صباح الجمعة الفائت، ارتمت كتب سوق "النبي دانيال" في الإسكندرية أرضاً. هذا المكان خاص جداً وليس كسواه، فهو يعجّ بالكتب الثمينة والأثرية، وتحمل رفوفه المتعبة والمغبرة تاريخاً بحاله. هنا توجد كتب طُبعت في أول مطبعة في مصر، "مطبعة بولاق"، وتتميّز بعض الأكشاك باقتناء الكتب ذات الطباعة الحجرية.
لم تنفِّذ تلك الكتب حركتها وحيدةً، بل خضعت لعنجهيّة "جحافل" الشرطة. فجأةً، حطّت قوات الأمن، معزّزة بفرق الحماية المدنية، من "إسعاف ومطافئ"، وبدأت حملة "تطهير" المدينة من الباعة المتجوّلين وعرباتهم. جَهَدَ أصحاب أكشاك الكتب لثني رجال الشرطة عن مهمّتهم. أشهروا تراخيصهم في وجوههم. عبثاً. سُحلت الكتب تحت عيون أصحابها والمارّة. انتهت حفلة الجنون بعد دهس تاريخ تمّت حمايته على مدى عقود. غزوة سوق "النبي دانيال" دخلت في مزايدات كبار رجال الأمن والتبريرات المتناقضة. مدير أمن الإسكندرية نفى قيام الحملة بتحطيم سوق الكتب المذكور. وأكمل بأنه تمّ "فقط" هدم 4 أكشاك بنيت من دون ترخيص، أنذر أصحابها قبل يومين من التحرّك لإزالتها.
استكمالاً للسيناريو "الهشّ"، أمر المحامي العام لنيابات شرق الإسكندرية بتشكيل فريق من وكلاء النيابة ورجال المباحث للمعاينة وتقدير التلفيات التي "حدثت أثناء الإزالة". كما التقى المتضررون (25 بائعاً) رئيس شرطة المَرَافِق الذي أعلن قبول ظلامتهم واعادة ما تضرّر الى وضعه السابق، والتعويض "على نفقته الخاصّة" (!). وأقل ما يقال في ذلك كله أنه يعبِّر عن مواقف متناقضة. ولكن، وعلى فرض تصديق ما قيل، فكيف التعويض عن كتب مطحونة، قضى أصحابها سنيناً في جمعها نظراً لندرتها وأهميّتها.
ما يُحيط بهذه العمليّة من علامات استفهام ينسحب على رئيس البلاد. قبل يوم واحد من الهدم، أعلن مرسي دعمه للثقافة والفكر والعلم والمعرفة. سلّة "العبارات" طرحها الرئيس بالجملة، ولكنها لم تنم في دياره إلاّ ليلة واحدة. قد تكون "حنكة" الرجل دفعته إلى استباق الحدث، فيكون التنصّل بعدها من المسؤوليّة أيسر. وربما تخطته قوات الأمن. وهذه أزمة أكبر: فأن تغزو الشرطة "سوق النبي دانيال" الشهير وتهدم ما تيسّر لها من أكشاكه، من دون علمه، كارثة! ويبقى السرّ كامناً في لسان الرئيس، الممتنع عن أي كلام في الشأن، على الرغم من الفورة الكبيرة للمثقفين والمهتمين، اذ وصف الكاتب بلال فضل محافظ الاسكندرية بـ"الحول الفكري وخلل الأولويات"، أمّا الروائي يوسف زيدان فاعتبر ما حصل "جهلاً، وحقارة نفس، وقصر نظر وغباء من النوع الذى لا علاج له".
لعل أكشاك الكتب هي سبب علّة مصر. وإلاّ لما كان هذا التحرك "التطهيري". لعلها ما أنتج 16.5 مليون نسمة من الأميّين في أرض النيل عام 2011... ما عرّض 83 % من المصريّات للتحرّش... ما دفع معتصمي جامعة النيل الى الاضراب عن الطعام لأن أراضي الجامعة ومبانيها تتعرض للنهب... لا بدّ من إزالة الكتب وسحلها مع أصحابها، حماية لمستقبل الأجيال!
فكرة
أكشاك النبي دانيال.. لو حكتْ!
صباح الجمعة الفائت، ارتمت كتب سوق "النبي دانيال" في الإسكندرية أرضاً. هذا المكان خاص جداً وليس كسواه، فهو يعجّ بالكتب الثمينة والأثرية، وتحمل رفوفه المتعبة والمغبرة تاريخاً بحاله. هنا توجد كتب طُبعت في أول مطبعة في مصر، "مطبعة بولاق"، وتتميّز بعض الأكشاك باقتناء الكتب ذات الطباعة الحجرية.لم تنفِّذ تلك الكتب حركتها وحيدةً، بل خضعت لعنجهيّة "جحافل" الشرطة. فجأةً، حطّت قوات الأمن، معزّزة بفرق
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...