أثناء تلقيهم الهدايا من "بابا نويل"، يجلس أطفال فلسطين من قرية "الخضر" بالقرب من "بيت لحم" على حطام ما تبقّى من منازلهم. يبتسمون للعلب المغلّفة غير آبهين بلحظات الدمار السابقة... تبرهن دائماً هذه الأرض المقدسة، منذ الميلاد وحتّى اليوم، أن الحياة تعرف كيف تشق طريقها بلا كلل.
في العراق أيضا، حيث يُصلب الشعب منذ سنوات، أعلن البطريرك الكاردينال لويس روفائيل إلغاء مظاهر الاحتفال احتراماً لدماء القتلى والجرحى في ميادين الاحتجاج. وعلّق الشباب العراقي في الساحة، صورة مريم العذراء والسيد المسيح، متشحان بالعلم العراقي، وتتوسطهما شجرة زيّنت بأسماء الشهيدات والشهداء الذين قضوا في التظاهرات الأخيرة.
تقول العجوز البيروتية القابعة تحت معطفها أثناء جلوسها في دكانها الفارغ في منطقة الجعيتاوي: "الشتاء خير من المسيح"، فيردّ جارها: "السلام على إسمه، رح ينجينا بِعيده من الإنهيار الإقتصادي".
في المواصلات العامة أو في الشارع، عايد اللبنانيون بعضهم البعض، فجالت الفرق الموسيقية بين ساحة الشهداء وساحة رياض الصلح في وسط بيروت، مردّدة أغاني العيد. ظهر أكثر من "بابا نويل" بين المتظاهرين، وتحوّلت ترانيم الميلاد إلى أغنيات إحتجاجية، تُضحك الاطفال وتعبّر عن مطالب الناس وعن رفضهم للسلطة السياسية الحاكمة.
بين فلسطين ولبنان والعراق، تحوّل فعل معتاد وتقليدي كالإحتفال بعيد الميلاد الى صفحة من فصول ثورة الناس. سوف تقرع الأجراس فوق بقايا البيوت التي كانت عامرة، لن ينسى العراقيون أسماء الذين رحلوا، وسيسخر اللبنانيون بطريقتهم الخاصة من كل معاناتهم، فينشرون ملصقات تقول: ثورة وعيد، ثورة وعيد...الليلة ثورة وعيد".
احتفلت الشعوب العربية في شوارع ثوراتها بولادة المسيح وبولادتها. لمع نجمها في السماء، ولعنت حكامها، معلنة: "المجْدُ للِّه في الأعالي، وعلى الأرض السلام، وبالنَّاسِ المسرَّة" (الكتاب المقدس لو 2: 14).