عودٌ على بدء، تُعلك القضايا نفسها في عالمنا العربي. ولمرّة واحدة، لم يخرج النقاش إلى فضاء أوسع من الحدث بعينه. من جديد هو تويتر.
هذه الدائرة المتّسعة للنقاش ورمي الأفكار عبر تغريدات سريعة، هي مكان مراقَب. الأنظمة العربيّة، بكليّتها، تبدو حذرة ممّا يتمّ تداوله. لذا اقتضى القيام باللازم وضرب طوق من حوله. يعني لا حريّة مفتوحة أو كاملة، بل هي «بالقطّارة» كما جرت العادة.
هذه المرّة، عادت الكويت إلى دائرة الضوء. صدر الحكم في قضية المواطنة #هدى_العجمي ، وهو السجن 11 عاماً بسبب تغريداتها. التهم موزّعة ومقسّمة، للإيحاء بوجود قضاء نزيه يعرف ما يفعل بدقّة: «خمس سنوات بتهمة الدعوة إلى قلب نظام الحكم، خمس سنوات بتهمة الإساءة للذات الأميرية، سنة بتهمة إساءة استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي عمداً».
استخدمت العجمي حساب زوجها لقول ما تريد، وفيه كثير من السباب وحتى الكلام المذهبيّ. لكن المحكمة حمّلتها أكثر مما تحتمل إذ تتهمهما بالتخطيط لقلب نظام الحكم. في حين نفت هدى أن تكون هي المغرّدة. وتوقّع البعض أن يكون الحساب قد تعرّض للاختراق... وهذه من طبيعة وخصائص تويتر، لذا فمحاسبة الناس انطلاقا منه مسألة عقيمة.
ينتظر الجميع قرار محكمة الاستئناف. في حال سجنها، فستكون هدى أول امرأة كويتية تعتقل بسبب تغريداتها. سبقت هدى الشابة الناشطة #سارة_الدريس، التي حكمت لسنة وثمانية أشهر وخرجت بكفالة. تغريدات سارة مُحكمة ومن الواضح أنها تمتلك وعياً سياسياً، وهي معارضة. وهكذا فوجه المقارنة ضعيف، ولو أن «سطحية» هدى لا تبرر لأي كان ملاحقتها.
لا يكاد أحد يفهم ماهيّة الذات الأميرية والذات الملكيّة، أو بالأحرى حدودهما.
ولم تفهم هذه الأنظمة إلى الآن أن مواقع التواصل الاجتماعي لم تُبتكر لإيجاد مهمة جديدة لقوات الأمن والمخابرات. تويتر وغيره فضاء عام، يقول فيه المرء ما يريد، دون أيّة اعتبارات. تغريدات هدى، التي تتخللها شتائم بدائية، تسيء إليها بالدرجة الاولى، ولكن هذا يسري على تويتر وفايسبوك والتعليقات الالكترونية، حيث «مما هب ودبّ» مماثل، ويبدو أحيانا منظماً. مجدداً هذه طبيعة الأداة.
ربما لو تمّ غضّ النظر عن هدى، لكانت مرت من دون أي لفت انتباه. ثم أن الحسابات الالكترونية معرضة فعلا للاختراق، مما يجعل إحالتها الى القضاء سخيفة، ولا تصل من ثمّ لنتيجة، لأن نفي هوية المغرد، أو إنكار هويته بخصوص تغريدة معينة، عملية ميسرة.
تطفّل الدولة وتبرّعها بمصادرة 11 عاماً من حياة أحدهم بحجّة الإساءة للذات الأميريّة، قد يكون من أبشع مظاهر الحرص على الدولة.
فكرة
الكويت وذاتها الأميريّة
عودٌ على بدء، تُعلك القضايا نفسها في عالمنا العربي. ولمرّة واحدة، لم يخرج النقاش إلى فضاء أوسع من الحدث بعينه. من جديد هو تويتر.هذه الدائرة المتّسعة للنقاش ورمي الأفكار عبر تغريدات سريعة، هي مكان مراقَب. الأنظمة العربيّة، بكليّتها، تبدو حذرة ممّا يتمّ تداوله. لذا اقتضى القيام باللازم وضرب طوق من حوله. يعني لا حريّة مفتوحة أو كاملة، بل هي «بالقطّارة» كما جرت العادة.<br
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...