في قلب العاصمة العراقية بغداد، في ناحية "باب شرقي"، تربعت قاعة "غولبنكيان" للفنون التشكيلية التي عُرفت لاحقاً باسم "المتحف الوطني العراقي للفن المعاصر"، وقد افتتحت عام 1962.
المتحف حوى أهم أعمال الفنانين والرسامين التشكيليين العراقيين الكبار، من جواد سليم، سعاد سليم، فائق حسن، عطا صبري، شاكر حسن آل سعيد، إسماعيل الشيخلي وغيرهم.. في وقت كانت الحاجة ملحّة فيه لصرح فني يضمّ أعمالهم في ظلّ ازدهار الحركات التشكيلية ومدارس الفنانين الذين أسسوا تيارات ومجموعات فنية متعددة. أقيمت في المتحف معارض، أمسيات، ندوات، ومهرجانات فنية.
ومع تنامي المجموعات الفنية المعروضة، والحاجة لمساحة أرحب، افتتح مركز فني أطلق عليه اسم "مركز صدام الفني" (طبعاً!!) عام 1986، وقد حوى مواد أرشيفية ضخمة حول تاريخ الفن العراقي ومراجع بلغات عدة ومكتبة ومجموعات تشكيلية لفنانين رياديين.
هذه، مع المتحف الوطني العراقي، لم تسْلم يوم غزا الأميركيون العراق يوم 2003 من السلب والنهب والتخريب وحتى الإحراق. المشهد يدمي القلب فالسرقة علنية في وضح النهار وهي لأعمال فنية هامة، وجرت على مرأى الجنود الأميركيين الذين وقفوا يتفرجون على المأساة. أحرق أرشيف ومكتبة الفن العراقي، واستعملت اللوحات المنهوبة في سوق البيع والشراء السوداء لاحقاً. اضطر المتحف لشراء بعضها من السارقين، حسب إفادة علي الدليمي، المدير العام للمتحف الوطني للفن العراقي. وكل ذلك التخريب بدا وكأنه جهد مقصود أنهك صروح الفن العراقي، والدبابة الأميركية المركونة بين تمثالين أثريين هائلين أمام المتحف الوطني خير دليل على ذلك!