مصر تنتج غازاً وفيراً، ثم "تشتري" الغاز من اسرائيل

بالوقائع والارقام: مصرالسيسي  تنتج غازاً أكثر من حاجتها.. لكنها "تشتري" الغاز من اسرائيل!
2018-02-21

شارك

في الأخبار العربية ما يُبهج ويبعث على الطرب.. وفيها ايضا، وبتزامن مريب، ما يُغيظ ويستولد الغضب. على سبيل المثال لا الحصر: موضوع انتاج الغاز في كل من مصر والاراضي الفلسطينية المحتلة (اسرائيل)..
ولأن الانظمة العربية، سواء العشائرية منها أو العسكرية، تعيش حالة اهتراء، فان الفضائح، سياسية أو مالية، هي طعامها اليومي، وهي "الانجاز الاخطر" الذي تقدمه لشعوبها.
ولقد عمت الفرحة الديار المصرية بالإعلان عن اكتشاف آبار غنية بالغاز، غير بعيد عن منطقة السويس.. اذ توفرت لمصر ثروة ممتازة، تزيد من مستوى انتاجها الذي كانت تصدر منه إلى بعض البلاد العربية، فضلاً عن كيان العدو الاسرائيلي.
فمع نهاية كانون الثاني/يناير 2017، بشرتنا القاهرة، وعبر احتفال ممتاز اقيم برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي في بورسعيد، ببدء مرحلة الانتاج المبكر من الغاز من حقل "ظهر" للغاز الطبيعي الذي يُعد الاكبر من نوعه في الشرق الاوسط..
وكانت شركة الطاقة الايطالية "ايني" قد اكتشفت الحقل في آب/ اغسطس 2015 مؤكدة انه "الاكبر على الإطلاق في البحر الابيض المتوسط، وقد يصبح أحد أكبر اكتشافات الغاز في العالم".. وتقدر احتياطات الغاز في الحقل بحوالي 30 تريليون قدم مكعب أو ما يعادل 5.5 مليار برميل زيت متكافئ، وتبلغ مساحته مئة كلم مربع.
وقال وزير البترول المصري طارق الملا أن المشروع سيحقق الاكتفاء الذاتي من الغاز بنهاية العام، وبالتالي فان مصر ستوفر نحو 2.8 مليار دولار سنوياً، واردات غاز مسال..
وقال بيان لوزارة النفط أن الانتاج الفعلي قد بدأ في كانون الاول/ديسمبر 2017، وانه بدأ ضخ الغاز الطبيعي الفعلي من الآبار البحرية في حقل "ظهر" لمعالجته ووضعه في "الشبكة القومية للغاز"، بمعدل انتاج مبدئي مقداره 350 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً.
اما الوزير الملا فقد ذكر أن انتاج الغاز من الحقل الذي ستصل استثماراته كاملة إلى 12 مليار دولار بنهاية العام 2019، سيصل إلى أكثر من مليار قدم مكعب من الغاز يومياً وأكثر من 1.7 مليار قدم مكعب نهاية العام. ولسوف يتبقى اقل من مليار متر مكعب من جملة الانتاج (2.7 مليار قدم مكعب).. وقد تم الاتفاق مع شركة "ايني" على أن يكتمل الانتاج من الحقل نهاية هذا العام.

وأوضح الملا أن استثمارات المرحلة الاولى من المشروع بلغت 5 مليار دولار، ساهمت فيها الشركات الوطنية بنحو 1.5 مليار دولار. وتمتلك شركة " بي بي" للغاز البريطانية حصة 10 في المئة من المشروع، في حين تمتلك "روسنفت" حصة 30 في المئة.
ويبلغ انتاج مصر من الغاز الطبيعي حاليا، أكثر من 5 مليار قدم مكعب، بحسب الاحصاءات الرسمية.

