مولاي، نظّف برهانك الديني الذي تحاورني به من الشتائم وتعال. تدّرب على نطق جملة مفيدة واحدة بلا لعن ولا إساءة ولا تحريض وتعال. جرّب قبل أن تجادل عن المدنية أن تنبش تراثك وتمسح نصوصك الوعظية من تراب الكراهية وتطهرها من نجاسة العنف، وتعال.
كيف تحاور، بل كيف تتحاوران أنت وغريمك الطائفي، وليس في قاموسك غير التعالي ومفردات التباغض، قبل أن تتقرب مني وتؤسس لي عراقاً مدنياً، تقرّب من أخيك في الشرور والإرهاب. منذ مئات السنين ما زادتكم محاولات التقارب إلا تباعد، وأي تباعد، مثلكم كمثل من اسمه «أنا أكرهك» يجادل آخر اسمه « أنا أكرهك أكثر». كيف تقدّم نفسك له وكيف يقدّم نفسه لك. أم كيف تتعايشان.
اِنشغلْ يا مولاي برقعة ثوبك التي عرّضها كل هذا الخراب وطوّلها كل هذا العوز والفساد في موطني، ودعك من ثوبي. ولا تعيّرني بلون قميصي الذي تتحقق فيه شرائط الستر والعفة أكثر من عمامتك.
كيف أصدّق حديثك عن الأخلاق والأعراف والتقاليد والذوق العام؟ وأنت لا قبل لك بتقاليدنا، لا تعرفنا ولا نعرفك، تُكَلِّمُنّا كداعرين وترشدنا كشذّاذ، ونحن أفطن منك وأعلَم، وقاسينا مهالك هذه البلاد أكثر منك. تحدثنا كحارس للأخلاق ولعدم الأخلاق، فأنت خبير بكليهما، وبيدك تفرق بينهما، فتقلّب الفضائل والرذائل حسبما شئت وتفصل بينهما كيفما اتفق مزاجك ولحظتك.
كيف أثق بدعائك لي بالأمن والسلام، ومشيتك في الشارع ترهب الآمنين وتربك المكان وتوزع المنكر والمنكرين.
مولاي، تَأدَّب.
مولاي، لا تمارس دور البصّاص والجاسوس والانتهازي، وأنت تعرف جيداً بأن لساني محبوس بفضل "حرية" سلطتك، وصوتي حسير بفضل جعيرك الكاتم للروح والجسد. مولاي لا تنتهز ضعفي وكن نبيلاً، فما الجبن إلا دياثة في النفس. تَأدَّب.
من صفحة مرتضى كزار على فايسبوك