"يتركز نشاط وإنفاق وزارة الثقافة المصرية على دعم أنشطة الوزارة نفسها، ونادراً ما تقدّم الوزارة دعماً لأنشطة وبرامج المجتمع المدني. وفي الحالات القليلة التي دعمت الوزارة أنشطة أو برامج ثقافية من خارج الوزارة، يتم هذا بشكل غير منتظم ومن دون شفافية أو وضوح في أسباب هذا الدعم أو حجمه". هكذا يشرح القيّمون على "مدد" أسباب قيامهم بمبادرة لدعم الثقافة في مصر، تحت عنوان "لماذا مَدد الآن؟".
تعرّف "مدد" عن نفسها كمؤسسة مانحة مصرية مستقلة، تموَّل من تبرعات الأفراد والهيئات والمؤسسات والبنوك والشركات، وتقوم بدورها بتمويل المشاريع الثقافية المحليّة في كل أنحاء مصر.
يطرح القيّمون على المبادرة مشكلة تمركز أنشطة وزارة الثقافة في المدن الكبرى، وبالذات القاهرة والإسكندرية، مقابل إهمال هيئات الثقافة الحكومية شبه التام للريف المصري والصعيد، وتراجع الأنشطة في البلدات والمدن الصغيرة، بالإضافة إلى غياب كامل عن العشوائيات والأحياء الفقيرة. تكمن أهمية هذه المبادرة في كونها تستهدف جمهوراً مهمّشاً من مناطق دائماً ما تُستثنى من دائرة اهتمام نشاطات الوزارة التي باتت تقتصر على دعم النخبة وقطاعات الثقافة والفنون التابعة للدولة دون غيرها، والاهتمام بالنشاط الثقافي أو الفني الذي يخدم المشروعات السياحية.
"مدد" برنامج تابع لمؤسسة المورد الثقافي ويعمل برعايته، مدرج تحت تبويب "برامج وأنشطة" على الموقع الخاص به. المشاريع الثقافية المحلية التي تدعمها المبادرة تهدف الى تقديم خدمات ثقافية من نوع عروض مسرحية، تدريب في الفنون، ندوات أدبية، حفلات موسيقية، مهرجانات واحتفالات شعبية، برامج فنية وثقافية في المدارس، إكتشاف مواهب فنية جديدة، عروض سينمائية، معارض فنون، وغيرها.
على صفحة فيسبوك الخاصة بـ "مدد"، يعرّف القيّمون عن مموّلي المبادرة وعن كيفية تقديم الدعم الذي يأخذ شكل منح مالية للأفراد والجمعيات والمؤسسات والشركات وغيرها، "عن طريق مسابقة مفتوحة تعلن ثلاث مرّات سنوياً. ويقوم باختيار الفائزين محكّمون من أعضاء الهيئة التأسيسية ومن يستعينون به من المتخصصين".
تسمح قناة يوتيوب الخاصة بالمورد الثقافي بالاطّلاع على عدة فيديوهات توضح نماذج من عمل مبادرة "مدد"، من خلال مشاريع تمّ إنجازها في أحياء شعبية مهمّشة في أماكن مثل المنيا وإمبابة وأرض اللوا وأسيوط..
في الثاني من شهر كانون الاول/ديسمبر الفائت 2015، أقامت "مدد" لقاءً خاصاً تحت عنوان "عاوزينكم معانا" في الجامعة الأميركية بالقاهرة، تمّ فيه عرض مشاريع موّلتها في دورتها الأولى والثانية، بالإضافة للإعلان عن المشاريع الفائزة بالدورة الثالثة.
جاء في المركز الأول للمشاريع الفائزة بمنحة تلك الدورة "مشروع الخيمة" الهادف إلى تنظيم ثلاثة مهرجانات مسرح في أماكن مختلفة بمحافظه المنيا. وفي المركز الثاني حلّ مشروع ورشة طباعة "لست وحدك"، التي "تخدم من 10 إلى 20 طفلا من ذوي الاحتياجات الخاصة في مجال الإعاقة الذهنية والسمعية بمؤسسة "أحلام الغد" بمنطقة حلمية الزيتون لتعريفهم بأنواع الطباعة المختلفة.."، وحلّ في المركز الثالث مشروع "ورشة كوميكس" في محافظة الفيّوم، بالإضافة لمشاريع أخرى ستستفيد من المنح. ويلاحظ تنوّع المناطق المستفيدة منها.
في أحد الفيديوهات التعريفية بمدد، يتكلم أحد الشباب العاملين معها عن استغراب الناس من الشبان والفتيات الذين يدخلون حيهم ويرسمون على الحيطان أو يحضّرون ساحة لاحتفال موسيقي. قد يُسمعونهم بعض التوجيهات الدينية من محافظين، أو اعتراض بعض الناس في الأحياء، أو مجرّد استغراب وأسئلة عمّا يجري.. قبل أن يألفوا وجودهم سريعاً وينخرطوا بالعمل أو المشاركة بحضور الأنشطة.