المستقبل العربي المضيَّع بين مشروع الهيمنة الاسرائيلية والتيه البدوي..

.. للسماسرة اللبنانيين خبرات دولية ثمينة في هذا المجال، لكنها تبقى ادنى من خبرات "زملائهم" السوريين.. اذاً فإلى الشراكة أيها الاصدقاء من اجل أن نبني سوريا فنفيد ونستفيد!
2018-09-20

شارك
علاء شرابي - سوريا

يتبع العدو الاسرائيلي مع من تبقى من شعب فلسطين في ارضه، التي كانت ارضه على امتداد التاريخ، سياسة الابادة الجماعية: إن لم يكن بالتهجير الشامل ــ وقد انجز الكثير منه وفق خطة الاضطهاد المفتوح التي تشمل الأسر والقتل واسقاط الجرحى والطرد بأوامر عسكرية، وتهديم البلدات والقرى بالبيوت والمساجد والكنائس والمدارس ــ فبأوامر الابعاد والنفي إلى "خارج البلاد".."المبادلة" بسيطة: يؤتى بأي يهودي من أي مكان في العالم لإحلاله مكان ابن الارض، من ولد اجداده واباؤه فيها، وليس ضروريا أن يكون هذا "الوافد" او المستدعى "يهوديا" فعلاً، بدليل أن حوالي مليون روسي معظمهم من "الارثوذكس" أو من اتباع ديانات او مذاهب أخرى، قد "هودوا" او "تهودوا" ليدخلوا النعيم الاسرائيلي "كمواطنين" عائدين إلى "ارض الميعاد" "لكي يحققوا كلمة الله" فيها وبها.

هكذا تنفذ الخطة الاسرائيلية بإحكام: يتم استفزاز الفلسطينيين بمصادرة بيوتهم أو هدمها وطردهم منها، فاذا خرجوا يتظاهرون احتجاجاً اطلق جنود الجيش والشرطة والعصابات الاسرائيلية المسلحة النار عليهم فتقتل من تقتل وتعتقل من تعتقل وتحكم المعتقلين بالسجن لسنوات طويلة وتعذبهم وتجعل حياتهم في بيوتهم وأرضهم جحيماً بحيث يستحيل العيش فيها.. وهكذا يخرجون منها مرغمين، إلى حيث سبقهم بعض الاهل الذين يمكن أن يخففوا عنهم عذاب الشعور بالغربة.

بالمقابل تستمر الحرب التي تشنها السعودية و"دولة الامارات العربية المتحدة" ــ لاحظ طول الاسم قياسا إلى عدد السكان ــ على اليمن، دولة اولى الحضارات في التاريخ العربي وخزان جيوش الفتح الاسلامي، وتعمل طيران القتل ومدافعه في بلاد اذكى الشعوب العربية وأفقرهم، ولا من يحتج او يستنكر او يشفق او يتدخل لوقف هذه المذبحة ضد الشعب الفقير وذي التاريخ الناصع، وأذكى اهل الارض وأبأسهم حالاً، لاسيما بعد احتجازهم مع "القات" في "المقيل" الذي يستقبل الجميع، ويتساوى فيه الوزير وشيخ القبيلة والسائق والموظف والخادم، في ظلال "عصمة المجلس" الذي يحرم نقل ما يقال فيه إلى من في الخارج..

وبعيداً عن مشاعر العنصرية وضرورة التمييز بين العرب وغير العرب من القتلة والسفاحين، فما الفرق بين ما ترتكبه اسرائيل، كدولة غاصبة ومعتدية ومزروعة بالقوة في قلب الوطن العربي، وما ترتكبه السعودية والامارات، بطيرانها المستأجر طياروه، وعسكرها من المرتزقة الملمومة من عدد من الدول الفقيرة (في بعض افريقيا، وافغانستان والباكستان وبعض جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق..).

القتل هو القتل، خصوصاً وان الضحايا هم دائماً من "الاخوة العرب".

هكذا يمكن أن يُحتسب، في هذا المجال مئات آلاف الضحايا خلال الحرب في سوريا وعليها، فضلاً عن تهديم اسباب العمران في المدن التي يبدأ بها تاريخ التحضر الانساني وقيام الدول القادرة والمؤهلة لبناء المستقبل الافضل..

ويمكن أن يُحتسب من قُتل في العراق، سواء طوال العهد الدموي لصدام حسين، ثم خلال مذابح الاحتلال الاميركي الوحشي للعراق وتدمير أسباب الحضارة التي يبدأ بها التاريخ الانساني وسرقة المتاحف والآثار التي تلخص تاريخ تقدم البشر وحضاراتهم العريقة.. لقد بات العراقيون اليوم غير العراقيين بالأمس، وفي بلادهم الآن أكثر من جيش احتلال في حين أن شعبها مهدد بفقدان وحدته.

