تتوقع المؤشرات المائية العالمية، وأبرزها "مؤشر الإجهاد المائي"، ان العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحدود 2040، ولن يصل النهران العظيمان إلى المصب النهائي في البحر. وبعد ثمانية أعوام (2025) ستكون ملامح الجفاف الشديد واضحة جداً في عموم العراق مع جفاف كُلي لنهر الفرات باتجاه الجنوب، وتحوّل دجلة إلى مجرّد مجرى مائي صغير محدود الموارد.
تركيا
تروّج الحكومة العراقية الحالية، بخصوص أزمة المياه الرهيبة التي ستضرب البلاد خلال العقد المقبل، أنها مرتبطة ببدء تشغيل سد "إليسو" التركي، وانها نجحت بـ"منع" التشغيل حتى حزيران/ يونيو بدلاً عن اذار/ مارس، لضمان سيولة مائية تخفف من صيف لاهب بشّر به العراقيون وزير الموارد المائية، دون الإعلان عن الاجراءات الوقائية التي ستتخذها وزارته، فيما يستمر استهلاك المخزون المائي الضعيف عند معدلات الهدر العالية دون انخفاض، ويستمر التعامل غير المسؤول مع الأزمة وكذلك التعمية الدعائية.
ولم تتوجه حملة حكومية إلى الرأي العام للتعريف بالمخاطر الكارثية للأزمة وضرورة الترشيد الى الحد الأقصى تلافياً لقحط مائي قد يتسبب بحرب دامية في المناطق الزراعية بين العشائر على حصص المياه المتناقصة.
المزيد: أزمة مياه العراق.. موسم الهجرة الى الكارثة (1)
.. وإيران
يواجه العراق تناقصاً سريعاً ومضطرداً بموارده المائية. فخلال العقود الثلاث الاخيرة خسر ما يوازي نصف معدل المياه التي كان يتمتع بها خلال النصف الاول من القرن المنصرم. وفي السنوات العشر الأخيرة خسر نحو 80 في المئة من المياه المتدفقة اليه من إيران بعد قطعها نحو 35 رافداً رئيسياً وفقاً للجنة الزراعة والمياه النيابية العراقية. وقد اشارت اللجنة الى أن المتبقي هو سبعة روافد ايرانية، وأن طهران بصدد بناء نواظم وسدود جديدة عليها.
إيران، وبخطوة احادية، غيّرت مسار أهم رافدين هما "الوند" و"الكارون"، ما اضرّ كثيراً بالمساحات الزراعية الواسعة في البصرة (جنوب) وواسط (جنوب شرق) وديالى (شمال شرق). ويؤكد مجلس محافظة واسط أن "الايرانيين يماطلون في المفاوضات ويتحججون بالجفاف وقلّة الامطار، أما التنسيق فهو مجرد وعود لا تطبّق في الواقع".
في العام 2011 أقرت الحكومة الايرانية مشروعاً لبناء 152 سداً، بعضها للتحكّم و"استنقاذ" المياه الداخلة الى العراق، لا سيما الروافد والأنهر، فيما الحكومة المركزية العراقية، وعلى الرغم من التجاوزات المائية الإيرانية وتسبّبها بحصار مائي خانق على الأراضي الاساسية والمواسم الزراعية، لم تشتكِ من السلوك الايراني وفقاً للاتفاقيات الدولية التي تنظم التدفق المائي بين البلدان، وظلت الاجتماعات الخجولة التي عقدتها بغداد مع طهران بهذا الشأن حبيسة الأوامر السياسية التي تشدد على تقديم التسهيلات الكبيرة والتطبيع الكامل.
ونيابياً، فغالباً ما يتم تجنب الاشارة الى الاضرار الإيرانية وتحميل المسؤولية كاملة لأنقرة في حرمان العراق من المياه العذبة. وفي الوقت الذي تعقد فيه اجتماعات متكررة ودائمة مع مسؤولين ايرانيين، لرفع التبادل التجاري او التنسيق السياسي، لا يتم التطرق لمشكلة المياه.
المزيد: إيران ومياه العراق.. طرائق في الخنق (2)
وسائل الضغط
تملك بغداد أوراق ضغط كثيرة لتحصيل حقها من جيرانها، بما يخص المياه وبما يخص ردع تجاوزات كثيرة. لكن حكام العراق لا يفكرون بالمصلحة الوطنية وإنما بشؤونهم ومرابحهم.
المزيد:
مشكلة مياه العراق.. أوراق الضغط على تركيا (3)
أزمة مياه العراق والضغط على إيران: النجف والاقتصاد والقرار السياسي (4)