سجال حول "تعثر مدينة روابي في الضفة الغربية" لرجا الخالدي

نقاشات هامة أثارها نص رجا الخالدي تعثر مدينة روابي في الضفة الغربية المنشور في السفير العربي بتاريخ 1 تشرين أوّل/أكتوبر 2015 وقد قمنا هنا بتجميعها وترجمتها (بعضها كان بالانكليزية)، وهي سمحت ببلورة
2015-10-08

شارك
مشروع "روابي" قرب رام الله

نقاشات هامة أثارها نص رجا الخالدي تعثر مدينة روابي في الضفة الغربية المنشور في السفير العربي بتاريخ 1 تشرين أوّل/أكتوبر 2015 وقد قمنا هنا بتجميعها وترجمتها (بعضها كان بالانكليزية)، وهي سمحت ببلورة فكرة الكاتب الذي عاد فأدلى بدلوه في هذا السجال.
اختصرت الأسماء إلى الأحرف الأولى لأن أصحابها لم يتوقعوا ربما نشر ردودهم المرسلة مباشرة إلى الكاتب.

    
ك.ك:
والله فكرة جهنمية لو أتيح لها أن تُطبق، ولكن للأسف فإن "أبناء العم" سيعارضونها بكل قواهم
هم يريدون التخلص منا وأنت تفكر باستقدام المئات من المهاجرين واللاجئين الفلسطينيين.
هذا من سابع المستحيلات، اذا كان عباس يحصل على تصريح وموافقة لدخوله وخروجه من رام الله، ورئيس وزرائه مُنع من الدخول الى القدس فاستدار وعاد على أعقابه.
فليحل الكارثة الإنسانية من فعلها، فكارثة اللاجئين الفلسطينيين الموجودين بالضفة حتى الآن لم تحل بل تتفاقم، وأنت تطلب قدوم المزيد من اللاجئين! ليذهبوا الى جميع انحاء العالم حتى يشعر الجميع بتأنيب الضمير بعد أن تشدقوا بالديموقراطية والإنسانية، فسقط القناع عن وجوههم وبانوا على حقيقتهم العنصرية والفاشية.

ر.م:

مقالتك ذكية وأنت تحاول التفكير إيجابياً بهذا المشروع القذر. من طبيعة مخططات "بونزي" التي يقوم بها المتمولون، تأجيل أيّ محاولة للتفكير والمناقشة إلى أن يفوت الوقت.
(مخطط بونزي Ponzi Scheme هو أحد وسائل الاحتيال. يقوم على استعمال مال المستثمرين الجدد للدفع إلى المستثمرين القدامى..).

و.أ:

وجهة نظرك مثيرة للاهتمام. أعتقد أنّ العيش في مدينة اصطناعية كهذه أفضل للاجئي سوريا مما يمرّون به. حاول الكثيرون دفعي لشراء شقة في "مشروع روابي" لكن بعد أن ذهبت إلى هناك أكثر من مرّة وسمعت ما يقوله مسؤولو المبيعات قررت ألّا أفعل، لأنّني شعرت أنّ كلّ بناء هناك سيتحول إلى مخيم لاجئين مرتفع جداً. الفراغات بين هذه الأبنية على ارتفاعها أقل من الفراغات بين عمارات رام الله قليلة الطوابق نسبياً. عندما قلت لأحد مسؤولي المبيعات إنّ "روابي" بعيدة عن رام الله ذهب بعيداً في إجابته: "قريباً، سنسمع الناس يقولون إنّ رام الله بعيدة عن راوبي"!
لاحظت أيضاً أنّ الوضع في الطريق الوحيد المؤدي إلى "روابي" سيكون كارثياً إذا ما تعطّلت سيّارة ما هناك، في إحدى ساعات الزحام النهاريّة أو الليلية. أعتقد أن اقتراحك بخصوص لاجئي سوريا مبتكر وعملي لكنّني أعتقد أن "روابي" التي يفترض أنّها تتميّز بكونها مدينة حديثة بنيت من لا شيء لم تحظ بتصميم جيد.
ل.هـ:
أتفق تمام مع و.أ . وبعيداً عن الجدل حول التمويل والتصميم والتعاقد مع إسرائيليين، فإنني أعتقد أنّ "روابي" ليست مدينة حقيقية، ولا أظنها تملك مقومات المدينة فهي مصمّمة على طريقة المستوطنات. من ناحية التصميم لا إبداع يجعل هذه مدينة فلسطينية حديثة، فمعظم العمارات والشقق بلا شرفات، كما في الشيكونات الإسرائيلية. وباعتقادي أنّه مع حجم الأراضي الكبير، التي حُصل على معظمها بطرقٍ غير قانونية ومن دون التزام أخلاقي نحو مالكيها، كان يمكن للوضع أن يكون أفضل. لقد دفعني الفضول لزيارة المشروع ولم يعجبني ما رأيته. لو كان لديهم نيات صافية لاستثمروا بطرقٍ مختلفة وفي أماكن أخرى يحوم حولها خطر المصادرة ربما. هنا أصل إلى ما أعجبني في المقالة، وهو أنّك طرحت الموضوع من جميع الزوايا وقلت بوضوح إن بإمكان الناس أن يفكّروا وأن تكون لديهم الجرأة للحديث عن طبيعة المشروع وأهدافه.

