في تشرين الأول الماضي، استعادَ الأردن منطقتي الباقورة والغمر اللتين سيطرت عليهما «إسرائيل» وعملت على زراعتهما منذ ما يزيد على 50 عامًا. تقع الغَمر (التي يسميها الإسرائيليون تسوفار) جنوب البحر الميت في صحراء النقب، فيما تقع الباقورة (لتي يسميها الإسرائيليون نهاريم) على بقعةٍ خصبة يلتقي عندها رافد رئيسي بنهر الأردن.
إن وجود المسطحات المائية في هاتين المنطقتين لم يكن من قبيل الصدفة، فما كانت «إسرائيل» لتحتلَ أيًا منهما لولا وجود الماء الذي يحتاجه جيش الاحتلال والكيبوتسات لريّ المزارع وإدامتها.
لقد استطاع الأردن استعادةَ هذه الأراضي بناء على بندٍ نصّت عليه معاهدة السلام الموقعة في 1994 بين الأردن و«إسرائيل». ونص البند على السماح لـ«إسرائيل» بالاستفادة من المنطقتين بموجب نظام خاص لمدة 25 عامًا، يمكن لأي من الطرفين التراجع عنه قبل نهاية المدة بسنة، وهو ما فعله الأردن. لكن في المقابل، ضمنت البنود المتعلقة بالمياه في الاتفاقية نفسها استمرار جفاف الأردن، الذي يُعد من أكثر البلدان قحلًا في العالم.
وفي الوقت نفسه، لا يجد المزارعون الفلسطينيون ما يكفي من المياه، بعدما باتت حصتهم منها محكومة باتفاقية مائية موقعة مع «إسرائيل» سنة 1995 كجزء من عملية أوسلو الثانية. وكلما انخفضت مستويات المياه، ازدادت التوترات. وتتفاقم الحال سوءًا مع حلول موسم الصيف اللاهب.
تمتلك «إسرائيل» ميزةً تفاوضية في الاتفاقات المائية لأنها تسيطر على معظم المياه بينما تحتاجها أقل من سواها. غير أنّ ما يتوجب التصدي له أولًا هو الفِكر الذي قاد إلى هذه الاتفاقات في المقام الأول – عقيدةٌ اقتصادية لا ترى في الماء سوى سلعة للبيع أو المتاجرة، وأيديولوجيةٌ سياسية إسرائيلية مُنكبة على احتكار أكبر قدرٍ من المياه، كجزء من السيطرة المستمرة والمتزايدة على الأرض.
بقية المقال على موقع حبر.
*نشرت نسخة سابقة من هذا المقال بالإنجليزية في كانون الأول 2019 على موقع The Conversation.