أما ليبيا فيكاد يندثر آخر مرفق حضاري وآخر معلم عمراني فيها، وقد بادت دولتها او تكاد... وعاد صراع القبائل يدمر ما بني ويخلخل العلاقات الاجتماعية بين ذوي القربى، ويعيد البلاد الغنية بتاريخها المضيء في مقاومة الاحتلال الاجنبي، والشهيد العظيم عمر المختار شمس لا تغيب عن تلك الارض التي معظمها صحراء، والتي يغري بها نفطها مختلف "الدول الطامعة" فيه وقد فقد من يحميه، أي اهلها الذين كانوا عبر التاريخ اهلها.

اليوم يستجلب النفط الدول الطامعة في البلاد "البلا دولة"، وتتنافس هناك الولايات المتحدة مع فرنسا وايطاليا.. ودولة الإمارات بقيادة الشيخ محمد بن زايد وإمارة قطر بقيادة الشيخ تميم بن خليفة آل ثاني..

اسرائيل اليوم هي "الدولة العظمى" في الارض العربية: أن "الشعوب" التي تم "لمها" من أربع جهات الارض، قد تمكنت ــ في ظل الرعاية الدولية بالقيادة الاميركية ــ أن تصبح "أقوى دولة في الارض العربية". فهي قد استغلت انحراف السادات لإخراج مصر من حومة الصراع العربي -الاسرائيلي، ثم افادت من خروج سوريا من ميدان الحرب بعدما خذلتها مصر السادات.

وسوريا الغارقة في دمها الآن تنتظر أن تستعيد ذاتها ثم دورها بعد العثور على "الحل السحري" لوقف هذه الحرب المدمرة فيها وعليها والتي تكاد تدخل عامها الثامن فيغرق اهلها في الدم والخراب وافتقاد الوحدة والطريق إلى استعادة "الدولة" التي كانت مثالاً للتماسك والوحدة الوطنية.

كيف سيستقر لبنان ويهدأ الصراع فيه وسط هذه الحروب من حوله التي يحركها الخارج ويندفع اليها ــ بهبل ــ حكام وطامعون بالحكم في البلاد الخربة.. خصوصاً اذا تأملنا تاريخ اهل الطبقة السياسية فيه، التي يكاد ينعدم لديها الشعور الوطني، ولا تهتم الا بمعرفة من هي القوة الخارجية الاعظم نفوذاً لكي ترتبط بها فتصل إلى السلطة.. وهذه الطبقة تعيد حساباتها الآن، مع الافتراض أن الحرب في سوريا وعليها تقترب من نهاياتها (المعقدة).. والسعودية غارقة تستنزف مواردها، ومعها موارد دولة الامارات، في حرب ابادة وحشية ضد شعب شقيق في اليمن، وفي مشاريع إمبراطورية لا تقدر عليها لأسباب موضوعية تتصل بطبيعة الحكم فيها وعلاقته "الابوية" بمجتمعها.. وها قد بدأت الزيارات العلنية، وانقلبت الزيارات السرية إلى دمشق إلى زيارات رسمية طمعاً بمشاريع اعادة الاعمار فيها..

للسماسرة اللبنانيين خبرات دولية ثمينة في هذا المجال، لكنها تبقى ادنى من خبرات "زملائهم" السوريين.. اذاً فإلى الشراكة أيها الاصدقاء من اجل أن نبني سوريا فنفيد ونستفيد!

مقالات من العالم العربي

اقتصاد البَقاء: الدّلالةُ والمفهوم في ظلّ حرب الإبادة

مسيف جميل 2024-11-17

لا توجد جدوى للصمود، ما لم يرتبط بالتصدي للاحتلال. استخدم المانحون "الصمود" كإطار جديد، يتماشى مع المرحلة الفلسطينية، ويراعي المشاعر الفلسطينية والحس الوطني السياسي، وكأن التنمية تحدث بتسمية وتبنِّي مصطلحات...

بعد الحرائق الأخيرة: الزيتون السوري ليس محصولاً استراتيجياً!

كمال شاهين 2024-11-14

وقع النصيب الأكبر من الحرائق الأخيرة في محافظتي"اللاذقية" و"حمص". ووفق معلومات محلية مصدرها مديريات الزراعة في هاتين المحافظتين، فإنّ هناك ثمانين موقعاً اشتعلت فيها النيران بشكل مفاجئ، ودفعة واحدة، مما...

مهرجان القاهرة السينمائي: المنصة لفلسطين

2024-11-14

مع تقدّم شهور الإبادة الوحشية في غزة، ومحاولة كثير من الفنانين تسليط الضوء على ما يحدث، في فعاليات سينمائية كبرى، غالباً ما كانت تُسمَع اعتراضات رسمية تتذرع بضرورة "فصل السياسة...

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...