر.
- إشعال النار في مركز لشرطة الاحتلال قرب باب الأسباط في القدس، ما دفع قوات الاحتلال إلى استقدام أعداد كبيرة من عناصرها إلى مكان المواجهات.
(...)
في ما ورد أعلاه ملخّص سريع لأحداث ليلة ساخنة عبرت فوق الضفة الغربية المحتلة والقدس، واعتبرت الأعنف منذ بدء العدوان على غزة. هذه ليست أخبار الحدث كاملةً، لكنها الخلاصة الأبرز والتي تمكّنت في لحظات من شحن النفوس بإيجابية على الرغم من تتابع أخبار المجازر وارتفاع أعداد الشهداء في غزة. وتجلّت انطباعات المشهد الشعبية في تدوينات مواقع التواصل الاجتماعية. فكان الاحتفاء الأكبر هو لاقتحام مركز الشرطة والذي تمّ تناقل صور جدرانه التي استولى عليها الشباب الفلسطينيون وملأوها بعبارات مثل: أبو عبيدة، غزة فلسطين، فجر الله، R160، فداك يا أقصى، حماس، القسام...
أحكمت هذه الأحداث القبضة على ردّات الفعل، فقرأنا مراراً في تلك الليلة عبارة "المسجد الأقصى منطقة محررة". كان خبر باب الأسباط، وهو باب لسور القدس يبعد 50 متراً عن المسجد الأقصى يحمل زخماً هائلاً. تشعر للحظات أنك في واحدة من الألعاب الالكترونية، وأبطالك تمكنوا من تجاوز الوحش ودخلوا إلى النقطة النهائية واستولوا عليها، رافعين علمهم فوق القلعة. هذه هي النقطة الحُلم التي تُعلن منها انتصارك. في تلك اللحظة تعود لإدراك نسيته لأسباب كثيرة، وهو أن إسرائيل في أصلها فكرة زائلة. فأي استعمار، مهما تعاظم، لا يمتلك بديهية البقاء.
منذ يومين، انتشر فيديو اقتحام شباب من كتائب القسّام موقعاً محصّناً وسيطرتهم على عشرة جنود اردوهم قتلى وغنموا سلاحهم. كلّه مصور ومُسجّل: عبور الشباب النفق، تقدّمهم، دخولهم الموقع، خروجهم سالمين مع السلاح... هذه ليست تفاصيل، هذه سلسلة عناصر تجتمع لتؤكّد لنا أن فلسطين مهما بعدت مردّها معروف. استوجب الأمر مؤتمراً صحافياً لرئيس وزراء العدو ووزير الدفاع ورئيس الاركان معاً! يبررون ويتوعدون.
اشتعلت مواقع التواصل من جديد. في لحظة قفز الكلّ من فوق بؤس الموت. موتنا ليس بيدنا، لا سيطرة لنا على تمدّده. انتصاراتنا بيدنا، شبابنا وأهلنا بمقاومتهم وصمودهم هم من يُنجِزون. تأتي هذه الأخبار لشدّنا صعوداً، من قعر يمتلئ بصور الشهداء وجثث الأطفال وقصص اللحظات الأخيرة... الآن يُحكى عن انقطاع التيار الكهربائي ومعه انعدام الصور والأخبار من غزة. لم يكن لنا من سبيل إليهم إلاّ هذا. وإسرائيل تحكي عن هدنة إنسانية.. نعم هدنة وإنسانية. وإسرائيل هي من ينطق بالكلمتين.