مقاتلات شرسات

مفاجأة يوم المرأة العالمي أتت هذا العام من بغداد. خرجت النسوة متشحات بالسواد، حزناً على أرواحهنّ وأرواح بناتهنّ. خائفات مذعورات مما ينتظرهنّ في المقبل من الأيّام. أمّا السبب فهو إحالة الحكومة العراقية لمشروع «القانون الجعفري» الى مجلس النواب. والمشروع المذكور يشرّع زواج القاصرات بعمر التسع سنوات (سنّ البلوغ) وفوق ذلك «الهلالية»، أي مدنيا حين تكون الفتاة في الثامنة

مفاجأة يوم المرأة العالمي أتت هذا العام من بغداد. خرجت النسوة متشحات بالسواد، حزناً على أرواحهنّ وأرواح بناتهنّ. خائفات مذعورات مما ينتظرهنّ في المقبل من الأيّام. أمّا السبب فهو إحالة الحكومة العراقية لمشروع «القانون الجعفري» الى مجلس النواب. والمشروع المذكور يشرّع زواج القاصرات بعمر التسع سنوات (سنّ البلوغ) وفوق ذلك «الهلالية»، أي مدنيا حين تكون الفتاة في الثامنة وبضعة أشهر! وينص على منح حق الحضانة تلقائياً للآباء، حتى لو كانوا مصابين باعطاب اجتماعية وشخصية بغيضة. استباحة علنيّة فاضحة تحت شراع القانون.
اختلف رجال الدين الشيعة فيما بينهم وتجادلوا في النص. وأفتى برده السيد السيستاني. ما لا يحجب بشاعة الموقف.
من الأردن يصل خبرٌ من نوع آخر: «أعلن رؤساء تحرير الصحف اليومية الأردنية الكبرى عن ترك مواقعهم لصالح صحافيات يشغلن رئاسة التحرير ليوم واحد». استكمال الخبر جاء على الشكل التالي: «خطوة اختيار إحدى الصحافيات كرئيسة للتحرير خطوة تكريمية للمرأة الأردنية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (...) وتحرص الصحافية التي يقع الاختيار عليها لرئاسة التحرير على ممارسة دورها بالكامل في هذا اليوم».
يا للهجنة. أعطوها يوماً كاملاً لممارسة دورها كرئيسة تحرير! يا للتكريم، وكأنه «استثناء يثبت القاعدة». ماذا عن باقي أيام السنة؟ لعله مع انتهاء النهار، ستطلق «افّاً كبيرةً» من ثقل «سطوتها» ومن الحمد لله بأنه يوم ويمر، وستكون العودة سريعة إلى إلغائها وكتم صوتها، وطبعاً التحرّش بها.
إلى مصر، حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر أن نسبة مشاركة المرأة في قوة العمل لعام 2011 كانت 23.1 في المئة . اقل من الربع.
لبنان كانت له حصّته. ضرب النساء وتعنيفهنّ وقتلهنّ جمع ما تيسّر له في الطريق. كلّه كان باطلاً يوم 8 آذار، اليوم العالمي للمرأة. صرخوا بوجه الطبيب الشرعي والقانون والقاضي والمحاكم الشرعية ورجال الدين، وكلّ واقف بوجه حقهنّ بقانون يحميهنّ من العنف الأسري. شابات صغيرات حشدنَ ونظّمنَ وهتفن.
والخلاصة سريعة لا تحمل كثيراً من اللطف. تثبت أن ما قطعناه من أشواط ليس كافياً. لم يسدّ ربع الفجوة الواقعة في هذا العالم. ما ورد أعلاه يؤكد أننا ما زلنا بعيدين. لم نصل إلى السقف الذي يمكّننا من رفع رؤوسنا. نعم تعلمت أمهاتنا، وعملن، ودخلت جيوبهن الاجور (التي كثيرا ما يستولي عليها رجالهن: المرأة العربية هي الأدنى عالمياً في سلم استرداد منتوج عملها في الريف أو التمتع بحقوق الملكية...) نلن بعض الحريات وليس المساواة. التقدم بطيء، ولكن الأخطر أنه مهدد بالانتكاس، في الممارسة وحتى في القوانين.
المعركة ما زالت طويلة. بعض بوادر خيرها هي وقفات علنيّة بوجه أي مشروع جاهز لليّ العنق.
            
 

للكاتب نفسه

عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..

التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...

رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟

عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...