مشروع النخيل القومي

قرّر المسؤولون المصريون أنهم بحاجة لمشروع قومي عملاق غير مسبوق، وتفتق ذهنهم عن زراعة نخلة فوق سطح برج القاهرة. جرت مناقشة الفكرة مع الرئيس، الذي قال بحسم إن البلاد تمر بلحظة خطيرة وإن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وأضاف إنه يريد أطول نخلة في العالم في خلال أسبوعين اثنين. نحن لا تنقصنا الموارد البشرية ولا قوة الإرادة. من هنا فكر أحد المسؤولين في أخذ خمس نخلات جاهزة، مزروعة وطويلة
2015-07-29

شارك

قرّر المسؤولون المصريون أنهم بحاجة لمشروع قومي عملاق غير مسبوق، وتفتق ذهنهم عن زراعة نخلة فوق سطح برج القاهرة.
جرت مناقشة الفكرة مع الرئيس، الذي قال بحسم إن البلاد تمر بلحظة خطيرة وإن الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك. وأضاف إنه يريد أطول نخلة في العالم في خلال أسبوعين اثنين. نحن لا تنقصنا الموارد البشرية ولا قوة الإرادة.
من هنا فكر أحد المسؤولين في أخذ خمس نخلات جاهزة، مزروعة وطويلة وتطرح البلح، وإصعادها على سقالات إلى سطح برج القاهرة. عندما نطق المسؤول بهذه الفكرة صفق باقي المسؤولين طويلاً بانبهار.
هكذا، وقبل افتتاح المشروع، شهدت القاهرة يوماً ملحمياً عندما حُملت النخلات الخمس على سقالات، وبدأت السقالات ترتفع للأعلى بواسطة محركات تدار من سطح البرج، ونقلت شبكات التلفزيون العملية كلها في بث مباشر.
وصلت النخلات إلى أعلى برج القاهرة، ونصبتها كتيبة عمال بحرص على الأرضية الجاهزة لاستقبالها. كان الرئيس يشاهد هذا على التلفزيون، فكّر قليلاً ثم اتصل تليفونياً بالشركة المموّلة، وسألهم عن الجِمال. قالوا "أي جمال يا افندم؟". قال: "النخلة تحتاج إلى جمل، من أجل المنظر السياحي على الأقل". وفي لحظتها صدر الأمر بمصادرة خمسة جمال من منطقة الهرم، وتحميلها هي الأخرى على سقالات عملاقة إلى أعلى البرج. بعدها بدقائق اتصل الرئيس ثانية بالشركة الممولة وقال إنه بجانب الجمال، لا بد أن يكون هناك فيل أيضاً، فالأطفال يحبون الأفيال، وعلينا أن نثبت للعالم أن مصر ليست فقط بلاد النخيل والجمال، وإنما قد تكون بلاد الأفيال أيضاً، إذا ما توفّرت العزيمة والإرادة الصادقة.
تزامن إذن صعود فيل وخمسة جِمال في وقت واحد على سقالات عملاقة إلى أعلى البرج، والجميع يشاهدون وينظرون، ولكن عند وصول الحيوانات إلى إفريز شرفة البرج، اكتشفوا أن مساحة الشرفة لا تسمح باستقبالها. ارتبكوا قليلاً، ولكن مدير المشروع أصدر أوامر صارمة لمديري تصوير المحطات التلفزيونية بإبعاد كاميراتهم وتصوير المشهد من بعيد، حتى يتخيّل المشاهدون أن الفيل والجمال قد دخلت بالفعل.
هكذا، صحيح أنه تمّ زرع أطول نخلة في العالم فوق برج القاهرة، كما كان مقرراً للمشروع في صيغته الأصلية، ولكن الفيل والجمال الخمسة مازالت معلقة في الهواء بجانب شرفة البرج، وذلك لتجنب الفضيحة وتشويه سمعة مصر في حال نزلت الحيوانات مرة أخرى إلى أرض القاهرة.

 

نص نائل الطوخي ورسم مخلوف

 


وسوم: العدد 154