نظرية كل شيء

أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى جديدة تقضي بأن قتلى التظاهرات ليسوا شهداء، لأنهم كانوا داعين إلى الفتنة. وبعدها بأيام صدر قرار المحكمة الإدارية في مصر والقاضي بأن ثورة يناير ثورة عظيمة. سمع أحد القضاة بالحكمين الأخيرين، ففهم إلى أين يمضي مسار التشريع المصري. وعندما وقف أمامه متهم بالقتل أصدر عليه حكماُ بالمؤبد لأنه بالإضافة لكونه قاتلاً "كان ينام متأخراً ويصحو متأخراًوهو ما تم
2015-12-24

شارك

أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى جديدة تقضي بأن قتلى التظاهرات ليسوا شهداء، لأنهم كانوا داعين إلى الفتنة. وبعدها بأيام صدر قرار المحكمة الإدارية في مصر والقاضي بأن ثورة يناير ثورة عظيمة.
سمع أحد القضاة بالحكمين الأخيرين، ففهم إلى أين يمضي مسار التشريع المصري. وعندما وقف أمامه متهم بالقتل أصدر عليه حكماُ بالمؤبد لأنه بالإضافة لكونه قاتلاً "كان ينام متأخراً ويصحو متأخراًوهو ما تم التعارف على كونه عادة مضرة تؤذي النفس وتضر بالصحة". وقرر آخر إعلان أن الأصدقاء غادِرون وأن على الإنسان الحذر من أصدقائه قبل الأعداء. وسمع المواطنون هذا فبدأت تدور في خلدهم أسئلة أخرى، مثلاً: من اغتال كينيدي؟من المسؤول عن حريق القاهرة 1951؟ومن السبب في الحب، القلب أم العين؟ وبدأت المحكمة الدستورية العليا بالتعاون مع دار الإفتاء تصدر أحكاماً للرد على هذه التساؤلات.  
وتوالت الأحكام إلى أن كتب فقيه دستوري جهبذ أن فائض الأحكام القضائية يعني بوضوح أن البلد تحتاج دستوراً جديداً. واقترح في مقاله تبويباً جديداً للدستور الجديد، والذي من المفضل أن يبدأ بباب "الأدلة القانونية على وجود الله"، والثاني"معنى الحياة"، والثالث "تاريخ العالم"، والرابع "نكتة أعجبت الدولة"، والخامس "قصص عن أبناء القضاة والمستشارين في مصر"، والسادس "أفضل القطع الموسيقية في العالم".
وردت عليه مستشارة قانونية مهتمة بدراسات الجندر بالتساؤل عن وضع المرأة في الدستور المُقترح، واقترحت إضافة باب عن "نصائح الدولة للأمهات الحوامل". ووافق الفقيه القانوني على رأيها برحابة صدر. كما كتب قانوني بارز إنه على الدستور الإجابة عن سؤال أزلي يدور بخلد جميع البشر، فهو رغم تحوله إلى نكتة إلا أن أحداً لم يقدم دراسة جادة في محاولة للإجابة عليه، وهو أيهما السابق، البيضة أم الفرخة؟ وقال إنه لو أضيفت للدستور محاولة لشرح وجهة نظر الدولة حول هذه المعضلة، فسيكون هذا أكبر إنجاز يضاف للفكر الإنساني منذ عصر الفلسفة الإغريقية. وقضت جميع النخبة القانونية في مصر أشهر طويلة في محاولة للرد على هذا السؤال. 
ولكن الدستور وُضع وأقر رغم كل المصاعب، وتخطت الدولة الطريق الصعب. 
طُبع الدستور في مليوني صفحة، وأظهرت إحصائية أنه تضاف له مادة جديدة كل ثلاث ثوان، وتصدر طبعة جديدة بأوراق زائدة كل يومين. صحيح أن هذا تسبب في أزمة أوراق رهيبة لسنوات طويلة، ولكن يكفينا فخراً أننا كتبنا دستورنا وعلّمنا العالم شيئاً وأضفنا بصمتنا أخيراً إلى التاريخ الإنساني. 

نص نائل الطوخي ورسم مخلوف