تحدّد موعد الانتخابات الرئاسية قي جمهورية أرض الصومال (صوماليلاند) بتاريخ 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، وهي الانتخابات الرئاسية العامة الثالثة التي تشهدها البلاد، وسيشارك فيها ثلاثة أحزاب: "التجمع" (Kulmiye) وهو الحزب الحاكم، و"العدالة والرأفة" (Ucid) المشارك في الائتلاف الحكومي، وحزب "وطني" (Waddani) المعارض.
من المتوقع أن تشهد الانتخابات القادمة منافسة محمومة بين الحزب الحاكم، وحزب "وطني"، خاصة مع ازدياد الأوضاع تدهوراً في فترة الرئيس أحمد محمد محمود ("سيلانيو")، واستمرار الخلافات الداخلية ضمن أجنحة الحزب الحاكم، وهو ما يقلّل من فرص وصول مرشح الرئاسة موسى بيحي عبدي إلى قمة الهرم في السلطة في الجمهورية الباحثة عن الاعتراف الدولي.
وعلى الرغم مما حققته العملية السياسية في صوماليلاند من تقدّم، وبالأخص لجهة التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات عامة ومباشرة، فإن العملية الانتخابية لا زالت خاضعة في الكثير من جوانبها إلى العامل القبلي الذي يملأ الفراغ الذي يشكله غياب التباين الفكري بين الأحزاب السياسية. كما أن العامل المالي كان ولا يزال يحتل دوراً أساسياً في الحملات الإعلامية.
ونظراً لقيام النظام الحزبي في صوماليلاند على أساس أحزاب "الأمة" الثلاثة، فإن التنافس في الانتخابات الرئاسية محصور بينها. ولكن التأجيل الذي طرأ على الانتخابات التمثيلية لغرفتي البرلمان (مجلسي الشيوخ والنواب)، والتي تم ربطها بتعديل قانون الأحزاب، أبقى البرلمان الصوماليلاندي على تشكيلته القديمة، السابقة لانتخابات 2010، ليتكون البرلمان من ثلاث كتل مؤلفة من ممثلين لحزبين قائمين ولحزب منحل. الحزبان هما "التجمع" (28) نائباً، و"العدالة والرأفة" (21) نائباً، وأما الحزب المنحل فهو حزب "UDUB" الذي تولى قيادته علي محمد ("ورنعدي") بعد خسارة رئيسه السابق طاهر ريالي كاهن واعتزاله العمل السياسي. وكان لديه 33 نائباً. وقد أدخله "ورنعدي" في ائتلاف مع الحزب الحاكم، وأصبح بموجب ذلك وزيراً للطيران ثم للداخلية لحين عزله وإيفاده ممثلاً لصوماليلاند في أديس أبابا ثم مستشاراً للرئيس.
التوزيع القبلي والعملية الإنتخابية
بلغ مجموع الناخبين المسجلين 47 في المئة فقط من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب، وهناك أيضاً عزوف لما يقرب من 170 ألفاً منهم عن استلام بطاقاتهم الانتخابية، ما أدى إلى انخفاض النسبة إلى 38 في المئة من أصل من يحق لهم التسجيل للانتخابات..
1- الاسحاقيون ("إساق") يشكّلون أكثر من نصف السكان وهم الأكثرية في المدن كـ"هرجيسا" العاصمة، و"بربرة" الميناء الرئيسي للبلاد، و"برعو" مركز تجارة الثروة الحيوانية، وإليهم ينتمي مرشحو الرئاسة الثلاث. وتحتوي قبيلة "إساق" ثلاث عشائر متعارف على امتلاكها أكثر من مئة ألف صوت انتخابي، وهذه العشائر هي:
- "زبير أول"، وإليها ينتمي موسى بيحي عبدي، وهي تعاني من ضعف إقبالها على التسجيل الانتخابي في "هرجيسا"، ومناوءة فرعها المقيم في الساحل (بربرة) لحزب "التجمع"، بسبب الاعتقالات وتسريح العمال والمحسوبية التي مورست في قضايا توزيع الأرض والمشاريع المتعلقة بالعقود الإماراتية.
- هبرجعلو: وينتمي إليها أحمد محمد محمود (سيلانيو)، وتعاني من تذبذب كبير في تأييد مرشح حزب التجمع لأسباب متعددة، منها "أزمة حرسي" التي أدت سنة 2016 لاستقالات جماعية على مستوى الوزراء، والخلاف الحالي بين وزير الرئاسة محمود حاشي المنتمي للقبيلة ومرشح حزب التجمع موسى بيحي.
- هبريونس: وإليها ينتمي مرشح حزب "وطني" (عبدالرحمن محمد عبد الله عرو)، وهي الكتلة القبلية الوحيدة ذات الوزن الانتخابي، ولم تشهد خلافات أو صراعات تؤثر في تماسكها، خاصة مع مغادرة وزير الداخلية السابق وزعيم "حزب "UDUB إئتلافه مع حزب "التجمع" وانحيازه وكتلته إلى ابن عمه "عرو"، رداً على عزله من منصبه.. فقد اعتبر تعيينه ممثلاً لبلده لدى أديس أبابا كقرار نفي للرجل القوي.
