1- ثورة فاس 1820-1822
اهتم الوزير والمؤرخ "أبو القاسم الزياني" بثورة فاس التي مثلت بالنسبة له حدثاً مأساوياً، بسبب العنف الذي تعرض له الوزير - المؤرخ لدعمه السلطان مولاي سليمان. كانت الثورة تهدد - حسب المؤرخ - القيم المحلية وهوية نظام الامتيازات الاجتماعية القائم.
قبل ثورة فاس، كانت طبقة النبلاء الدينية المستحوذة على سلطة "المخزن"، متميزة ومستقلة عن برجوازية فاس التجارية الصاعدة. يعني هذا أن السلطة المركزية لم يكن لها أساسٌ مدني تستند عليه. ومن نتائج ذلك غياب كل علاقة وظيفية - عضوية بينها وبين المدينة. لهذا السبب كانت فاس أساساً مركزاً روحياً مقتصراً على "الإنتاج الأيديولوجي"، فاقدةً بذلك دورها المركزي الذي كانت تقوم به في العصر الوسيط، خاصة إبّان حكم الموحدين والمرينيين.
بعد ثورة فاس، حدث تغيير عميق اتسم بتحالف تلك البرجوازية التجارية المدنية الفاسيّة مع السلطة المركزية ("المخزن"). تشكلت حينها نخبة جديدة من التجار وشرعت في الهيمنة على أجهزة الدولة بصحبة نخبة العلماء والشرفاء.
تحالفت بعد ثورة فاس في أواخر القرن التاسع عشر، البرجوازية التجارية المدنية الفاسيّة مع السلطة المركزية ("المخزن"). وتشكلت حينها نخبة جديدة من التجار وشرعت في الهيمنة على أجهزة الدولة بصحبة نخبة العلماء والشرفاء.
ساهمت أزمات المغرب الاقتصادية في القرن التاسع عشر، وانفتاحه على السوق الأوروبية، في إجبار الدولة - المخزن على تطوير الأسس الاقتصادية للبرجوازية التجارية الجنينية. كانت فترات الازدهار تمكّن من إعادة استثمار الأرباح التجارية من خلال الاستحواذ على الأراضي، أما فترات الأزمة فكانت توفر إمكانية استغلال الفلاحين المُفقرين. إنَّ التراكم الرأسمالي الذي يتم من خلال تطوير ملكية الأرض، لن يظل محصوراً في أيدي البرجوازية التجارية. بل إنَّ كل الطبقة السائدة، وسط السلطان التقليدي، أي القادة العسكريين والعائلات "الشريفة"، شكلت مجموعة جديدة من السماسرة ورجال الأعمال ومالكي العقار الذين قاموا بوضع أسس النظام الرأسمالي الزراعي. إنَّ فهم واستيعاب قضية الريف يشترط تفكيكاً نقدياً وحلاً للمسألة الزراعية في المغرب. حيث حدث بعد ثورة فاس في أواخر القرن التاسع عشر، تغييرٌ عميق اتسم بتحالف البرجوازية التجارية المدنية الفاسيّة مع السلطة المركزية ("المخزن"). وتشكلت حينها نخبة جديدة من التجار وشرعت في الهيمنة على أجهزة الدولة بصحبة نخبة العلماء والشرفاء.
