حـركـة «6 أبـريــل»، مـن قيـادة التحـركات الشـبابيـة إلى الانقســام؟

انقسمت «حركة 6 أبريل» على نفسها. وهكذا باتت الحركة التي بدأت قبل ثلاث سنوات من الأحداث المصرية، عبارة عن حركتين متصارعتين...على الاقل: 6 أبريل/ أحمد ماهر و6 أبريل/الجبهة الديموقراطية ما يؤذن بأفول نجمها. وحدث الانقسام على وقع مشكلات متعددة، عنوان إحداها مصادر التمويل. لكن يبدو أن موضوع الشفافية السياسية مطروح بقوة هو الآخر. فالمؤسس، أحمد ماهر، ناهض إجراء انتخابات داخلية، وهذا سبب من
2012-07-25

عمر سعيد

صحافي من مصر


شارك

انقسمت «حركة 6 أبريل» على نفسها. وهكذا باتت الحركة التي بدأت قبل ثلاث سنوات من الأحداث المصرية، عبارة عن حركتين متصارعتين...على الاقل: 6 أبريل/ أحمد ماهر و6 أبريل/الجبهة الديموقراطية ما يؤذن بأفول نجمها. وحدث الانقسام على وقع مشكلات متعددة، عنوان إحداها مصادر التمويل. لكن يبدو أن موضوع الشفافية السياسية مطروح بقوة هو الآخر. فالمؤسس، أحمد ماهر، ناهض إجراء انتخابات داخلية، وهذا سبب من اسباب الشروخ بحسب مؤسس آخر، هو عبد الله صقر، الذي يقول انّ القيادات تركت النشاط الجماهيري لشباب غير مسيّس ولا يملك خبرة كبيرة في العمل في الشارع، وانشغلت بالظهور الإعلامي وتولي المناصب القيادية. وهكذا وصل الهجوم إلى الأروقة الداخلية للحركة.
لكن هل هذا مفاجئ؟ أليست هذه الحركات ظرفية، يتجمع ناسها حول فكرة واحدة، محددة، هدفاً للتحقيق، ثم ينفرطون، من دون أن يعني ذلك تبدد ما فعلوه، ولا ضياعه. أليست العلة هي تحديداً في العقلية التي ما زالت تفهم العمل السياسي والنضالي مقاداً حصرياً من أطر متماسكة، شديدة التنظيم، تشبه الاحزاب أو قل الحركات الدائمة، وتمتلك برنامجاً متكاملاً، وتدوم، أو تسعى للدوام؟ الا تنتمي هذه الفكرة وهذا التصور التنظيمي للماضي، حيث ليست تلك حال أي من الحركات الشبابية في العالم، ما لا يمنعها من أن تكون بالغة التسييس والفعالية، لكنها «عابرة»، يعود افرادها، أو جلهم، ممن كسبوا خبرات شتى، ومعهم سواهم من الجدد، الى التشكل والنضال ثم التلاشي.
مع انتهاء الفترة بين بدء الأحداث المصرية وسقوط الرئيس المخلوع حسني مبارك، كانت حركة «6 أبريل» كغيرها من الحركات الشبابية، قد التحقت بعدد من الجبهات والتحالفات الثورية، بعد أن خاض أعضاؤها في محافظات عديدة تنظيم الاعتصامات والمسيرات الاحتجاجية التي خرجت في عدد كبير من المدن. وهم إذاً لعبوا دوراً مهماً واستُهدفوا بالاسم من أركان النظام السابق ومن المجلس العسكري على السواء.

