إله التظاهرات

هنالك ألف نوع ونوع من التظاهرات. كان أجدادنا السومريون يقدسون إله التظاهرات ويقدمون له النذور والأضاحي. تروي الأسطورة بأن ذلك الإله الحزين يستحم في ساحة التحرير كل جمعة، يخلل أظفاره وأسنانه وينبش أنفه ويرتق ثوبه أمام الكهنة والمتعبدين. يحيط به فقراء الرأي وضعفاء العدة والعدد ومساكين حرية التعبير. إله التظاهرات العراقي يحب القلة فهو يقلم أتباعه ويمحصهم من الجهويات والشبهات والاتفاقيات
2016-03-03

شارك

هنالك ألف نوع ونوع من التظاهرات. كان أجدادنا السومريون يقدسون إله التظاهرات ويقدمون له النذور والأضاحي. تروي الأسطورة بأن ذلك الإله الحزين يستحم في ساحة التحرير كل جمعة، يخلل أظفاره وأسنانه وينبش أنفه ويرتق ثوبه أمام الكهنة والمتعبدين. يحيط به فقراء الرأي وضعفاء العدة والعدد ومساكين حرية التعبير. إله التظاهرات العراقي يحب القلة فهو يقلم أتباعه ويمحصهم من الجهويات والشبهات والاتفاقيات والتحالفات و "اللافتات الوطنية" جداً!
قال الكهنة بأن الإله يستهين بالحشود و الأتباع ولا يقدّر الكثرة الكاثرة من أتباع الآلهة الأخرى، وبينما كان غافياً ورأسه في حجْر الأم داخل نصب الحرية، صعد إليه الكهنة وفشخوه وفتحوا جمجمته. كانوا أغبى مما يظنون، غضب إله التظاهرات وقرر أن يتكسر مثل مزهرية زجاجية إلى ألف قطعة وقطعة.
ومنذ ذلك اليوم والتظاهرات أنواع وأنواع وأنواع. تظاهرات تشبه الصلاة الجامعة في المساجد. تظاهرات تشبه السيارات في البنزين خانة (محطات الوقود). تظاهرات تشبه مسارح الدمى. تظاهرات لكمال الأجسام والمرايا والانبهار والتخويف. تظاهرات لا تشبه التظاهرات.
غير أنّ المتظاهرين في أغلبهم كانوا نوعاً واحداً من البائسين والمدحورين والمغلوب على رأيهم وقلبهم، و يعبدون إلهاً واحداً غير موجود اسمه "حرية".

(نصّ ورسم: مرتضى كزار)


وسوم: العدد 182