اقرأ أيضاً: مشاهد من عاصمة أرض الصومال هرجيسا
2- سمرون سعيد (غودابورسي) وهم ثاني أكبر الكتل القبلية في صوماليلاند، يشكلون أكثرية سكان إقليم "أودل" و"سرر" ومركزهم مدينة "بوراما"، وإليهم ينتمي الرئيس السابق طاهر ريالي كاهن، ونائب الرئيس الحالي، كما أن منهم نائبي المرشحين للحزبين الرئيسيين. وتحتوي قبيلة "سمرون" على كتلة واحدة من مئة ألف صوت كالتالي: "مكاهيل" التي هي إحدى الكتل القبلية ذات الوزن السياسي الكبير في صوماليلاند، وهي أكبر الكتل الثلاث لقبيلة "سمرون"، وإليها ينتمي الرئيس السابق والزعيم السابق لحزب ""UDUB. وقد أعلنت القيادات السياسية المنتمية إلى تلك الكتلة تأييد حزب "وطني" والانضمام إليه، خاصة أن أحد مرشحي فريق الرئاسة ليصبح نائبا لرئيس الجمهورية لدى فوز الحزب في الانتخابات الرئاسية هو من أبنائها.
3- طولباهنتي هي ثالث الكتل القبلية، ومنها رئيس البرلمان الحالي. وأبناؤها يشغلون مناصب وزارية هامة كوزارة الداخلية. وهذه القبيلة تسكن جنوب شرق محافظة توغطير ومحافظة "سول" ومركزهم مدينة "لاسعانود".
4- ورسنغلي رابع الكتل القبلية، وينتمي اليها بعض من يتولى حقائب وزارية سيادية كوزارة الدفاع، ومركز سكنهم هو شرق محافظة "سناغ"، وأهم مدنهم "لاسقري".
5- عيسى ولهم عضو برلمان واحد، وتحاذي مناطقهم الحدود الجيبوتية والإثيوبية.
6- الأقليات وعلى رأسها أقلية "غبويه" التي تعرضت لتهميش كبير في عهد حكومية "التجمع" ما دفعها إلى الانضمام بكليتها إلى حزب "وطني" المعارض.
ضعف إقبال على التسجيل وأخطاء
تقدّر الكتلة الانتخابية في صوماليلاند بـ41 في المئة من السكان، أي مليون و800 ألف ناخب من أصل أربعة ملايين و500 ألف نسمة. فقد أعلنت اللجنة المستقلة للإنتخابات عن أن مجموع الناخبين المسجلين للحصول على البطاقات الانتخابية بلغ 873.331 ناخبا، أي أن نسبة المسجلين من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب بلغ 47 في المئة فقط، في حين أن هناك أيضاً عزوف لما يقرب من 170 ألفاً من الناخبين المسجلين عن إستلام بطاقاتهم الانتخابية، ما أدى إلى انخفاض النسبة إلى 38 في المئة من أصل من يحق لهم التسجيل اللانتخابات... مما يلقي بظلال شك كبيرة على نزاهة آليات التسجيل الانتخابي وبعد ذلك على ما يتم الإعلان عنه من نتائج.
اقرأ أيضاً: في "أرض الصومال".. الكل تحت طائلة الاعتقال!
جمهورية أرض الصومالتقع "أرض الصومال" في منطقة القرن الافريقي الاستراتيجية، على خليج عدن، ويبلغ طول شاطئها 750 كيلو متراً. وهي جمهورية معلنة ذاتياً في العام 1991، إثر حملات عسكرية في فترة حكم سياد بري أعقبتها حرب أهلية وتفكك للدولة الصومالية. و"أرض الصومال" كانت مستعمرة بريطانية، فيما سائر الصومال كان مستعمرة إيطالية. وقد أنشأت الإمارات العربية في منتصف العام الجاري قاعدة عسكرية لها قرب ميناء بربرة، تضاف إلى قاعدة ميناء "عصب" المنشأة في اريتريا.. بحجة مقارعة الحوثيين في اليمن وكجزء من الحصار البحري عليهم في البحر الأحمر، المعلن منذ 2015. اقرأ أيضاً: ضد القاعدة العسكرية الإماراتية في بربرةوقد وافق برلمان "جمهورية أرض الصومال" على إنشاء هذه القاعدة العسكرية في ظل إغراءات مالية، سبقها توقيع "اتفاق لتطوير ميناء بربرة" قيمته 442 مليون دولار، وكذلك الأمل بأن توفّر القاعدة العسرية أعمالاً للمئات من أبناء البلاد. "السفير العربي" |