غارة الفشل المزدوج على "الضاحية"

اقصى ما يملكه "القادة العرب"، ملوكاً ورؤساء وامراء، هو أن يطلقوا تصريحات "محايدة" جوفاء تستنكر من دون أن تُدين، و"تلوم" "حزب الله".. لأنه وتَّر الاجواء الهادئة بإسقاط الطائرتين اللتين كانتا في نزهة ليلية في أجواء بيروت الساهرة وضاحيتها النوارة!
2019-08-28

شارك
ياسر صافي - سوريا

استمرأ العدو الاسرائيلي استعراضات طيرانه الحربي في طول الأرض العربية وعرضها: يضرب حيث يشاء، بسهولة مغرية، وتعود طائراته إلى مطاراته الحربية "صاغ سليم"، وسط صمت عربي مهين، و"شماتة" دولية، وعجرفة أميركية تستبطن الاعتزاز بما يفعله هذا "المشاغب" الصهيوني، فيكسر الاعتداد العربي بالغاز والنفط.. ثم يتوسل "الوساطة".. منعاً لمزيد من الحرج.

كثَّف غاراته اليومية على المطارات والقواعد العسكرية في سوريا، بذريعة انها "إيرانية"، غير عابئ بالمعاهدات بل بالتحالف الذي يربط بين دمشق وطهران منذ سنوات بعيدة، ومستهيناً - في الوقت ذاته - بالتحالف السوري مع روسيا - بوتين، وبالطيران الروسي الذي يشارك في الاغارة على قواعد "النصرة" وغيرها من التنظيمات التي تمولها وتسلحها تركيا أردوغان وتفتح امامها الأرض...

بل أن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو قد تباهى قبل أيام، وإثر عودته من مسقط حيث التقى سلطانها قابوس، بأنه قد تلقى دعوات عدة لزيارة بلدان عربية أخرى، أبرزها البحرين، حيث شارك ممثلون لإسرائيل في مؤتمر "مشروع القرن" الذي يروج له الصهر الصهيوني للرئيس الاميركي ترامب، المدعو جاريد كوشنر.

في هذا السياق تأتي الاغارة الاسرائيلية على الضاحية الجنوبية بطائرتين من دون طيار، كانتا تحملان هدايا للأطفال وبعض البسكويت!

كان الوقت ليلاً، ويفترض أن الناس نيام، وان المركز الإعلامي لـ"حزب الله" بعنوان تلفزيون المنار، خالٍ من شاغليه ما عدا الحراس.. وهكذا فان بوسع الطائرة الأولى دون طيار أن تقصف حيث تشاء، قبل أن تصل الطائرة الثانية من دون طيار ايضاً، لتساعدها في الانسحاب بهدوء... بعد انجاز المهمة!

لكن المهمة لم تُنجز.. والطائرتان لم تعودا من حيث جاءتا، بل تحولتا إلى "فرجة" لأطفال الضاحية وكاميرات محطات التلفزيون المحلية والعربية والدولية (ومن ضمنها اسرائيل..).

...وهكذا أمكن للأمين العام لـ"حزب الله"، والذي كان في بلدة العين، قرب بعلبك، أن يُشهدْ العالم على هذه الهزيمة الاسرائيلية الجديدة، بينما هو يعيش مع جماهيره أيام الفرح بذكرى الانتصار على الحرب الاسرائيلية في تموز/ آب 2006. لن تكون هذه آخر غارة اسرائيلية على لبنان بعنوان "حزب الله".. فإسرائيل دولة اقيمت بالخديعة والخيانة العربية والقوة والتآمر الدولي فوق ارض فلسطين العربية.. وكان القرار الدولي - يومها وما زال قائماً حتى الساعة - أن تكون هذه الدولة الغريبة عن تاريخ المنطقة وجغرافيتها أقوى، بالسلاح والخيانة العربية، من العرب مجتمعين (هذا اذا ما تجاوزوا الاستحالة، فاجتمعوا من فوق رؤوس الخونة بينهم)..

ولن تغفر اسرائيل لـ"حزب الله" انه قد هزمها بمقاومة مجاهديه واحتضان أهله في لبنان جميعاً حتى أخرجها من لبنان مدحورة، بجيشها الجبار وأساطيلها الجوية والبحرية، فجر يوم الثالث والعشرين من أيار العام الفين... لقد ردها مهزومة وقادة دباباتها المحروقة في سهل الخيام وساحة بنت جبيل وهضاب عيترون، يعولون طالبين النجدة، مستأخرين فرق الانقاذ التي كانت تحاول، عبثاً، اكتشاف طريق آمنة إليهم.

إلى أين من هنا؟

نفترض أن القادة والخبراء في الجيش الاسرائيلي يعكفون على دراسة اسباب هذه الهزيمة العسكرية (المحدودة) ونتائجها النفسية والعملية على زهو جيش الدفاع (الذي كان منذ أن أنشئ في حالة هجومية)، واعتزازه بقدراته واسلحته المتطورة، ومناخ الهزيمة السائد عربياً والذي "يسحب" القادة العرب، فرادى أو بالجملة، إلى معاهدات الصلح بالشروط الاسرائيلية، مباشرة أو عبر الوساطة "النزيهة" للولايات المتحدة الاميركية بقيادة البطل الأسطوري دونالد ترامب وصهره العبقري جاريد كوشنر.

أما "القادة العرب"، ملوكاً ورؤساء وامراء، فانهم، اليوم يضربون اخماساً بأسداس: لا هم يستطيعون أن يلوموا "حزب الله"، لأنه – لمرة - كان في موقع الضحية وهدفاً لهجوم أرعن على قلب مركزه، بقياداته وإعلامه ومكاتب نوابه في الضاحية... ولا هم يجرأون على محاسبة العدو الاسرائيلي أو يقدرون عليها.. واقصى ما يملكون أن يطلقوا تصريحات "محايدة" جوفاء تستنكر من دون أن تُدين، و"تلوم" "حزب الله".. لأنه قد وتَّر الاجواء الهادئة بإسقاط الطائرتين اللتين كانتا في نزهة ليلية في أجواء بيروت الساهرة وضاحيتها النوارة!

مقالات من العالم العربي

ثمانون: من يقوى على ذلك؟

إليكم الدكتورة ليلى سويف، عالمة الرياضيات المصرية بالأصالة، البريطانية بالولادة، على صقيع رصيف وزارة الخارجية في لندن، تُعدُّ بالطباشير – ككل المساجين - أيام اضرابها.

فلسطين في أربع جداريات دائمة في "المتحف الفلسطيني"

2024-12-19

"جاءت انتفاضة الحجارة في 8 كانون الاول/ديسمبر 1987، وجلبت معها فلسفة الاعتماد على الذات، وبدأ الناس يزرعون أرضهم ويشترون من المنتوجات المحليّة، ويحتجّون على الاحتلال بأساليب ومواد وأدوات محليّة. وشعرت...

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...