ابتلي عدد من الجامعات المغربية بثلة من الأساتذة الذين يعانون من كبت جنسي، ومعه أو قبله "إدراك" بأن مناصبهم تسمح لهم باستغلال سلطتهم في هذا المجال. يجري أحياناً ابتزاز الطالبات ومقايضتهن بالعلامات مقابل الجنس، أو استغلال الطالبات الجامعيات المُقبلات على شهادات الإجازة أو الطامحات إلى التسجيل في سلكَي "الماستر" أو "الدكتوراه". وليس ذلك فحسب، بل جنى آخرون مالاً من خلال التوسّط للطلبة في التسجيل في تلك السلاك.
فما هي أبرز الحيل التي يعتمد عليها هؤلاء، وكيف يوظفون مناصبهم؟ وهل من أمل للحد أو القضاء على الظاهرة التي تسيء إلى الجامعة المغربية؟
الفساد هو الأساس
تعاني بعض الجامعات المغربية من فساد إداري ومالي وأخلاقي. يمنح "الثعلب" علامات سيئة للطالبة ليَسهل عليه استدراجها. ويكيل للساعيات الى الماستر والدكتوراه المديح والثناء إلى أن يوقعهن في حبائله.. ورد في كتب التراث "إن من البيان لسحرا".
كما أن بعض الطالبات الكسولات يتحرشن بالاساتذة، وهكذا تصير الكسولات متفوقات على زملائهن!
"الثعلب" يلهث وراء المال ويعشق الهدايا والعطايا، يتدخل لتسجيل طلبة من علية القوم في سلكي "الماستر" و"الدكتواره" دون اجتيازهم للامتحان، بعد أن يدفعوا له مالاً طبعاً. يرافع من أجل تسجيل برلمانيين وموظفين سامين في الإدارة المركزية، عرفوا باستغلالهم للنفوذ وتوظيف معارفهم وشبكة علاقاتهم الواسعة للحصول على شهادات عليا عنوة، بغية الترقية الإدارية وليس حباً في البحث العلمي الأكاديمي، وشاع عنهم ممارستهم للشطط في استعمال السلطة. فيحرم بالتالي طالبات وطلبة فقراء حصلوا على علامات جيدة ومشرفة بكدهم وسهرهم، ولم يحظوا بفرصة التسجيل في ذلك السلكين. يقول المغاربة: "ما دمت في المغرب، فلا تستغرب".
يساهم "ثعلبنا" في تدني مستوى التعليم العالي بالجامعات والكليات. وبسبب ضعف مستواه الفكري والثقافي قرر أن يعمل أيضاً كبائع للسيارات المستعملة، وسمساراً مختصاً في كراء المنازل والشقق وبيعها. قضى "ثعلبنا" ثلثي عمره في الجامعة دون أن يؤلف كتاباً واحداً، الأمر الذي أضحى يؤرقه ويقض مضجعه. فما العمل يا ترى ليصير باحثاً وكاتباً؟ يلم دروساً ومحاضرات في كتاب، يطبعه مطلع كل موسم دراسي، ويفرض على كل طالب ابتياعه وإحضاره يوم الامتحان الشفوي ليوقعه له، ويدوّن اسمه عليه بقلم جاف لكي لا يتسنى له إعارته لزميل له.
يحصل من أحضر معه الكتاب على علامة جيدة، ويطرح عليه الأستاذ الجامعي الأكاديمي اسئلة بسيطة في الامتحان الشفوي، ويجني من لم يشتر الكتاب نقطة سيئة. يُطلب ممن لم يحضر الكتاب اقتنائه من المكتبة المقابلة للجامعة، قصد اعتماده في الامتحان الشفوي. يبدو أن إحضار الكتاب إلى الامتحان فرضُ عين على كل طالب وطالبة.
سطا على أبحاث الطلبة ونسب نتائج واستنتاجات أبحاثهم إلى نفسه، وادعى أنه هو من أنجزها وخلص إلى نتائجها، ونشرها في مؤلفات باسمه، وحصل على درجات عليا بفضلها، وارتقى في سلم الإدارة.
معطيات!
واقع الجامعة في البلد اليوم مغر للصيد بالنسبة ل"الثعلب الباحث". إذ حلت ثلاث جامعات في مراكز متأخرة تجاوزت المرتبة 181 عالمياً، حسب ما ورد في تصنيف الجامعات في العالم لعام 2017، الذي أعدّته مؤسسة (times higher education).
نسبة اكتظاظ الطلبة بالجامعة المغربية مرتفعة جداً، وبلغت 162 في المئة، بعد تضاعف عددهم بين سنة 2008 و2017 مقابل تطور عدد الأساتذة خلال الفترة نفسها بنسبة 38 في المئة.
سيتقاعد 300 أستاذ باحث خلال العام الجاري و 143 إطار إداري وتقني، وتحتاج الجامعة المغربية إلى 1200 أستاذ باحث و630 موظف إداري وتقني.
سيتعمق هذا الخصاص كل سنة، إلى حدود عام 2022 وهذا بالنسبة للأساتذة الباحثين والأطر الإدارية والتقنية التي بلغت سن التقاعد، دون احتساب الذين يستوفون شروط الإحالة على التقاعد النسبي الذين يتجاوز عددهم 12 ألف إطار، منهم 6 آلاف أستاذ باحث.
تبلغ ميزانية قطاع التعليم العالي مليار و630 مليون و197 ألف درهم، منها 920 . 755 مليون درهم خصصت للنفقات والمعدات، فيما تصل ميزانية برامج البحث العلمي والتكنولوجي إلى نحو 169 مليون درهم. حسبما ورد في تصريح محمد حصاد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي في عرض قدمته الوزارة أمام لجنة التعليم بمجلس النواب لتدارس مشروع ميزانية 2017.
ما الحل في نظر "النقابة الوطنية للتعليم العالي"؟ المنظمة تقول "إن 4500 أستاذ جامعي سيتقاعدون بحلول 2018، وأن عدد الطلاب سيرتفع إلى مليون طالب وطالبة سنة 2018" . وحذرت النقابة من "النقص المهول الذي يعرفه التأطير البيداغوجي والإداري للمؤسسات الجامعية بالبلد، بسبب ارتفاع سن الأساتذة الجامعيين وإحالة عدد كبير منهم على التقاعد، مما ينذر بكارثة حقيقة في قطاع التعليم العالي".
وترى النقابة أنه لتعويض النقص في أساتذة التعليم العالي، لابد من "توظيف ألف أستاذ جامعي جديد كل سنة، وهو رقم تقول النقابة إنه لن يتحقق، لأن معدل المناصب التي خلقتها الحكومة في قطاع التعليم وصل إلى 500 أستاذ فقط". واعتبرت النقابة أن "تحويل الدكاترة من المؤسسات العمومية إلى الجامعية لن يحل المشكل لأن أغلب هؤلاء الدكاترة المحولين يتجاوزون 60 سنة، مما يعني أنهم سيقضون على الأغلب 5 أو 6 سنوات في التعليم الجامعي ويتقاعدون"..