بينما يتهاوى العداء تجاه العدو القومي، قاهر الإرادة العربية، محتل الأرض المقدسة، الكيان الإسرائيلي الذي أقيم بالقوة على أرض فلسطين،
وبينما تتبارى الأنظمة العربية في افتعال الخصومات فيما بينها، وتتبادل الحملات الإعلامية ويغرق الجميع حتى الاذنين في الحرب ضد الذات،
وبينما تجر السعودية معظم الأنظمة في أقطار الخليج العربي إلى حرب ظالمة ضد اليمن، ويتواطأ الطيران الحربي "العربي" مع الكوليرا ضد واحد من أفقر شعوب العالم، وتستقدم المرتزقة من أربع رياح الأرض لقتال الشعب اليمني العريق، بطل الفتوحات الإسلامية،
وبينما تقاتل بعض الدول العربية بمرتزقة تشتري ولاءها بالدينار أو الدولار أو الريال المذهب، ضد سوريا بذريعة نظامها، وضد العراق بذريعة انهيار نظامه الذي دمره الاجتياح الأميركي في العام 2003،
بينما يجري ذلك كله، فينشغل العرب عن عدوهم القومي بحروبهم ضد الذات، بغض النظر عن البادئ بالخصومة أو من يرد عليها بذريعة الدفاع عن النفس.. تتابع دولة العدو بناء المستوطنات فوق الأرض الفلسطينية بوتيرة غير مسبوقة، فتجتاح الأرض التي يفترض – نظرياً – إنها من "نصيب" شعب فلسطين الذي طُرد من مدنه وقراه إلى دنيا التشرد واللجوء، لكي يوسع العدو كيانه ــ جغرافياً ــ ويزيد من أعداد المستوطنين الغرباء المستقدَمين ليحتلوا أرضاً لشعب كان شعبها على مر الدهور.
في هذا الوقت بالذات، تنفجر حرب غير مفهومة بين "الأشقاء الأغنياء" الذين استقلوا بأنفسهم عن سائر أشقائهم الفقراء، واصطنعوا لأنفسهم نادياً للأغنياء بثروة لم يتعبوا في اكتشافها أو في استخراجها، أو حتى في حسن استثمارها، بل كان ذلك كله وما زال في أيدي المستثمرين الأجانب الذين جنوا منها الثروات الخرافية، واسترهنوا بها أبناء الارض، اذ تواطأ الحكام على شعوبهم مع قوى النفوذ الاجنبي، وهي قوى الاستعمار القديم، فبقي الرعايا، ملايين الرعايا، في حال الفقر التي ولد عليها أجدادهم وعاش بها آباؤهم، ويعيشون هم على الفتات، بينما يهدر حكامهم ثروة البلاد الوطنية على مباذلهم وعلى أسباب حماية عروشهم التي يتعهدها الأجنبي بالثمن الباهظ.. وآخر دفعة على الحساب ما عاد به الرئيس الأميركي دونالد ترامب من زيارة اليوم ونصف اليوم إلى السعودية، أي ما قيمته أربعمئة مليار دولار، مع وعد بأضعاف أضعافها خلال السنوات القليلة المقبلة..
أما بعد انفجار الحرب بين الرياض والدوحة، ولأسباب غير مفهومة حتى اللحظة، فقد انفتح باب المزاد. وهكذا سارعت قطر إلى عقد صفقة طائرات بوينغ أميركية بقيمة 12 مليار دولار، هي أول القطر ثم ينهمر..
أما العدو الاسرائيلي فقد جنى الجائزة الكبرى: افتتاح خط الطيران المباشر من الرياض إلى مطار اللد في الأرض الفلسطينية المحتلة، مع إعلان رئيس حكومة العدو ذاته عن "تمنيه" بأن يستطيع، قريباً، استخدام هذا الخط الذي دشنه ترامب لزيارة الرياض منتقلاً من الأرض المقدسة إلى الارض المقدسة..
ومن خسر أرضه لا حاضر له ولا مستقبل، ولا كرامة لحياته.
فكيف بمن يخسر مع الأرض، الفضاء. والأخطر: إرادته في أن يكون صاحب الأرض بمائها وفضائها ومخزون ما تحت رمالها من ثروات، وما فوقها من كرامة لأصحابها وإيمان بقداستها.
كيف والأشقاء الأغنياء يقتلون إخوتهم الفقراء ويقاتلون بهم، ثم يبيعون دماءهم للمحتل، لا فرق بين أن يكون اسرائيلياً او مموهاً بالراية الأميركية.
على الهامش: جائزة لمن يستطيع التفريق بين مواطن سعودي ومواطن قطري..
أما اليمني، وهو الأرقى، فمختلف جداً!