ستنتصر حضارة اليمن على حرب الإبادة السعودية..

صارت الكوليرا شريكاً فعالاً في الحرب السعودية على شعب اليمن، وصار من يكافح هذا المرض القاتل عدواً شرساً للمملكة التي تتقدم لتقود العالم بالثورة العلمية الباهرة لولي العهد فيها
2017-07-05

شارك
أحمد السوداني - العراق

فجأة، ومن دون سابق انذار، تفجرت ازمة سياسية خطيرة بين المملكة العربية السعودية ومعها دولة الامارات العربية المتحدة ضد الامارة ال"من غاز" قطر..
انشغل العالم جميعاً بهذه الازمة الحارقة في قلب المنطقة الغنية بالنفط والغاز، وعلى الرغم من أن احداً لم يعرف أسبابها الفعلية وخلفياتها ومراميها: تفرغ سلطان الكون دونالد ترامب للوساطة، بتحريض الطرفين على المضي قدماً في الصراع مجهول الاسباب المفيد لمن يرغب ويقدر ــ مثله ــ على دور الوسيط.. بالثمن!
ثم انشق العالم بين مؤيد لمملكة الذهب والصمت ومناصر للإمارة ال"من غاز" وأميرها الاطول من حكام الجزيرة والخليج جميعاً.. وكل ذلك مدفوع.. بالذهب ابيض واسود.
لم تشتعل أرض الذهب، أسود وأبيض، بنار الحرب، ولم يسقط القتلى والجرحى والاسرى على ضفتي ميدان الصراع، بل ظل الأمر محصوراً في الحرب الكلامية والتوعد والتهديد، تارة بالنفط وطوراً بالغاز.. وقناة الجزيرة!
وحققت اسرائيل مكسباً سياسياً ممتازاً، فقد ثبت شرعاً انها لا تشكل عدواً للعرب، لا أوحد ولا أولاً، بل هي الآن "دولة صديقة"، لها من يدافع عن مصالحها التي تكاد تكون بعض مصالح هذه الدولة العربية أو تلك، لاسيما في الجزيرة والخليج..
في هذه الاثناء كانت الكوليرا تفتك بأهل اليمن، اطفالاً ونساء ورجالاً فقراء: غصت المستشفيات القليلة بالمرضى، ومات اطفال في عمر الورد على الطرقات، وسقطت النساء إعياء وبكى الرجال الذين لم يهربوا من ميدان المواجهة مع العدوان السعودي ولكنهم وجدوا أنفسهم عاجزين عن انقاذ اطفالهم من الداء المستشري.
لم يتحرك الضمير العالمي، ولم تهب الدول لمكافحة الكوليرا، واختفت المنظمات الدولية سواء تلك المنبثقة عن الامم المتحدة او الصليب الاحمر الدولي او العاملة في اوروبا بعنوان فرنسا... في حين ادارت الدول العربية، لا سيما الغنية منها، وجهها إلى الجهة الاخرى حتى لا تتهم بمواجهة الحرب السعودية اذا هي تقدمت لمكافحة الكوليرا..
صارت الكوليرا حليفاً مقدساً لمملكة الصمت والذهب..
وصار التصدي بالمكافحة الجدية للمرض الفتاك انحيازاً لفقراء اليمنيين في مواجهة المملكة المقدسة وحلفائها من الدول العربية، الامارات والبحرين ومصر.. فضلاً عن السودان والصومال وجيبوتي وجزر القمر!
صارت الكوليرا شريكاً فعالاً في الحرب السعودية على شعب اليمن، وصار من يكافح هذا المرض القاتل عدواً شرساً للمملكة التي تتقدم لتقود العالم بالثورة العلمية الباهرة لولي العهد فيها، الذي اطاح ابن عمه الاكبر منه وقبل يديه وقدميه وهو يخرجه من دست الحكم ليتركه له وحده بلا شريك..

***

من يجرؤ، والحال هذه، على مكافحة الكوليرا؟
بين الشائعات الرائجة الآن واحدة تقول أن الطائرات الحربية السعودية بطياريها المرتزقة، اميركيين وباكستانيين واسرائيليين مموهين، هي التي رمت اليمنيين بجرثومة الكوليرا التي وجدتها أعظم فعالية من أشد القذائف تدميراً للانسان، لا فرق بين أن يكون رجلاً او امرأة او طفلاً على وجه الخصوص..
إن "حروب الاشقاء" قد تجاوزت حدود المألوف والمعروف من أسلحة القتال.
انها حروب إبادة: ففي بعضها يستخدم الذهب، وفي بعضها الآخر تستخدم كل انواع الاسلحة، بما فيها المحرم دوليا، وفي بعضها الاخير كما في الحرب على اليمن، التي لا يهتم احد لمصير الملايين من اهلها الفقراء كتبة تاريخ الامجاد العربية، يمكن استخدام الاسلحة المحرمة دولياً والمعادية للوجود الانساني ذاته..
انها حرب متوحشة..
لكن اليمن التي احترف شعبها الحرب ستصمد، في قلب الموت الذي يُصدره الاشقاء الاغنياء إلى مدنها الغنية بتاريخها، والتي صمدت لإذلال الفقر كما لحرب الاخوة المتنكرين لأصولهم..
وهي ستصمد بإرادة شعبها الذي صد الغزاة والطامعين، بمن فيهم آل سعود.. ويذكر التاريخ أن الملك الراحل عبد العزيز آل سعود قد طلب من ابنه الامير فيصل التراجع وعدم السقوط في فخ اليمنيين الذين تركوه يتقدم في أرضهم الوعرة حتى يفقد الاتجاه، فيكرون عليه ويهزمونه شر هزيمة.
لكن هؤلاء اليمنيين الاذكياء، بناة الحضارة، وبناة المملكة المذهبة ذاتها، بعقولهم كما بسواعدهم، قبل أن يُطردوا منها خوفاً من ذكائهم وحنكتهم ودهائهم وبراعتهم في التجارة.. لكن هؤلاء اليمنيين المقاتلين الاشداء، حتى في قلب الجوع، سينتصرون مرة أخرى على محاولة السعوديين استعمارهم واستتباعهم، وهم الاذكى والأثقف من مهاجميهم من الجو بالنابالم والكوليرا..
فالأرض تنصر أهلها،
ولم يسبق أن نجح أي طاغية أجنبي في احتلال اليمن، ولن ينجح السعوديون اليوم في ما فشلوا فيه عبر التاريخ.

مقالات من السعودية

للكاتب نفسه

دول آبار النفط والغاز تتهاوى

طلال سلمان 2020-11-18

اليوم، بتنا نفهم حرص المستعمر- بريطانيا بالأساس - على إقامة دول تتضمن رمالها أو سواحلها احتمالات بوجود النفط والغاز. فاذا ما ظهر هذا او ذاك من أسباب الثروة كانت لغير...