لاحظ ابن خلدون أنَّ الزراعة والفلاحة في عصره لم تكونا مصدراً للثروة، أي أنهما ما كانتا لتنتجا فائضاً. فمن الناحية القانونية كانت الأرض ملكاً للسلطان، وكان استغلالها من قبل الأفراد والجماعات يتم على نحوٍ بدائي. لقد كانت الزراعة حينها بتعبير ابن خلدون "معاشاً للمستضعفين". أما بعد ثورة فاس فصارت مصدرَ ثروة للبرجوازية الزراعية. إنَّ أسماء الشخصيات التي ستبرز بعدها كمهيمنةٍ على المجال السياسي والاقتصادي في المغرب لن تتغير أبداً: بنسليمان، بنجلون، بنكيران، بنشقرون، بنيس، الجامي الخ... إنها الشخصيات نفسها التي تحاورت مع السلطان مولاي عبد الرحمن. وهذا الوضع الجديد للبرجوازية المدنية الفاسيّة، هو الذي دشّن مرحلة التحالف الجديدة بين سلطة المخزن والبرجوازية المدنية. تمّ تحفيز هذا التحالف من خلال الامتيازات الاقتصادية التي ستكون من نصيب السلطان، ولكن العامل الأساسي كان حاجة المخزن الحادة إلى كفاءات جديدة في مجال لا يُعرف عنه الكثير. فسياق الانفتاح الاقتصادي على أوروبا أجبر المخزن على البحث عن قادة غير هؤلاء التقليديين (العلماء، الشرفاء الخ)، ووجد ذلك في برجوازية فاس التي كانت تحوز على علاقات مع تجار الموانئ اليهود. كما أنَّ بعضاً من تجار فاس كانوا قد استقروا في مانشستر ومارسيليا. ليتمَّ مَلْء مهام أمين الأمناء، أمين الحساب وأمين الدخل، وهي الوظائف المركزية المالية في جهاز الدولة، من قبل العائلات التجارية: بنيس، البناني، لحلو والتازي. كما سيطرت تلك العائلات على إدارة الأملاك والمجالات: أمين الملاك، أمين المستفاد. وعادت دائماً وزارة العلاقات الخارجية إلى هذه العائلات وإلى البرجوازية التجارية (وزير البحر).
لاحظ ابن خلدون أنَّ الزراعة والفلاحة في عصره لم تكونا مصدراً للثروة، أي أنهما ما كانتا لتنتجا فائضاً. وكان استغلالها من قبل الأفراد والجماعات يتم على نحو بدائي. لقد كانت الزراعة حينها بتعبير ابن خلدون "معاشاً للمستضعفين"
تمّ كل ذلك بعد ثورة فاس، وانطلاقاً من حكم السلطان عبد الرحمن. ستضفي هذه التحولات العميقة على الدولة طابعاً جديداً، بحيث سيرتبط مصيرها بنشاط المدن الاقتصادي، ونعني بذلك تحديداً: الضرائب المدينية. ولعل هذا الطابع الجديد قد ظل متخفياً لبقاء واستمرار الشكل القديم من الممارسة السياسية المهيمنة، خاصة في القصور وفي بعض الإدارات، حيث كانت تهيمن أوساط السلطان التقليدية، ناهيك عن استمرار النمط القديم من العلاقة مع القبائل. ولكن جوهر الدولة وأساسها سيتغير على نحو جذري: إنها دولة تقوم أساساً على المدينة، وعلى الضريبة المدينية.
المغرب في مملكة الريع
11-07-2019
مثلت طبقة السلطان وأقربائه المجموعة الأكثر أهمية ضمن المجموعات الاجتماعية المالكة للأراضي. فالسلطان، باعتباره مديراً لأملاك "المخزن"، كان يهمين على المجال الأوسع من الأراضي، والتي كان يوظفها كهدايا لخدم "المخزن" ولأقربائه. وبالإضافة إلى ذلك، كان السلطان يتمتع بالحق الكامل في "أراضي المخزن" والتي كانت ثرواتها تذهب مباشرة إلى خزينته الخاصة. كان هذا المجال الشخصي يتشكل من عدد كبير من الأملاك الريعية والمسماة ب "عزيب السلطان". أما عائلات وأقارب السلطان والتي بلغت ما يقارب المئة والخمسين، فكانت تتمتع بنفقات السلطان "التنفيضة". لم يمثل كل هذا واقعاً جديداً في القرن التاسع عشر، ولا يُبرز، على أيّ حال من الأحوال، أيّ نزوع نحو الرأسمالية الزراعية. ولكن الجديد يكمن في أنَّ هذه الأراضي، في سياق التحولات التي عرفها المغرب بعد ثورة فاس، لم تعد كما كانت فيما سبق "أراضي خدمة"، وإنما صارت أملاكاً للرأسمال القابل للمراكمة على نحو مستمر ودائم من خلاله توسيعه بالاستحواذ على أراضٍ أخرى.