ي.هـ:

أعتقد أنّ ما طرحته في نهاية المقالة حول إسكان اللاجئين في "روابي" سيثير دهشة الكثيرين. كنت قد أشرت إلى شيءٍ من هذا القبيل قبل سنوات، أليس كذلك؟. وزارة خارجية السلطة ما فتئت تقول في الإعلام إنّها تراقب أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الفارين من سوريا (أيّا كان معنى هذا) عن كثب، مع الإشارة إلى إمكانيّة السماح لمن يرغب منهم بدخول مناطق السلطة.

رجا الخالدي:

أدرك طبعاً أنّني ذهبت بعيداً في ما طرحته، لكنّ الاقتراح جديّ، فلطالما أنّ أبو مازن ورياض المالكي، وزير خارجية السلطة، قد طرحا مسألة استقبال اللاجئين من اليرموك ـ وهذه مناورة ديبلوماسية ممتازة - لا بدّ أن يكون هناك تخطيط لإسكانهم بطريقة لائقة من دون تشتيتهم. فهل من مكان أفضل من مدينة يمكن إتمام بنائها بسهولة

ن.كـ:

تكمن إشكالية هذا الطرح على الأرجح في مدى توافق شكل عودة اللاجئين هنا مع طبيعة حق العودة. إجبار إسرائيل على السماح للفلسطينيين الفارين بحياتهم من سوريا بالقدوم إلى فلسطين سيكون إنجازاً حقيقيّاً لكن إذا لم يحدث ذلك هل سنكون قد ثبتنا حق العودة بناءً على القرار 194 عبر استيعابهم في الضفة الغربية (أو المطالبة بهذا الاستيعاب)؟ على كل حال، لا يجدر تجميع هؤلاء اللاجئين في مكان واحد، سواءً كان "روابي" أو غيرها، يكون بمثابة غيتو في الضفة الغربية. من جهة أخرى، هل سيختار اللاجئون القدوم إلى الضفة الغربية بينما تفتح لهم أنجيلا ميريكل ذراعيها؟ وفي هذا الصدد، هل يتوجّب اختبار رغبة اللاجئين في العودة إلى فلسطين أم مدى التزامهم بحقّ العودة (كحقٍّ ثابت)؟ لقد خسرنا كثيراً ممن كان يمكن إعادتهم من لبنان في فترة اغترابهم وهجرتهم من هناك. ثمّة مسائل كثيرة تهدّد بأن يتحول اقتراحك الجدّي إلى وسيلة للاحتيال. أعتقد أنّ لدى بعض الصّحف من الأسباب ما يجعلها تصرّ على تقديم مثل هذه الأفكار لقرائها أيّاً كانت سياستها التحريريّة! في نهاية المطاف، إسرائيل لن تسمح بدخول لاجئي سوريا ونحن سنكون قد تنازلنا عن حقّ العودة.

رجا الخالدي:

لقد أعادت منظمة التحرير مئات الألوف من اللاجئين سابقاً إلى الضفة الغربية ومنحتهم الهويات من دون التنازل، فرضيّاً، عن حق العودة. وأنا أقول بوضوح استقبال أيٍّ من اللاجئين يجب ألّا يتعارض مع حقّ العودة المقدّس وفق الشرعيّة الدّوليّة.
هذه الفكرة ليست جديدة، وربما لا تكون عمليّة، لكنّ شنّ حملة دبلوماسية لإجبار إسرائيل على الموافقة فعل صحيح (ومتوافق مع حقوقنا)، وحتى لو لم تنجح الحملة فإننا سننتهي إلى ضرب صورة إسرائيل وتحسين صورة أبو مازن بعض الشيء. الرجل أراد أن يفجّر قنبلة، وهذه فرصته لإلقاء هذه القنبلة على المجتمع الدولي. إذا فكرنا اجتماعيّاً فباعتقادي أنّ 50000 لاجئ يعودون بهذه الطريقة لن يرغبوا في أن يعيشوا متفرّقين، بل إنّهم سيسعون لإعادة خلق مساحاتهم المشتركة، لا أن يعيشوا جماعاتٍ معزولة حول الضّفة الغربيّة. هذا يشبه ما حدث في مخيّم اليرموك وفي المخيمات الأخرى حيث تجمّع أبناء كلّ قرية في حيّ معاً. لقد كنّا نقول دائماً إنّه عوضاً عن تفكيك مستوطنات الضّفة التي ستنسحب منها إسرائيل يجب استخدام هذه المستوطنات لإيواء العائدين. والمستهدفون هنا ليسوا أولئك الذين وصلوا بأمان إلى ألمانيا وراحوا يسمّون بناتهم أنجيلا ميركل (حدث فعلاً) بل المستهدف هم من يواجهون أشدّ المخاطر في لبنان وسوريا.
أوافقك الرّأي حين تقول إنّ من هم في السلطة يمكن أن يسخروا من المقترح لكنّني أتلقى ردود فعل إيجابية من أصدقاء مثلك سرّهم ما كتبته، وهؤلاء الأصدقاء هم من أكتب له في نهاية الأمر.

