لا عيد في غزة. كما كلّ عام سيمفونيّة واحدة. شعبٌ مشغول بصناعة يوميّاته، لا وقت له لصياغة فرح العيد. وما بين حصار العدوّ والمساندة العربية والتحالف الداخلي، يحار الغزاويون في العنق الذي يلقون عليه ذنبهم. من المضحك اتّهام إسرائيل بالتصعيد، فهي في حالة استنفار وتأهّب مستمرّين، لا تفوّت فرصة للتنغيص على أي أمل بفرح وافد على هذا الشعب. قواها الجويّة، يدها الحديديّة وحججها المعلّبة، كلّها تتجمهر عند حدود العيد، وتقوم اليوم بمناورات كبرى مع القوات الأميركية. تستمرّ الغارات. الفعلية منها يسقط فيها شهداء. والوهمية تروِّع مرتين، بذاتها وبوعدها في التحول إلى فعلية. لا هدنة في سجل العدوّ. لن يسمح يوماً لطفل فلسطينيّ بأن يفرح بثوب جديد. حكم عليه بالأسود، وراح يبتر أطراف من تصل إليه أنيابه الفولاذية. أهالي غزة، منطقيّاً، هم في حالة إعمار دائمة لمنازلهم وقراهم. لا يمكن تخيّل يوميّاتهم دون بصمات العدوّ. يحاصرهم ويجوّعهم ويقتلهم وهم يستمرّون في مقارعة الحياة.
فجأة، هلّ هلال منحة لهذا القطاع. قرّر الأمير القطري إعادة إعمار غزة. إذ قطع المشهد الفلسطيني الغزاويّ خبر المساعدات القطريّة. انكسرت الرتابة. وصل الأمير القطري حمد بن خليفة آل ثاني مع زوجته إلى غزة ليدشّن مشاريع إعادة الإعمار. ازدانت الشوارع وارتفعت اللافتات واللوحات المذيّلة بـ«شكراً قطر.. أوفيت الوعد» و«قطر تدعم الشعب الفلسطيني». هذا الاهتمام الكبير بالزيارة يندرج ضمن إطار كسرها للحصار السياسي المفروض منذ خمس سنوات. الرئيس المصري محمد مرسي مشارك أيضاً. شرّع أبوابه وسخّر معبر رفح لنقل مستلزمات إعادة الإعمار إلى غزة. على الرغم من أنّ المعبر مخصّص لحركة الأفراد ولا يتمتع بالمنشآت اللازمة لعبور البضائع. لكن خدمة للخدمة القطريّة كلّ شيء يصير ممكناً. أمر جيّد تدشين مشروع تعبيد وتأهيل طريق صلاح الدين الذي يصل جنوب قطاع غزة بشمالها. كذلك مشروع مستشفى «الأطراف الصناعية والصم»، هو حاجة ماسّة وضرورية للقطاع. زيارة الست ساعات تمّت في أجواء ترحيبية كبيرة.
عشية الزيارة، تعرّضت غزة لغارتين، سقط خلالهما شهيدان. شيء ليس بالجديد، ونتنياهو توعّد القطاع بالمزيد من الغارات. قطر لم تستنكر، ولن تفعل. لكن هدية العيد قطريّة. وهي لن تتمكّن من تأجيل «الهدايا» الإسرائيلية أو التخفيف من وطأتها. معلوم أن غزة هي خروف عيد الأضحى وكلّ الأعياد، فهل يمون الأمير القطري ويتمكن من تحييد السكين عن رقابهم ولو قليلاً؟ خطوة الدعم العمرانيّ تحمل في طيّاتها إيجابيات، ترفع قليلاً من أضرار العدوان المتكرّر، وإنعاش الحياة في القطاع ورفع البطالة عن شبابه.
لكن لا يكفي. كما لا تكفي رمزية كسر الحصار السياسي لمرة. غزة تحتاج إلى أكثر. إلى وقفة جامعة ضدّ ذبح أهلها. يحلم الغزاويون بعيد أضحى بلا أموات، وببقية أيام «عادية»، حتى في ظل الاحتلال الإسرائيلي الشامل لفلسطين، وحتّى لو تأجل حل «إشكال الاحتلال» إلى حين. هل يمكن للسادة العرب، وبالأخص منهم الأثرياء والمقتدرين مالياً وعلائقياً، وعد غزة بهذا؟
فكرة
غزة.. خروف العيد
لا عيد في غزة. كما كلّ عام سيمفونيّة واحدة. شعبٌ مشغول بصناعة يوميّاته، لا وقت له لصياغة فرح العيد. وما بين حصار العدوّ والمساندة العربية والتحالف الداخلي، يحار الغزاويون في العنق الذي يلقون عليه ذنبهم. من المضحك اتّهام إسرائيل بالتصعيد، فهي في حالة استنفار وتأهّب مستمرّين، لا تفوّت فرصة للتنغيص على أي أمل بفرح وافد على هذا الشعب. قواها الجويّة، يدها الحديديّة وحججها المعلّبة، كلّها تتجمهر عند
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...