فيما مضى، كانت عمليات تملك الأراضي، وسلب أراضي الفلاحين تترافق على نحو تقليدي بضابطٍ مزدوج: أولاً من خلال التأكيد على حقوق السلطان في الملكية، أيّ ما سمي آنذاك بنظام الرقابة، وثانياً من خلال نمط الإنتاج الآسيوي (أو ما سُمّي أحياناً ب"الاستبداد الشرقي"، وقد افترض كارل ماركس أنَّ المجتمعات الآسيوية استعبدتها فئة حاكمة مستبدة، تُقيم في المدن المركزية، وتُصادر بشكل مباشر فائض المجتمعات القروية ذات الاكتفاء الذاتي إلى حد كبير، وغير المتمايزة بشكل عام). لقد كان نظام الرقابة يمكّن من تقديم تنازلات مالية، ولكنه كان يتناقض مع التراكم الدائم والمستمر للرأسمال. أما نظام العصبية السائد آنذاك في القبائل، و"نمط الإنتاج الآسيوي" فكانا يمنعان ظهور الملكية الخاصة. أيّ أنه لم تكن للملكية الزراعية الخاصة مكانة كبيرة في مغرب ما قبل النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكان أهم عامل هو سيادة تجمعات شبه تشاركية تخفي طابع التناقض الطبقي التناحري. أما مغرب ما بعد النصف الثاني من القرن التاسع عشر فهو مغرب بداية بروز السمات الأولى للرأسمالية الزراعية. إن جوهر قضية الريف يجد أساسهُ في هذا الواقع التاريخي، من هنا نضاله ضد الاستعمار والمستعمرين الجدد بعد الاستقلال الشكلي. لقد وجد الفلاح الريفي نفسه في مواجهة استراتيجيات سالبة للأراضي من أجل تحويلها إلى ملكيات خاصة للأجانب أو للسادة المغاربة من البرجوازية الرأسمالية الزراعية، وكان تمرد 1957-1958 خير شاهد على ذلك.
2- الريف وقضية الأرض.. حتى اليوم!
إنَّ دراسة وتحليل قضية الريف يقتضي وعياً بقضية الأرض، وهو ما يضعنا مباشرة في مواجهة مسألتين مهمتين: المسألة الزراعية، والإيكولوجيّة. لقد عرف الريف بتمرده المستمر والدائم ضد السلطة المركزية، عبر سيادة اللامشروعيات (زراعة القنب الهندي والقرصنة مثلاً)، والسطو، وهي ظواهر لم تتعرض للبحث النظري الجاد من وجهة نظر الفكر الاجتماعي إلى الأن.
حراك الريف: جبل الألم الذي طفا على السطح
26-07-2017
فبعد سنتين من توحيد المغرب، كان "الريف" لا يزال خاضعاً لمنطقه الخاص. بالتأكيد حاولت الحكومة المغربية آنذاك تأسيس إدارة بيروقراطية جديدة في المدن شبيهةٍ لما كان عليه الأمر في الجنوب، وذلك من خلال استبدال الإسبان بقادة أصولهم من الجنوب. لم تتغير المدن على نحو عميق (الحسيمة، تطوان، العرائش الخ)، كما أنَّ الثقافة المدينية حافظت على طابعها الإسباني. أما الريف القروي فقد كان مجهولاً تماماً من قبل سلطات وإدارة المخزن.
