"صفقة القرن": الوطن العربي تحت السيادة الاميركية – الاسرائيلية

بين العجز والتواطؤ وعدم الاكتراث: الاستعمار وقوات الاحتلال موجودون في هذه المنطقة براً وبحراً وجواً، وإسرائيل هي الشريك الكامل، مباشرة وبالواسطة، في مختلف ارجاء الوطن العربي.
2020-02-05

شارك
من اليمين إلى اليسار، سفراء البحرين والإمارات وعمان في مؤتمر اعلان "صفقة القرن"

...وها هو الفيلد ماريشال السوداني عبد الفتاح البرهان يسيرعلى خطى الرئيس المصري الراحل انور السادات: يلتقي رئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو في أوغندا، وسط ترحيب اميركي وصمت التواطؤ العربي، وارتباك الخرطوم حكومة، ضمنها ما كان " مجلس قيادة الثورة" التي اطاحت البشير، قبل شهور قليلة.

قبل هذه الواقعة بأيام، وفي البيت الابيض بواشنطن، كان ثلاثة من ممثلي النظام العربي في الخليج، البحرين ودولة الامارات وسلطنة عمان، يجلسون في الصف الاول للاستماع إلى الخطبة العصماء التي القاها الرئيس الاميركي دونالد ترامب، في حضور رئيس حكومة العدو الاسرائيلي نتنياهو– والى جانبه زعيم المعارضة في الكنيست ومنافسه على رئاسة الحكومة بيني غانتس.
أما موضع الخطبة فكان تقديم "صفقة القرن" إلى العالم..

والموجز الحقيقي لهذه الصفقة هو تقديم ما تبقى من أرض فلسطين، ومعها الاغوار على نهر الاردن (تحت سطح البحر) إلى الكيان الاسرائيلي... على أن تربط سلسلة من الانفاق بين شرقي القدس ونتف من الضفة الغربية وقطاع غزة، لتكون هذه النتف المقطعة والخاضعة جميعاً للسيادة الاسرائيلية هي الكيان السياسي العتيد للشعب الفلسطيني!

عملياً، لا ردود فعل عربية: مصر أسيرة كمب ديفيد، والاردن أسير وادي عربه، ولبنان غارق في عجزه، يحاول شعبه، عبثاً، العثور على دولته.. وسوريا تقاتل التدخل العسكري التركي لاقتطاع ادلب وما خلفها، والروس يحاولون حفظ دورهم في سوريا مع حرص على عدم الاصطدام مع تركيا اردوغان.. أما العراق فطبقته السياسية المستولدة قيصرياً بعد الاحتلال الاميركي في العام 2003 تعجزها انقساماتها الطوائفية ذات الأبعاد السياسية عن تشكيل حكومة جديدة، والرئيس "الكردي" يحاول الحفاظ على التوازن الهش، ورئيس مجلس النواب "السني" يتجنب التدخل حتى لا يتهم بإيقاظ الفتنة النائمة!

فأما المغرب العربي فبعيد جداً، ومشغولة دوله بأوضاعها الداخلية: ليبيا "تبخرت" كدولة، وتونس تحاول حماية تجربتها الديمقراطية في ظل الفقر، والجزائر تسعى للتحرر من حكم العسكر وترميم الديمقراطية فيها، والمغرب بعيد بعيد، يفضل أن يتعامل مع النتائج من دون التورط في المقدمات!

..وأما ابو مازن- رئيس السلطة التي لا سلطة لها- فذاهب إلى حائط المبكى العربي في الأمم المتحدة ليكرر كلاماً انشائيا لا يسمعه احد.. وخصوصاً شعب فلسطين!

ها هو الرئيس الاميركي دونالد ترامب يتجاوز وزير خارجية بريطانيا العظمى اللورد بلفور فيعطي من الارض العربية، فلسطين، لمن لم يكن في أي يوم صاحبها أو ساكنها، الاسرائيلي، "دولة" ستغدو الاقوى في محيطها، بل في الاقليم جميعاً، إذا ما انتبهنا إلى الوقائع الدامغة التالية:
مصر مكبلة بمعاهدات كمب ديفيد وتطبيقاتها، وآخرها أنها تشتري الآن الغاز من العدو السابق والجار اللدود الحالي: اسرائيل، وسوريا غارقة في دماء اهلها، والعراق تائه عن الطريق إلى الدولة القوية والقادرة، ولبنان يعزز صموده في ظل ارتباك طبقته السياسية وعجزها عن حل ازماته الداخلية.

يتبدى المستقبل العربي غارقاً في ليل العجز: الاغنى من العرب، أثرياء بعد فاقة، يريدون التمتع بثرواتهم بعيداً عن حروب التحرير وضرائبها الثقيلة، عدوهم الاول هو الأخ الشقيق الطامع بحصة له من ثروتهم، وصديقهم من يحميهم- بدولهم ذات الثروة- بغض النظر عن هويته وكلفة هذه الحماية. والصورة التي وزعها البيت الابيض غاب عنها بعض شركاء القرار من قادة العرب: مصر والسعودية والسودان (رسميا) وان كانوا حاضرين ضمنا، منهم من اعترف ولإسرائيل سفارة في عاصمته، ومنهم "يتعامل" من دون اعتراف رسمي، والبعض في الطريق.
...و"السلطة" وليدة التخاذل العربي إلى حد الخيانة. فهي لا تملك من أمرها شيئاً، وبوسع العدو الاسرائيلي أن يمنع رئيسها الانيق وأعضاء فريقه الذين يتقنون الكلام، من الظهور والتنقل داخل ما "اعطي" للسلطة التي لا سلطة لها، من أرض فلسطين..

أما الدول العربية فبعضها اختار الخروج من حومة الصراع، حتى لو أتهم بالخيانة، والبعض الاخر لا يقدر على تكاليفه لانشغاله بأثقال همومه الداخلية.

...والقوات العسكرية الاميركية، فضلاً عن الهيمنة السياسية والاقتصادية، تنتشر في معظم ارجاء المشرق العربي: في العراق، حيث لها قواعد عسكرية ثابتة، وفي شرق سوريا قرب منابع النفط، وفي اقطار الخليج جميعاً، الكويت والامارات، وقطر والبحرين، فضلاً عن المملكة العربية السعودية.. ولها معاهدات صداقة مع مصر، وكتائب عسكرية – مدنية في ليبيا، ووجود سياسي كثيف يغطي التعاون العسكري مع المغرب وموريتانيا..

الاميركان في كل مكان من الوطن العربي تقريباً، حتى لبنان- لكي لا ننسى قاعدة حامات عند شاطئ كسروان –جبيل.

على هذا فلا وجود للاستعمار وقوات الاحتلال في هذه المنطقة الا في البر والبحر والفضاء،
واسرائيل هي الشريك الكامل، مباشرة وبالواسطة، في مختلف ارجاء الوطن العربي.
وطني لو شغلتُ بالخلد عنه / لنازعتني اليه في الخلد نفسي!

مقالات من العالم العربي

بغداد وأشباحٌ أخرى

نبيل صالح 2024-12-01

عُدتُ إلى بغداد ولم أعد. تركتُ قُبلةً على قبر أُمي ورحلتُ. ما حدث ويحدث لبغداد بعد الغزو الذي قادته جيوش الولايات المتحدة الأمريكية، هو انتقامٌ من الأسلاف والتاريخ معاً.

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...