كنا نرغب في السباحة. رأينا المستنقع فتوقفنا عنده. شعر أضخمنا حجماً بالرغبة في أن يكون زعيماً، فنظر إلى المستنقع وسأل، لماذا لا نسبح فيه؟ نحن نريد السباحة والمستنقع جميل في هذا الوقت، فلماذا لا؟ قال له شخص بنظارة أن هناك أيضا البحيرة، وهي لا تبعد كثيراً، وربما يستحسن أن نسبح فيها، فلا فائدة تُرجى من السباحة في المستنقع.
شعر أضخمنا حجماً بالإهانة من التعليق فقال، لا، سنسبح في المستنقع. وستسبح معنا، وستكون أولنا. أصلاً من قال إن البحيرة أجمل من المستنقع؟ توقف عن ترديد كل هذا الكلام المحفوظ. كان أضخمنا حجماً ضخماً حقاً، ولذلك قلنا إنه يستحيل أن يقول رأياً خاطئاً.
وتهديداً له، أخرج أضخمنا حجماً مسدساً وأطلق النار على الشخص الذي بنظارة، فبدأ الأخير يسبح في الوحل بذراع يسيل منها الدم، وضحكنا نحن على منظره كثيراً، وهتفنا لأضخمنا حجماً فرحين بسداد رؤيته. ثم بدأنا نسبح نحن أيضاً في المستنقع فرحين. وبينما نحن في قلبه رأينا أن بعضاً منا لم ينزلوا وإنما يتأهبون للذهاب للبحيرة، فأخرجنا جميعاً مسدساتنا وفتحنا النار عليهم بمنتهى السعادة والمرح، ومات منهم الكثيرون، واختبأ البعض الآخر بين الأشجار.
ولكن الوحل في المستنقع كان ثقيلاً وكنا نغوص فيه، وكنا نحاول التقدم خطوة فتنغرس أقدامنا عشر خطوات. ومن بعيد بدأت التماسيح تهاجمنا، وبدأت تأكل ناساً منا، وبدأ صوت مضغها يمتزج بصوت الريح. وتسلل إلينا الخوف أننا سنموت جميعاً الآن ولن يرانا أحد في الظلام.
وهنا مال علي واحد منا وأشار نحو الأشجار على الشاطئ، وسألني، هل تعرف أين هم هؤلاء الذين لم يأتوا معنا؟ قلت له، لا. فضيق عينيه وقال، أنا أعرف. أكيد يجلسون بين الأشجار ويضحكون علينا. وفور أن أنهى جملته ظهر تمساح ضخم والتهم رأسه في غمضة عين.
غلا دمي بالغضب ضد هؤلاء الذين يجلسون بين الأشجار ويضحكون علينا، وأخرجت مسدسي ومضيت أضرب النار باتجاههم بجنون. وعندما أتى التمساح وأكل ذراعي في قضمة واحدة، التفتُ نحو هؤلاء الذين بين الأشجار وصرخت فيهم أننا سننتقم منهم يوماً ما. وكانت هذه آخر جملة أنطقها في حياتي.
نص نائل الطّوخي ورسم مخلوف