للسيساوي فرحتان وحزنٌ واحد

 كان المثقف السيساوي فرحاناً عندما أغلقت محطة مترو السادات، لأن هذا يعني أن القبضة الأمنية للدولة هي المسيطرة، ولأن هذا سيمنع الانفجارات وسيمنع الفوضى وسيمنع مظاهرات الإخوان في ميدان التحرير، وسيؤكد على حضور الدولة، وفوق هذا، فقد امتلأت محطة السادات بالشحاذين والباعة الجوالين قبل غلقها. أصبحت مكاناً لا يطاق ويشوه صورة مصر. وظل المثقف السيساوي فرحاناً بعد فتح محطة السادات، لأن
2015-06-25

شارك

 كان المثقف السيساوي فرحاناً عندما أغلقت محطة مترو السادات، لأن هذا يعني أن القبضة الأمنية للدولة هي المسيطرة، ولأن هذا سيمنع الانفجارات وسيمنع الفوضى وسيمنع مظاهرات الإخوان في ميدان التحرير، وسيؤكد على حضور الدولة، وفوق هذا، فقد امتلأت محطة السادات بالشحاذين والباعة الجوالين قبل غلقها. أصبحت مكاناً لا يطاق ويشوه صورة مصر.
وظل المثقف السيساوي فرحاناً بعد فتح محطة السادات، لأن السيسي أثبت هكذا أنه شخص وطني وحريص على مصلحة الناس ولا يريد لشعبه التعب. ولأن هكذا ستصبح مصر بلداً جميلاً بمحطة مترو مفتوحة، بعد أن كانت طبعاً بلداً جميلاً بمحطة مترو مغلقة.
ولكن هل ننسى أن المثقف السيساوي إنسان أيضاً، وأنه يحزن مثلما يفرح؟
يحزن المثقف السيساوي من الناس الذين كانوا يصرخون بسبب غلق المحطة، ولكن عند فتحها لم يشكر أحدهم السيسي. المثقف السيساوي حزين لأن الناس لا تشكر السيسي على أنه فتح لهم المحطة، التي كان هو نفسه من أغلقها. وهكذا فقد تأكد المثقف السيساوي أنه مهما فعل السيسي، ولو اعتقل أربعين ألف مواطن ثم أفرج عن مئة شخص، فلن يشكره أحد. أي خذلان هذا! أي نكران للجميل! والنتيجة التي توصل إليها هي أن هناك مجموعة من المصريين مصابة بالازدواجية، ولا هم لها إلا عدم شكر السيسي، تشغل وقتها ليلاً ونهاراً بعدم شكر السيسي. هم العدو فاحذرهم، يقول المثقف السيساوي.
هكذا يمكننا الزعم أنه وراء فرحتَي السيساوي، وراء ابتسامتيه وضحكتيه وقهقهتيه، فهناك حزن عميق، عميق للغاية، من الناس التي لا تشكر السيسي.
اشكروا السيسي يا أولاد، اشكروه لأنه أغلق المحطة لأجلكم، ولأنه فتحها لأجلكم، لأنه اعتقل أربعين ألف لأجلكم، ولأنه أفرج عن مئة شخص اعتقلهم لأجلكم، لأنه عادى الإخوان لأجلكم، ولأنه إن صالحهم فسيصالحهم لأجلكم، اشكروه حتى يفرح المثقف السيساوي أخيراً، فرحته الثالثة العميقة.

نص نائل الطوخي ورسم مخلوف