م.ك:

أشعر بالغضب دائماً حيال محاولات الحديث، بالنيابة، عن تطلعات ورغبات اللاجئين.

ي.س:

أعتقد أنّ هذا الاقتراح محفوف بالمخاطر، فتطبيق حقّ العودة تدريجيّاً مع لاجئي اليرموك سيفتح المجال للقضاء على هذا الحقّ لاحقاً لسبب "عمليّ" هو أنّ عدد المستوطنين أكبر من عدد الفلسطينيين. يجب ألا تغيب عن بالنا الطريقة التي أوصلت العائدين إلى المنطقة (أ) أوّل مرّة.

ج.ج:
مقالة ممتازة. شكراً لك. أتمنى أن يُنفّذ ذلك، لكن "من هم في السلطة" لا يملكون القدرة على فعل الأمر للأسف.

س.أ:

اضم صوتي (العالي عادة) للأصوات القائلة إن مقالتك ذكية يا رجا والاقتراح أذكى.
من تمك لباب السما، يا رب نشوف اللاجئين في سوريا في بلدهم فلسطين اولا، ومعلش بعدين منسب عليهم متل ما نعمل مع كل عائد الى الوطن. تراث مقدور عليه.

ك.بـ:

أشكرك على المقال الجميل، لكنّني أعتقد أنك طرحت مسألتين لا رابط بينهما أبداً، أعني عودة اللاجئين من جهة ومشروع "روابي" من جهة أخرى. المسألة الأولى سياسية وإنسانية بينما الثانية مرتبطة باقتصاد السوق. دمج هاتين المسألتين بهذه الطريقة المصطنعة، أو دعني أقول "الهزليّة"، ليس عادلاً بحقّهما.
اللاجئون يجب أن يعودوا وواجبنا أن نساعدهم في اختيار مكانٍ يستقرون فيه سواء في الضفة الغربية أو في غزة، ولا يجب وضع هذه العودة في حزمة واحدة مع مبدأ "اشتر واحداً واحصل على الثاني مجّاناً" المرتبط باقتصاد السوق. يوجد في رام الله والبيرة أكثر من 4000 شقة فارغة يمكنها أن تستوعب 24000 شخص. أمّا بالنسبة لمشروع "روابي" الذي لا أظنّ أنّ فشله مستحيل طالما أنّ مشاريع أخرى من قبيل "مشروع الدّولة"، ومنظمة التحرير، والضمان الصحي، والتعليم، والزراعة، والسياحة.. قد فشلت بامتياز ولم يقل أحد إنّها أكبر من أن تفشل (هذا ما تمليه العقلانية وما تمليه السياسة). هذا المشروع الذي جاء من رحم اقتصاد السوق المرتبط بطريقة الحكم النيوليبرالية في ظلّ استقلالية محاصرة (الاستثناء داخل الاستثناء) يجب أن ينفّذ تبعاً للمفاهيم نفسها، أي إنّ علينا ترك هذا المشروع يمضي بالطريقة نفسها التي وجد فيها وفق قواعد لعبة اقتصاد السوق، فإذا نجح الأمر يمكن إعادة تجربة "روابي" ثانية (في أريحا مثلاً) أمّا إذا فشل فسنوّفر على نفسنا الجدل حول الجغرافيات الجديدة ونماذج التمدين (في مواقع ريفيّة على كلّ حال).
شكراً لك ثانيةً على المقالة الجريئة التي يمكن أن تدفع النقاش حول عودة اللاجئين ـ الفارين من سوريا على الأقلّ ـ إلى الواجهة.

