توّجه عوضية محمود كوكو التعليمات إلى معاونيها بصوت يعلو فوق هتافات الاحتجاج التي تملأ الأجواء وسط الخرطوم. تجلس كوكو على كرسي بلاستيكي في شارع الجمهورية عند البوابة الرئيسية للاعتصام أمام مقر قيادة القوات المُسلحة السودانية، وهو مركز الانتفاضة التي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السوداني السابق عمر البشير، بعد 30 سنة من الحكم.
«أسرعوا.. ليس لدينا الكثير من الوقت المتبقي! كلا، لا تأخذوا هذه المقلاة، فنحن بحاجة إلى مقلاة عميقة ممتلئة بالزيت»، تأمر ثلاثة رجال، سرعان ما يتدافعون لالتقاط أواني الطبخ الضخمة، تزامنًا مع تدفق آلاف المتظاهرين من الخرطوم والبلدات المجاورة في اتجاه مقر الاعتصام. متطوعون من الشباب في سترات برتقالية يفتشون الداخلين. يقترب موعد آذان المغرب، ويعقبه إفطار الصائمين في رمضان. تشرف كوكو على إعداد حوالي 5000 وجبة إفطار، توّزع مجانًا على المشاركين في الاعتصام. هذه ساعة الذروة بالنسبة لكوكو.
وصلت كوكو إلى مقر الاعتصام منذ أكثر من شهر ولم تغادره منذ ذلك الحين. وأصبح الرصيف المظلل المجاور للبوابة الرئيسية للاعتصام مقرها، وفرشته بالحصير وبعض قماش القنب. «عندما وصلت في اليوم الأول من الاعتصام، لم أجد بشرًا، بل مجموعة من الأسود المصممة على القتال من أجل نيل حقوقها، وأدركتُ أنهم يحتاجون إلى مساعدتي»، تقول وهي ترتدي ثوبًا بلون الزمرد. «خلال الـ 11 يومًا الأولى، مكثتُ هنا ليلًا ونهارًا لإعداد الشاي والقهوة وتقديم الزلابية (فطيرة سكرية المذاق على شكل كرة)، فلم يكن لدى الثوار ما يشربونه أو يأكلونه. بعدها، سألوني إن كان بإمكاني طهي وجبات الطعام».
النص الكامل على موقع "حبر"