لا بدّ أحياناً من دخول اللعبة إلى آخرها. وبناءً عليه، سنذكر بعض الأحكام الصادرة مؤخراً في محاكم دول عربية بحقّ مواطنيها.
- المحكمة البحرينية: حكم بالسجن خمس سنوات على المصور الفوتوغرافي حسين حبيل بتهمة "الترويج لتغيير النظام السياسي بوسائل غير مشروعة، عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعية / وحمل كاميرا".
- المحكمة المصرية: الحكم لثلاث سنوات على الولدين عمرو الفار (17 سنة) وعمر نصر (16 سنة) بتهم "الانتماء لجماعة إرهابية، التظاهر بدون تصريح، التآمر لقلب نظام الحكم والاعتداء على المنشآت العامة".
- المحكمة السعودية: الحكم بالسجن 12 عاماً على وجدي الغزاوي بتهمة "الافتراء على ولي الأمر والخروج عليه، إثارة الفتنة في المجتمع، والنيل من هيبة الدولة ومؤسساتها كافة"، وذلك على خلفية ما صرّح به خلال إحدى حلقات برنامجه التلفزيوني "فضفضة"، مندّداً باستشراء ظاهرة الفساد في المملكة.
هذه أنظمة تدري جيّداً ما تفعل. تقمع لكمّ الأفواه والاخضاع. صحيحٌ أنّ لا شيء جديد، لكن ما هو لافت هنا هو استشراء التفاهة فوق التعنت، والمكابرة في غضّ النظر عن وعي عام انقلب رأساً على عقب بعد الثورات.
في السعودية، الشهر الماضي، تمّ اعتقال المحامي وليد أبو الخير. كدسة تهم جرى توجيهها إليه، وفي أبرزها تهمة "إنشاء مرصد لحقوق الإنسان في السعودية". يا للهول!
أمّا المدون البحريني علي معراج فوقع عليه حكمٌ بالسجن لسنتين ونصف السنة بتهمة "إساءة استخدام الوسائل السلكية واللاسلكية" (ترجمة؟!).
وتبتدع سجون النظام السوري في تهمها، إذ توجد تشكيلة واسعة نبدأها من تلك الموجهة إلى الأجانب: اتهام يمني بـ"شتم القيادة السياسية العليا" أو فلسطيني أردني بـ"حمل الكثير من الأدوية"، وكشفت مؤخراً وثائق مسرّبة أن أغلب الموقوفين خُتم على توقيفهم بتهمة "الاشتباه بوضعهم"، وهي تحتاج لترجمة ولكنها الأبرز حالياً.
سهلة وسريعة للمّ شمل الشباب في السجون. هذا توسل للقانون وللقضاء لتغطية هذه الممارسات، وهو صعيد يُضاف الى القمع العاري والقتل في الطرقات والزنازين. وهو مستجدّ إلى حد بعيد، ووظيفته التماشي مع "متطلبات دولة القانون": تريدون قضاء ومحاكم وقوانين؟ هاكم! تذويق جديد، عنصر من الديكور صار لا بد منه.
لكن ما يجري يبقى واقعاً رغم ذلك تحت مسمى الاعتقال التعسّفي. أما ما يلفت النظر فيه فاستسهاله واستهانته بالإقناع أو بالمنطق المتماسك القار، حتى ليكاد الأمر من فرط هزله وابتذاله أن يؤدي إلى مفعول عكسي، فلا يعود مخيفا ولا رادعاً. قد يكون الردّ الأنسب مكتوب على واحد من جدران حمص المحاصرة "وعندما أرحل تذكروا أني بذلت كل ما بوسعي لأبقى".
وبالمناسبة، طل الملوحي (المدوِنة السورية من مواليد 1991 والتي اعتقلها النظام عام 2009 على خلفية نشر بعض المواد "ذات الخلفية السياسية" في مدونتها) ما زالت مجهولة المصير بعد، على الرغم من إدراج اسمها في صفقة تبادليّة. طل لا نعرف عنها شيئاً. وهذا أيضاً بالقانون!