ليس من محاسن الصدف الحديث عن زيادة تعرفة الماء والكهرباء في وقت واحد وهما شريانان لا تستقيم الحياة إلا بهما. الحديث عن رفع تكلفة الكهرباء غير مقنع بهذا التعميم المُخلّ. ما هي التكلفة المعنية التي يريد الوزير العاجز عن توفير الكهرباء تغطيتها؟ نريد إجابة تفصيليّة عن تكلفة التوليد في سطر وتكلفة التوزيع في السطر الثاني وتكلفة الإدارة في السطر الثالث. ويبدو، قبل أن يبينوا ولن يبينوا، أن هذا الوزير يريد منا كشعب أن ندفع لبحبحة العاملين على الكهرباء في شركاتهم الخمس، وندفع لتشغيل استراحات مروى والدمازين وأساطيل السيارات. قارنوا لنا التكلفة المائية والحرارية بدول الجوار كمصر والسعودية.
أما القول بأن الشرائح الضعيفة فلن تطالها الزيادة فهذا إمّا خداع وإما جهل بالاقتصاد. التاجر أو المصنع الذي رفعت له التعرفة سيأخذها مضاعفة من المستهلك. وظهر ذلك جلياً في الأسواق بعد رفع الدعم عن الوقود. لن يوقف تاجر مكيفاته ولا مصنع موتوراته، ولكنه سينتزعها من المستهلك انتزاعاً.
أما الماء فكيف تركته هذه الحكومة يصل إلى هذا الحد؟ السودان ليس الصحراء الغربية ولا صحراء الربع الخالي، بل بلد أنعم الله عليه بكل هذه الأنهار، لكن تعجز حكومته ذات الـ 79 وزيراً والمساعدين الستة وكبيرهم، والولاة الثمانية عشر ومن خلفهم وزراء ومعتمدون.. عن سقاية شعبها، فذاك عيب لا يدانيه عيب.
كيف تحدثون الشعب بعين لا تدمع وطيلة أيام الانتخابات التي يكون برنامجها تخفيف المعاناة (في اعتراف ضمنيّ بالمعاناة)، وعندما يأتي الجِدّ، بدلاً من تقليل النفقات الحكومية ومعاشات الجيوش والسياسيين والمتكسبين من السياسة، تُطالبون الشعب بزيادة تعرفة المياه.
والحكومة إن أرادت، قادرة على توفير المياه. فوزير المعادن يتحدث عن 43 طن ذهب في ستة أشهر، وبنك السودان يتحدث عن ودائع ملياريّة من دول الخليج. فأين تذهب هذه الأموال؟
أيها البرلمان الذي تنتظره الكهرباء ليجيز لها الزيادة. إن فعلتم سقطتم في عين الشعب.
من مدوّنة استفهامات