يستعجل العدو الإسرائيلي إنجاز صيغة تحالف ما مع المملكة العربية السعودية بشخص ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، شريك مشروعه التحديثي في شبه الجزيرة العربية عموماً والسعودية خصوصاً بعنوان "رؤيا 2030".
كان لا بد من استدراج الملك الهاشمي عبد الله بن الحسين إلى هذا المشروع. وهكذا تم "ترتيب" انتفاضة شعبية في شوارع عمان، كان فيها المتظاهرون "رفاق سلاح" لرجال الشرطة والجيش، فلعبوا مباريات ودية، على هامش المونديال، ارتفعت فيها الأيدي والأصوات المحتجة من دون أن تشهد إطلاق رصاصة واحدة أو سقوط "شهيد" واحد.
بعد ذلك عقد الأميران المحمدان قمة في مكة المكرمة، استُدعى اليها أمير الكويت الداهية الشيخ صباح الأحمد الصباح، ثم الملك عبد الله الهاشمي.. واستمع الثلاثة إلى عرض حال المملكة وتناقص دخلها وتفاقم عجزها نتيجة أزمة اللجوء السوري، وانخفاض سعر الفوسفات وكساد السياحة على شواطئ البحر الميت. قرر الأمير والشيخ تقديم قرض للملك بسندات خزينة، ثم أحالاه إلى أمير الكويت الذي وعده بمساعدة قيمتها مليار دولار مقسّطة على عشر سنوات.. وعاد الملك عبدالله إلى عمان فغير حكومته، وبدأ إجراءات الحد من الإنفاق (ما عدا حصة الملكة).
فور عودته، وصل إلى عمان فجأة رئيس حكومة العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فاستقبله الملك عبد الله، علناً.. وقيل أن الأمير محمد سلمان وصل سراً، وأن الثلاثة عقدوا اجتماعاً مطولاً شارك فيه الشيخ محمد بن زايد.. وقد شاركهم اللقاء ممثل للحكومة المصرية.
وسواء أصحت أخبار هذا اللقاء الثلاثي أو الرباعي أم أنها كانت مجرد شائعات، فالتنسيق قائم بين مملكة الصمت والذهب وبين دولة العدوان، إسرائيل. كذلك فان وزارة خارجية العدو أعلنت مؤخراً انها ستفتح قريباً قنصلية في دبي، إيذاناَ بمباشرة التمثيل الدبلوماسي بين البلدين.
على هذا، فلم يكن سماح السعودية لشركة الطيران الإسرائيلية بعبور أجوائها في رحلاتها إلى الهند ومنها، ومعها كذلك شركة الطيران الهندية، أمراً نافراً واستثنائياً، بل هو "خبر عادي".
الملوك والرؤساء العرب في واشنطن
30-05-2018
لكن التطورات العسكرية على الحدود الأردنية ــ السورية هي ما يشغل بال الجميع الآن.. وإذا كان الأردن لا يقدر أو لا يريد أن يستمر في تجاهل الأوضاع على حدوده مع سوريا، فإن انهيار جبهة المعارضة المسلحة قد الزمته بتجديد التواصل مع دمشق، خصوصاً وان الأميركيين قد أداروا وجوههم إلى الناحية الأخرى فلم ينتبهوا إلى تقدم الجيش السوري على الأرض وتحرير معظم حوران والتقدم لحصار درعا.. وهكذا تلقت المعارضة المسلحة بعنوان "جيش الإسلام" هزيمة جديدة، ورفع قادتها عقيرتهم بشتم "الخونة الأميركان"!
أما اسرائيل فكان شرطها المعلن ألا يعود الجيش السوري إلى مواقعه في الجولان المحتل.. ولتذهب المعارضات التي كان بعضها "في ضيافتها" - وينطلق من عندها لتضرب "جيشها" وتعود إلى قواعدها داخل الأرض المحتلة - فلتذهب إلى الجحيم. لقد أدت دورها وانتفى الغرض من وجودها.
***
الحديث يدور الآن، مع تجليات عصر ترامب، عن "صفقة القرن".
و"صفقة القرن" التي كان من عناوينها اعتراف ترامب بالقدس "عاصمة لدولة اسرائيل" ونقل سفارته اليها، طالباً من بعض إتباعه في أميركا اللاتينية وبعض الدول الصغرى أن يقتدوا بواشنطن فينقلوا سفاراتهم إلى القدس، بما يعني طي صفحة القضية الفلسطينية وتركها تذهب إلى النسيان. ولا شك أن لبعض العرب دوراً في صفقة القرن هذه. ومؤكد أنه سيكون لملك الأردن الحالي، ما كان لجده الأمير عبد الله الذي جعلته نكبة فلسطين ملكاً، دور في هذه الصفقة. ويجري الحديث أيضاً عن دور لمصر، يتمثل في التنازل عن بعض أرضها في صحراء سيناء ليقام عليها "مشروع الدولة الفلسطينية" العتيدة..
هل انقرض العرب؟
هل سقطت ركائز وحدتهم، أو اتحادهم، أو حتى تضامنهم في وجه عدوهم الإسرائيلي المعزز بالدعم الأميركي المفتوح على عالم عربي ينقسم إلى حد الإقتتال أو التخاصم أو التباعد، إلى حد التحالف مع العدو "نكاية" بالأخوة الذين باتوا أعداء، في حين صار العدو الأصلي والوحيد، إسرائيل، صديقاً وحليفاً وشريكاً في صنع المستقبل؟
أن عصراً جديداً يطل على "العرب" فاذا هم ينكرون أنفسهم، فيعودون قبائل ببطون وأفخاذ، تصطرع على الكلأ، الذي يمكن الآن تسميته "النفط" أو "الغاز". والثروات الخرافية تزيغ الأبصار، فيصير العدو صديقاً حميماً، بينما يتحول الأخ الشقيق إلى حاسد، يعترض على إرادة الله الذي كان ويبقى مقسم الأرزاق بين عبيده.
والحمد لله من قبل ومن بعد..