ويظن القياديون في 6 ابريل أن «مرضهم» ناتج عن الحملة المنظمة التي استهدفت حركتهم، و«أوصلت الازمة الى داخلهم». وبعد أربع سنوات حافلة بالأحداث الكبرى، يرى عضو الحركة أحمد عادل، أن إرث» 6 ابريل» تشتت مع انقسامها، وأن معظم نتائج العمل التنظيمي الضخم، الذي حاولوا به تأسيس حركة «عابرة للأيديولوجيات والطبقات» ضاعت، على حد تعبيره. ويختصر عادل حال حركته، بأنها فوتت فرصا هائلة لاكتساب جمهور واضح، واحتفظت فقط بخطوط اتصال مع المتعاطفين الذين لم يختاروا الالتفاف حولها لأفكارها أو نشاطها، إنما لوجود أعداء مشتركين، «العسكر والفلول». وهو يرى أن «معسكر الثورة المضادة» أدار معركة لحشد الرأي العام ضد كل من وقف أمام رغبة المجلس العسكري الممسك بالسلطة، وأن «6 ابريل» تعرضت للتشويه مثلها مثل «الاشتراكيين الثوريين» و«الفوضويين». إلا أنه يضيف ان الهجوم كان مباشرا عليها، وهو ما تجلى في تصريحات أعضاء المجلس العسكري، كـ«البيان 69» الذي قال بوضوح ان حركة شباب 6 إبريل تخطط للوقيعة بين الجيش والشعب، وهي «أهداف تسعى إليها منذ فترة».
ترافقت ولادة الحركة مع إعلان عمال «المحلة الكبرى» نيتهم الإضراب عن العمل احتجاجا على سياسات الحكومة الاقتصادية. كان ذلك في شباط/فبراير 2008. حينها التقط النشطاء الدعوة التي استندت الى الاضرابات السابقة لعمال الغزل والنسيج في المدينة الصناعية. في الوقت نفسه، كان عشرات الشباب قد فقدوا ادوات تحركهم في الشارع المصري مع خبو طاقات «حركة كفاية» وذراعها الشبابية، «شباب من أجل التغيير»، الذين كانوا قد تمكنوا من كسر حاجز الخوف واسقطوا العديد من المحرمات. جهز المبادرون للدعوة الى إضراب عام في يوم تحرك العمال نفسه. من هنا الاسم. وسجل لمجموعة الشباب الجديدة، سبق أول استغلال سياسي لتكنولوجيا المواقع الاجتماعية، فتواصلت مع سبعين ألف مشترك مصري على موقع «فايسبوك»، في الوقت الذي كان لا يتعدى إجمالي عدد المصريين المشتركين فيه 700 ألف.
وكان الانتباه الأول للمجموعة الشبابية في يوم الأحداث، 6 نيسان/ابريل، حين بدأت مظاهرات كانت الأضخم في مصر منذ 31 عاما، ليومين متواصلين في مدينة المحلة، خلفت عشرات الشهداء والجرحى، ومئات المعتقلين. وحينها وجه الجهاز الأمني ضربة أولى لحركة «6 ابريل» واعتقل عددا كبيرا من أعضائها، من بينهم مؤسسة مجموعتها الإلكترونية على الموقع الاجتماعي، إسراء عبد الفتاح.
عبّرت الحركة عن نفسها قائلة في أحد بياناتها ان «أغلب أعضاء الحركة من الشباب الذين لا ينتمون إلى تيار أو حزب سياسي معين. وتحرص الحركة على عدم تبنيها أيدولوجية معينة حفاظا على التنوع داخلها، ولِما تفرضه ظروف مصر من ضرورة التوحد والائتلاف ونبذ الخلاف». وهكذا استلهمت طبيعة الحركة الشبابية السابقة، «شباب من أجل التغيير»، في تكوين مجموعة يحتل الطلبة عمودها الفقري، بعيدا عن التحزب والأدلجة. وهو ما شكّل العامل الأساسي في استقطاب مئات أو ربما آلاف الشباب والطلاب.
والمطروح اليوم هو «تجاوز» التجربة وليس السعي لتكريسها. تماما كما ستبقى «كفاية»، وعشرات المجموعات التي تشكلت حولها (وكلها تحمل اسماء قطاعها ثم عبارة «...من اجل التغيير»)، مهمة لما أدته في لحظتها، مما ترتب عليه آثار جوهرية، منها الانتفاضة والمخاض الحالي.

مقالات من مصر

العاصمة المصرية في مفترق طرق..

رباب عزام 2024-11-21

على الرغم من الأهمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالنسبة إلى المواطنين، للمنشآت والمباني المقامة حالياً على أراضي "طرح النهر"، خاصة في العاصمة القاهرة، إذ يشمل أغلبها كثيراً من الأندية الاجتماعية التابعة...

للكاتب نفسه

الأحزاب المدنية المصرية.. عود على بدء

عمر سعيد 2013-02-27

قبيل أسابيع من بدء أول انتخابات نيابية مصرية تُنظَّم على ضوء الدستور الجديد، دارت حركة واسعة في معظم الأحزاب المدنية التي تُقدِّم البديل الثالث للمعادلة المفروضة على الواقع المصري: إما...

الحدود المصرية الفلسطينية: سماسرة ومخبرون.. ومتضامنون يبحثون عن نفق

عمر سعيد 2012-11-30

على الحدود المصرية مع قطاع غزة المحاصر، تسقط كل الحسابات السياسية. تسقط مزايدات فصائل المقاومة العربية، وتوجهاتها السياسية، وتشتتها حول من موّل ومن سلّح، وتسقط كل احتمالات التغيير المفترضة على...