رجا الخالدي:

شكراً على ردّك العميق والمباشر. أتفق معك في كون الاقتراح عرضةً لأن يعتبر هزلياً، وقد كنت واعياً بشكلٍ من الأشكال إلى أنّ المروّجين لـ "روابي" يمكن أن يعتبروا ما طرحته نكتة سمجة.
أظهر ن. ك في تعليقاته مخاوفه المتعلّقة بإعادة توطين العائدين في مكانٍ واحد، وما لذلك من آثارٍ على حقّ العودة، كما أنّ آخرين عبّروا لي عن اعتقادهم أنّ أحداً غيري كان يمكن أن يقدّم هذه المقترحات التي يرجّح عدم حصولها على رعاية سياسية. لا أريد أن أبدو مدافعاً شرساً عن فكرتي لكنّني سألخص فيما يلي وجهة نظري حول هذه الأمور:
• أّوّلاً: ارتباط مشروع "روابي" باقتصاد السوق وارتباط مقترحات منظمة التحرير حول استقبال العائدين بالسياسة (وبمجرّد اتخاذ مواقف) لا يعني عدم إمكانية إيجاد حلول مشتركة أو اختلاق هذه الحلول. ما أقوله في الواقع هو أنّ مصلحة الجماعة يجب أن تتقدّم على مصلحة السوق. إضافة إلى هذا فقد أردت أن أشدّد على أنّ طرح منظمة التحرير هذا الجيّد ـ والنادر - يجب أنّ يتابع بدأب أيّاً كانت طريقة إعادة التوطين.
• ثانياً: المشروع في الحقيقة أكبر من أن يفشل لأنّ أطرافاً كثيرة لن تسمح له أن يفشل، وستمتلئ الشقق بالسكان أيّاً كانت الطريقة حتى ولو اضطّر بشار المصري إلى البيع بأبخس الأثمان. في الوقت نفسه، أعتقد أنّ هذه التجربة الاجتماعية لن تنجح وفق المخطط على الأرجح، بل إنّ هناك احتمالاً أن تعطي نتائج عكسية على مساحاتنا المدنية وربما على طريقة عيشنا أيضاً. أحد رجال المبيعات في روابي قال لزبون قلق من أنّ "روابي" بعيدة عن رام الله إنّنا قريبا سنسمع الناس يقولون إنّ رام الله بعيدة عن "راوبي". أنا شخصيّا أفضّل رام الله ونموّها العفوي ـ والمدهش أحياناً ـ على نمط الحياة الفلسطيني الجيّد المقترح في "روابي" (هذا إذا تغاضينا عن ضجيج رام الله).
• ثالثاً: أمّا بالنسبة لـ"تصوّر العودة" ـ وهذا عنوان أحد مشاريع جمعية زوخروت ("الذاكرة") ــ فهذا شيء لم نقمْ به بشكلٍ منظّم سابقاً، ومن هنا تنبع مصادفة تدفّق العائدين من تونس بعد أوسلو الذين عادوا إلى قراهم ومدنهم وبلداتهم الأصلية أو إلى رام الله (في حالة لاجئي 48). وهذه مصادفة طبيعية حتماً. لذلك إذا أردنا الدفع بجدّية نحو استقبال 50000 عائد، وإذا أردنا أن نجد حلّاً سريعاً لاستيعابهم، فلا مكان أفضل من مدينة جاهزة تستطيع رغم كلّ عيوبها المحافظة على تماسك النسيج الاجتماعي لأبناء اليرموك الذين يشكلون نسخة مصغّرة عن قرى الجليل التي هُجّر معظمهم منها. هؤلاء لن يطلقوا على أحياء "روابي" أسماء نباتات ومناطق طبيعية خلّابة بل سيطلقون عليها أسماء عكّا، وحيفا، وترشيحا، وصفد... أعتقد أنّ توزيع اللاجئين في أماكن متفرقة من رام الله والضفة الغربية ليصيروا "توانسة" جدد ليس أفضل من جعلهم يبدؤون حياتهم الجديدة معاً وأن تكون لهم الفرصة في العمل، والحياة، وحتى الصلاة، مجتمعين. المشكلة الكبيرة هي أنّ أناساً مثلي ومثلك يجلسون الآن في رام الله ويضعون تصوّرات لمستقبل العائدين كما لو كانوا موضوع مقالة، وكما لو أنّنا نعرف ما هو الأفضل لهم.. هندسة اجتماعية.. لكن من جهة أخرى، ألم يقل قائد جماعة الفهود السود (بلاك بانثرز) بوبي سيل يوماً: "اغتنم الفرصة"؟ على المرء أن يحاول دائماً حتى ولو كانت أفكاره غير ناضجة تماماً.