من غزة هاشم إلى عُمان قابوس: نحن بخير.. طمنونا عنكم!

العرب في حال غياب. اعتقلتهم انظمة القمع جماعياً حتى يقسموا على نسيان فلسطين ومعها العدو الاسرائيلي والخبز والحرية والتحرير. يقعون على أقفيتهم أمام شاشات التلفزيون يتفرجون على الأخبار..
2018-11-14

شارك

يحمل الجريح أخاه الشهيد إلى المستشفى المزدحم بالجرحى، يسلمه إلى من فيه، ويعود متعجلاً حتى لا يسبقه إلى مكانه عند خط المواجهة احد، فيقذف حجارته التي أعدها لاستقبال جنود العدو. هي حجارة مباركة، كالأرض التي انغرست فيها لتحمي زرعها.. هي "صلاة الجمعة"، فإذا تيسرت الحجارة فهي صلاة الظهر من كل يوم.

العرب في حال غياب. اعتقلتهم أنظمة القمع جماعياً حتى يقسموا على نسيان فلسطين ومعها العدو الاسرائيلي والخبز والحرية والتحرير.. فلسطين جميعاً، ومعها سيناء وتيران وصنافير والجولان ونهر الاردن ومزارع شبعا الخ.

يقعي العرب على أقفيتهم أمام شاشات التلفزيون، يتفرجون على الأخبار.. يستمعون إلى ترجمة تصريحات دونالد ترامب ويتأملون ملامح وجهه الاحمر تحت شعره الابرص، ثم يستمعون إلى تهديدات باراك نتنياهو "ضدهم" من "عواصمهم" العربية: القاهرة، عمان، ثم مسقط الذي احترف سلطانها الوساطات الصامتة، قبل أن يقبل بأن يظهر علناً وهو يصافح رئيس حكومة العدو بحرارة.. ولعله اطلعه على اسم ولي عهده الذي لم يعرفه احد، خصوصاً وانه لم يتزوج ولم ينجب، ولم يغادر سلطنته (التي كانت، ذات يوم، امبراطورية تمتد إلى قلب آسيا وتضم بين "مستعمراتها" اندونيسيا، فضلاً عن بعض انحاء شرقي افريقيا، تنزانيا والصومال وجيبوتي الخ..).

يتفرج العرب على نوع جديد من الملاحم: يرون جمال خاشقجي داخلاً إلى القنصلية السعودية في اسطنبول، ويقبعون على اقفيتهم منتظرين خروجه منها فلا يخرج.. ويختفي الرجل، ولا تظهر جثته، وتوفد المملكة المذهبة "من يحقق" فلا يجد للجريمة اثراً. لكن حكومة اردوغان تجد فرصتها الممتازة لبيع الجثة بدل المرة مرات: للسعودية اولاً، مع شطارة في "تبرئة الملك شخصياً"، ثم اشتراط تسليمها بعثة القتل الذين قتلوا الخاشقجي وقطعوا جسده إرباً، ثم ذوبوها بالأسيد قبل أن يخرجوا بما تبقى منها في صناديق سياراتهم الدبلوماسية.. وكل هذا قبل أن تبيع الجثة للولايات المتحدة الاميركية ولأوروبا ولروسيا الخ..

يتفرج العرب على اللقاء الامبراطوري، تحت قوس النصر الذي بناه نابليون في قلب باريس، والذي دعا اليه الرئيس الفرنسي ماكرون، الحلفاء والاعداء. تلك الحرب التي دمرت فرنسا وانتجت معاهدة سايكس - بيكو لتقسيم المشرق العربي بين دول الاستعمار، فحظيت بريطانيا بفلسطين فوعدت بها، عبر وزير خارجيتها اللورد بلفور، المشروع الاسرائيلي..

.. وتكريما لهذا "الوعد"، كان بين المدعوين بنيامين نتنياهو جالساً بين "اصدقائـه العرب": ملك المغرب، ومن يمثل تونس، والرئيس المكلف بتشكيل حكومة لبنان السيد سعد الدين الحريري، وبالتأكيد من يمثل مصر واقطار عربية أخرى..

الغارات الاسرائيلية على غزة هاشم في فلسطين لا تتوقف: ما أن تغيب الطائرات الحربية حتى تعود لتقصف أسباب العمران، من بيوت فقيرة، وفروع الجامعات القليلة، وبعض البساتين التي انبت الفلاحون أشجارها في الرمل..

والحرب في سوريا وعليها مستمرة، تدمر البشر والحجر وتنهك "قلب العروبة النابض" بعنوان دمشق وحمص وحماه وحلب ودير الزور والقامشلي ودرعا الخ...

والعراق الخارج من دكتاتورية صدام حسين إلى الاحتلال الاميركي فإلى المستنقع الطائفي، تحول فيه الصراع من السياسة إلى الطائفية وذكريات الماضي "السعيد"، فيعجز عن تشكيل حكومة جديدة متوازنة الاجنحة والتمثيل الطوائفي. وتتفجر البصرة، عاصمة النفط وملتقى النهرين (اللذين تكاد تجفههما تركيا!) وأرض الشعر والخصب، تشكو الفقر والحرمان، وتخرج فيها التظاهرات الغاضبة، والموصل التي ما تزال نصف مهدمة، والفرات قد نقصت مياهه إلى النصف، نتيجة السدود التركية التي احتجزت مياهه التي كانت تجعل من البصرة العاصمة الثانية لدولة هارون الرشيد، بعدما كانت في العصور القديمة احدى مراكز الكون.

في هذا الوقت بالذات تعجز الطبقة السياسية في لبنان، المرتهنة لجهات عدة، اجنبية وعربية، عن تشكيل حكومة جديدة، ولذا فهي تلجأ إلى السلاح القذر اياه: الطائفية والمذهبية.. مع وعيها أن تلك طريق إلى الفتنة وليس إلى حكومة الوحدة الوطنية.

نحن، جميعاً، بخير... طمنونا عنكم!

مقالات من العالم العربي

اقتصاد البَقاء: الدّلالةُ والمفهوم في ظلّ حرب الإبادة

مسيف جميل 2024-11-17

لا توجد جدوى للصمود، ما لم يرتبط بالتصدي للاحتلال. استخدم المانحون "الصمود" كإطار جديد، يتماشى مع المرحلة الفلسطينية، ويراعي المشاعر الفلسطينية والحس الوطني السياسي، وكأن التنمية تحدث بتسمية وتبنِّي مصطلحات...

بعد الحرائق الأخيرة: الزيتون السوري ليس محصولاً استراتيجياً!

كمال شاهين 2024-11-14

وقع النصيب الأكبر من الحرائق الأخيرة في محافظتي"اللاذقية" و"حمص". ووفق معلومات محلية مصدرها مديريات الزراعة في هاتين المحافظتين، فإنّ هناك ثمانين موقعاً اشتعلت فيها النيران بشكل مفاجئ، ودفعة واحدة، مما...

مهرجان القاهرة السينمائي: المنصة لفلسطين

2024-11-14

مع تقدّم شهور الإبادة الوحشية في غزة، ومحاولة كثير من الفنانين تسليط الضوء على ما يحدث، في فعاليات سينمائية كبرى، غالباً ما كانت تُسمَع اعتراضات رسمية تتذرع بضرورة "فصل السياسة...

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...