 

***

 

غير أن اخباراً غير سارة سرعان ما دهمتنا في الايام القليلة الماضية، تفيد أن العدو الاسرائيلي قد عقد صفقة مريبة مع بعض الشركات التجارية المصرية لبيع الغاز إلى مصر!
فقد أعلنت دولة العدو، في الاسابيع القليلة الماضية، انها ستباشر انتاج البترول والغاز من شمالي فلسطين المحتلة، وهي المنطقة المحاذية للجنوب اللبناني، عند الناقورة، حيث قرر لبنان ــ أخيراً ــ أن يبدأ تنقيبه عن الغاز والنفط، بعدما دلت الدراسات على توفرهما في بحره.
وكان طبيعياً أن تحاول اسرائيل سرقة هذه الثروة "بمط" حدود احتلالها بحراً بحيث يمكنها ادعاء الشراكة في حقل البلوك رقم 9.


اقرأ أيضاً: الغاز الصخري ومستقبل الجزائر


ولقد "تصادف" أن تفجرت هذه الازمة مع جولة وزير الخارجية الاميركي في المنطقة والتي شملت لبنان.. وهكذا تبرع مساعده، دافيد ساترفيلد وقد كان في الماضي سفيراً للولايات المتحدة الاميركية في لبنان، بلعب دور الوساطة بين بيروت والكيان الاسرائيلي..
وكانت الفضيحة المدوية التي تناقلت وسائل الاعلام تفاصيلها، في الايام القليلة الماضية، نقلاً عن مصادر اسرائيلية، ولم تعلق عليها الاجهزة المصرية بل التزمت الصمت، ويفيد مضمونها: أن شركة مصرية خاصة قد تعاقدت لاستيراد الغاز من اسرائيل. وامتنع المسؤولون في وزارة البترول عن اعطاء تفسيرات لهذا التعاقد، واكتفوا بالقول إن الاتفاق يخص شركة خاصة لا تتبع الحكومة.
ولقد وصف رئيس وزراء العدو الاسرائيلي الاتفاق ب"التاريخي" وقال في شريط فيديو وزعه مكتبه: " ستدخل البلايين إلى خزينة دولتنا!"
وقالت وكالة "رويترز" عن شركة "ديليك للحفر" أن الشركاء في حقلي الغاز الطبيعي الإسرائيليين "تما" و"لوتيان" وقعوا اتفاقات مدتها عشر سنوات لتصدير ما قيمته 15 مليار دولار من الغاز الطبيعي إلى شركة " دولينوس" المصرية.. كما اشاروا إلى دراسة خيارات عدة لنقل الغاز إلى مصر، من بينها استخدام خط أنابيب شرقي المتوسط.


اقرأ أيضاً: الغاز الإسرائيلي


وكانت مصر هي التي تصدر الغاز الى اسرائيل، لكن العملية توقفت بعدما استهدفت "هجمات إرهابية" خطوط الانابيب في شمال سيناء بعد ثورة 25 يناير 2011.. ومع تزايد الهجمات وارتفاع الطلب على الغاز في السوق المحلية، أوقفت مصر التصدير فقاضتها شركة الكهرباء الاسرائيلية، وغرمت محكمة سويسرية شركة غاز مصرية ملياري دولار.

 

***   

 

هل هناك "دولتان" في مصر، احداها عسكرية، والثانية تجارية، وكلتاهما تلعبان بمصير درة النيل بل والمصير العربي جميعاً؟
نفهم أن معاهدة السادات المذلة تمنع مصر من محاربة اسرائيل، فهل أن عهد السيسي هو عهد الانفتاح على "العدو السابق" والاتجار معه باعتباره شريك المستقبل. وهل دماء الشهداء المصريين في الحروب التي شنتها دولة العدو الاسرائيلي على مصر باتت موضع مزايدة ومناقصة في بورصة العهد الذي يجدد لنفسه ولايته بمنع أي مرشح آخر من منافسته..
وَكم ذا بِمِصرَ مِن المُضحِكاتِ           وَلِكنّهُ ضَحِكٌ كالبُكا..

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...