في السنوات الماضية، عصفت بمنطقتنا موجة التخندق المذهبي والتحارب الأهلي، المموِّهة لظروف وسياقات مختلفة بحسب البلدان. وهي مرتبطة بمسار متصل من الخيبات ـ وهي مآله في آن ـ بعضها على شكل هزائم صريحة (حزيران / يونيو 1967، الاجتياح الإسرائيلي للبنان والمقاومة الفلسطينية 1982، احتلال العراق 2003.. المحطات الكبرى في تاريخنا المعاصر)، وأخرى أكثر تعقيداً تتمثل في "استعجال الغلبة" عند أي نصر. كما أعقبتها الثورات المضادة التي استشرست بمقدار هلعها من الروح المتمردة التي لم ينفع الإفقار ولا القمع ولا الإذلال في وأدها، فراحت تفرد أبناءها في الساحات والشوارع على طول المنطقة وعرضها، يغنون للحرية والعدالة والكرامة، وطبعاً لـ "العِيش"، فووجهوا بأساليب تجاوزت بشاعتها الخيال.
انشطرت مجتمعاتنا تحت وطأة كل ذلك إلى جماعات متنابذة حتى حينما يغيب البارود، وانهارت مؤسسات ما يُفترض أنه دول (ومنطِقها) نحو أشكال من الحكم المافيوي، تمسك به عصابات نهّابة ومبتذلة، متعيشة على إدارة التشاحن.
وهذه حال عدمية مدمرة. وهي بلا أفق: لا نهاية لها لأنها تتجدد بمسميات شتى، ولا يمكن لطرف أن يحسمها لمصلحته دون سواه، فلو فعل اليوم لانقلب عليه الحال غداً من هنا أو هناك.. وهاكم الأحوال القصوى في سوريا والعراق واليمن وليبيا تصرخ بذلك، وتفيض على جيرانها، حينما لا يكون هؤلاء الجيران هم أنفسهم عابثون بها، مؤججون لنيرانها بفعل نوازع النكاية، ووهم الغلبة (مجدداً)، والرغبة باستزلام هذا أو ذاك..
وكما يحدث عادة في مثل هذه الأحوال، طال الإنهاك الجميع كما يبدو، على الرغم من استمرار علو نبرة الكلام. ويبدو أن قطبي الحرب الباردة السابقة (والمتجددة) يرغبان، كلاهما ومعاً، في استراحة جدية: واشنطن تنتقد بقسوة السعودية وموسكو تعلن منفردة عن سحب قواتها من سوريا. السعودية والحوثيون يتفاوضون في السر والعلن، ودورة جنيف الحالية بخصوص سوريا تنطلق بحظوظ في تسجيل نقاط والبناء عليها.
ما يزال الطريق مليئا بالألغام، والمستفيدون من الخراب كثر وأقوياء، والناس غير مصدّقين أن الحال يمكن أن تتغير، لا يرون كيف، ولا يعرفون. إلا أننا بإزاء لحظة انعطاف، قد تثمر وقد تُجهَض. ولعل ما يمكن عمله اليوم هو التمسك بضرورة توقف الحروب وبإدانة السعار المذهبي.. تسييد القناعة. وبعد ذلك نتصارع على الحلول والأولويات بقدر ما نشاء..
إفتتاحية
منعطف..
في السنوات الماضية، عصفت بمنطقتنا موجة التخندق المذهبي والتحارب الأهلي، المموِّهة لظروف وسياقات مختلفة بحسب البلدان. وهي مرتبطة بمسار متصل من الخيبات ـ وهي مآله في آن ـ بعضها على شكل هزائم صريحة (حزيران / يونيو 1967، الاجتياح الإسرائيلي للبنان والمقاومة الفلسطينية 1982، احتلال العراق 2003.. المحطات الكبرى في تاريخنا المعاصر)، وأخرى أكثر تعقيداً تتمثل في "استعجال الغلبة" عند أي نصر.
2016-03-17
شارك
مقالات من العراق
بعد الحرائق الأخيرة: الزيتون السوري ليس محصولاً استراتيجياً!
كمال شاهين 2024-11-14
وقع النصيب الأكبر من الحرائق الأخيرة في محافظتي"اللاذقية" و"حمص". ووفق معلومات محلية مصدرها مديريات الزراعة في هاتين المحافظتين، فإنّ هناك ثمانين موقعاً اشتعلت فيها النيران بشكل مفاجئ، ودفعة واحدة، مما...
فتاة كقصبة ال"بامبو"
فؤاد الحسن 2024-09-29
"فاطمة" لم تستطع نيل موتها، على الرغم من دنو الموت، وتنفسه الثقيل الملتصق بتراب الأرض. فقد اختُطِفت مِن قِبل عناصر تنظيم "داعش"، على الرغم من سنواتها التسع، التي لم تنضج...
سوريا: "التعافي المبكر" حاجة ملحة للسوريين أم استجابة لرغبات المانحين؟
كمال شاهين 2024-09-12
مع تتابع الانهيارات الشاملة في البلاد على كل الصعد، تصاعَد الفوران السوري في رغبة الخروج من البلاد، وهو ما قاد ــ بالمجمل ــ إلى تفكير الداعمين والمانحين في تغييرٍ استراتيجياتهم،...