هناك أسباب موضوعية أدت إلى اندلاع انتفاضات الريف التي تلت استقلال المغرب الشكلي. كان السبب الأول يكمن في أن سلطة المخزن كانت تعيّن دائماً رجالاً للسلطة في هذا الريف المجهول، وفق منطق المكافآت السياسية لأطُر الأحزاب. وكان هناك فرض لضريبة "الترتيب" على الفلاحين في الريف. بالإضافة إلى سد الحدود بين المغرب والجزائر من قبل السلطات الكولونيالية الفرنسية في سياق حرب الجزائر. فلقد كانت الهجرات والتنقلات نحو الجزائر مصدراً هاماً من مصادر الربح والدخل لسكان الريف. أما فيما يخص زراعة القنب الهندي فلقد قررت الحكومة منعها كلياً واستبدالها بزراعة الذرة، بعدما كان فرانكو قد سمح بزراعتها في مقابل دعم القبائل له في حربه لاسترجاع "إسبانيا الجمهورية". كان القنب الهندي حينها يُزرع في جهة محددة فقط من الريف، ولكن عائدهُ يمكّن من سد حاجيات العديد من الوسائط والمارين نحو الجنوب. جسد هذا المنع واحداً من الأسباب التي كانت وراء السخط الجماهيري الفلاحي في تلك السنوات. وبعد مرور بضعة سنوات على هذا المنع، لم تجد الدولة حلاً آخر سوى التسامح مع إنتاج القنب الهندي، ومنع كل تجارة به.
كانت هناك أسباب لاندلاع انتفاضات الريف التي تلت استقلال المغرب الشكلي: كانت سلطة "المخزن" تعيّن دائماً رجالاً للسلطة على هذا الريف المجهول، وفق منطق المكافآت السياسية لأطُر الأحزاب السلطوية. وكان هناك فرض لضريبة "الترتيب" على الفلاحين. كما أن الحدود بين المغرب والجزائر سُدّت من قبل السلطات الكولونيالية الفرنسية في سياق حرب الجزائر. وكان هناك أيضاً استيلاء السلطة على الغابات.
كان لتطبيق السياسة الغابويّة الجنوبية على الريف نتائج وخيمة. لقد ظل جزءٌ كبير من غابات الريف، حتى في فترة الاستقلال، مُغطى بالكامل بالحياة النباتية، مع بعض الغابات الإنتاجية الصغيرة (السنديان-الفلين، وأشجار التنوب)، إلا أنَّ الحياة الغابويّة كان يسودها أساساً البلوط والأشجار التي تنمو وتسود عادة في أجواء البحر الأبيض المتوسط. يسمى هذا الشكل السائد من الغابات ب"الغابة الصغيرة" في مقابل "الغابة الكبيرة" التي هي أساساً غابات للإنتاج. تخضع هذه الأخيرة لنظام الملكية الخاصة، في حين كانت الغابات الصغيرة خاضعة لقانون التجمعات البشرية التي كانت تتمتع بها. وكانت هذه التجمعات تستصلح هذه المجالات لزراعة الجاودار (نبات من فصيلة الشعير) والذي كان قشّه يُوظف في بناء أغطيةٍ للمنازل في فترات البرد القارس. كانت هذه الزراعة تتم من خلال حرق الأرض لجعلها أكثر خصوبة مع مدة راحة تدوم لخمس حتى ست سنوات. مثلت هذه التقنيات في زراعة وتخصيب الأرض أقل الشرور من وجهة نظر "الإيكو سيستيم". وكان من نتائج تطبيق السياسة الغابويّة الجنوبية على الريف المنع التام لهذه الممارسات. في هذا السياق برزت في السياق الريفي، شخصية "حارس الغابة"، والذي كان ممثلاً من ممثلي السلطة في الريف، ووسيلة لردع وعقاب الفلاحين في الريف. لقد عنى هذا الحدث نهاية ما أسماه ماركس الشاب في نص شهير له عن سارقي الحطب ب "عرف الفقراء" وبداية بروز الملكية الخاصة بطابعها القانوني المطلق.
الزفزافي الخارج من رواية مأساوية
03-05-2018
إنَّ تاريخ البادية الريفية منذ الاستعمار يضيء لنا بجلاء استراتيجيات السلطة فيما يخص المسألة الحيوية في كل تحرر وطني واجتماعي، أيّ قضية الأرض. إنَّ الهدف الأسمى لم يكن تحرير جماهير السكان والفلاحين الفقراء، ولكن استقطاب النخب المحلية التي راكمت الثروة بسبب موقعها الحاسم في المناطق الزراعية. كان على هذه النخب إذاً أن تقوم بدور الوسيط بين الفلاح الفقير واستراتيجيات الرأسمالية الكولونيالية في المغرب. أما النتيجة الحاسمة للسياسات الزراعية على امتداد التاريخ المعاصر للتشكيلة الاجتماعية المغربية فكانت إنتاج النخب الفلاحية المحلية التي ستقوم بدور الوسيط من أجل استنزاف الأرض ومن يعمل بها، أيّ الينبوعان اللذان تتفجر منهما كل ثروة في البلد.
بعد مرور ما يقارب الستين سنة، ها هو "الريف" ينهض من جديد بعد حادثة مقتل الشاب محسن فكري، رافعاً المطالب التالية: بناء المصانع، تمديد خط السكك الحديدية إلى غاية مدينة الحسيمة، بناء جامعات متعددة التخصصات، خلق فرص عمل للشباب والقضاء على البطالة، القضاء على الفساد خاصة في مجال الصيد البحري، ووضع نظام ضمان اجتماعي لصالح العمال، والاعتراف من قبل الدولة الإسبانية باستعمال الأسلحة الكيميائية بحق المقاومة الريفية للاستعمار، وبناء مستشفيات جامعيّة لمعالجة السرطان حتى لا يضطر سكان الريف للسفر إلى الرباط من أجل تلقي العلاج. وعلى نحو موازٍ للاعتقالات التي كانت تتم بحق الناشطين في الحراك، بدأ الحديث في أوساط الطبقة السائدة عن "المشروع التنموي": "الحسيمة منارة المتوسط" الذي تم تمويله بميزانية تقارب 700 مليون دولار، والهادف إلى "مرافقة نمو عمالة الحسيمة" و"تقوية أسسها الاقتصادية". لقد تناقلت وسائل الإعلام هذا المشروع وكأنه كفيلٌ بحل مشاكل الريف وقضاياه الكبرى، كما أنها باركت إقالة الوزراء الذين كانوا مسؤولين عن التأخر الحاصل في المشروع. أما فلاحو الريف فيطالبون بعدم منع زراعة القنب الهندي، في حين يعاني الفلاحون الصغار من اللامساواة الاجتماعية في المناطق الريفية (العمل، المواصلات، المدارس الخ). إنَّ هذه المطالب التي تبدو وكأنها مطالب ديمقراطية محضة تقتضي قلباً لعلاقات الإنتاج الكولونيالي نفسها. لقد لاحظ غرامشي منذ زمن بعيد حالة الطلاق الحاصل بين الديمقراطية (تعميم ومجانية الصحة والتعليم، الخدمات الاجتماعية الخ) وعلاقات الإنتاج الرأسمالية. أي استحالة تحقيق الأولى ضمن البنى الرأسمالية نفسها النازعة نزوعاً تاماً نحو الربح والهيمنة.
مطالب انتفاضة "الريف" تتعلق بمد سكك الحديد وبناء الجامعات والمشافي وتوفير فرص عمل للشباب والقضاء على الفساد في الصيد البحري ووضع نظام ضمان اجتماعي لصالح العمال، والاعتراف من قبل الدولة الإسبانية باستعمال الأسلحة الكيميائية بحق المقاومة الريفية للاستعمار.. إن هذه المطالب التي تبدو وكأنها مطالب ديمقراطية محضة يقتضي تحقيقها قلباً لعلاقات الإنتاج الكولونيالية نفسها.
إنَّ كل هذه المشاكل الحيوية والتي يحاول البعض إظهارها بمظهر المشاكل القابلة للحل من خلال الاستثمار والتطور الرأسماليين، وبوجود "نخب محلية قوية قادرة على التخطيط للتطور والنمو المحليين"، تعبر عن عمق مشاكل النمو في بلدان الرأسمالية التابعة للكولونيالية. لهذا السبب بالذات لا يعني الاستثمار الذي يحافظ على بنية تقسيم العمل الاجتماعي السائد إلا تأخيراً للأزمة في أحسن الأحوال.
*جبال الريف هي سلسلة جبلية كبيرة تقع شمال المملكة المغربية، بمواجهة البحر الابيض المتوسط. وتتميز العديد من مناطقها وسفوح جبالها بتساقطات مطرية غزيرة ما ادى الى امكانيات زراعية كبيرة والى وجود غطاء غابي واسع.